تعوّل الحكومة العراقية على القروض والاستثمارات لتوفير ما نسبته 57 في المئة من تمويل مشاريع في بنيتها التحتية. وأكد مدير «المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي» كمال البصري، أن ترتيب العراق ضمن قائمة الدول الجاذبة للاستثمار بدأ يتراجع. وأشارت دراسة أجراها إلى أن المبررات التي يسوّقها المناهضون لقانون البنى التحتية بهدف عدم إقراره، غير موضوعية، وأن تعطيل قانون الاستثمار كان بسبب اعتراض بعض النواب، لاعتباره يفتح الباب أمام الفساد وهدر المال وإغراق العراق بالديون. وأضاف أن الفساد والهدر في المال العام لا شك سيكون أقل، لأن الحكومة غير مُلزمة بالدفع إلى حين إكمال المشروع بالمواصفات الكمية والنوعية المطلوبة. وأوضح البصري أن الخيار الاستراتيجي للإعمار يتمثل في تبني الحكومة عقود مشاركة مع القطاع الخاص، نتيجة استمرار غياب التشريعات المرنة وضعف بيئة الاستثمار وشح تخصيصات الموازنة الاتحادية الاستثمارية، وعدم الشعور بالمسؤولية وغياب القدرات الفنّية لإدارة المشاريع في الدوائر والمؤسسات المعنية. ولفت إلى أن تكاليف إعادة الإعمار بعد عام 2003 لتأمين الحاجات الأساسية للمواطنين قدرت ب 187 بليون دولار لمدة سبع سنوات، بسبب الأوضاع السياسية التي مرت على العراق بعد حربه مع إيران التي تسببت بانهيار البنى التحتية. وأشار إلى أن تقرير وزارة التخطيط المتعلق ب «إستراتيجية التنمية الاقتصادية» أشار إلى أن الموازنة لا تستطيع توفير أكثر من 43 في المئة من هذه النفقات، على ان تؤمّن البقية عبر القروض والاستثمار. ولفت إلى تخصيص 80 بليون دولار عبر الموازنات لأربع سنوات متتالية، لكن الحكومة تمكنت من توزيع ما نسبته 63 في المئة فقط من هذه الأموال. وأكد أن التحديات لا تزال تواجه رجال الأعمال، ما جعل البيئة الاستثمارية في البلاد ضعيفة مقارنة بالدول الأخرى، على رغم وجود قانون استثماري يضم الكثير من الحوافز الضرورية. وأضاف أن البنك الدولي أشار إلى صعوبة ممارسة النشاطات الاقتصادية في البلاد، حيث تراجعت مرتبة العراق من 159 عام 2011 إلى 164 هذه السنة في ترتيب 183 دولة من حيث سهولة ممارسة الأعمال، في حين سجلت السعودية المرتبة 12 فيه مثلاً. وأفادت عضو لجنة الخدمات والإعمار سهاد العبيدي، بأن «نسبة لا بأس بها من نواب البرلمان أصبحت لديهم قناعة تامة بأن الخيار الاستراتيجي للإعمار هو تبني الحكومة عقود مشاركة مع القطاع الخاص، التي بموجبها تتفق الحكومة التي تمثل القطاع العام مع القطاع الخاص الأجنبي، أو المحلي، على تنفيذ مشاريع البنى التحتية ضمن مواصفات وفترة زمنية محددة». وأوضحت ان القطاع العام يدفع الأموال المستحقة على فترة زمنية تتراوح بين 5 و20 سنة، عند تسلّم مواقع المشاريع بالمواصفات المتفق عليها. وتابعت أن بعض النواب لديهم مخاوف من عودة العراق إلى دائرة الديون الخارجية، لكن هذه المرة هذه الديون تختلف عن سياسات الاستدانة التي مارسها النظام السابق، إذ وجهها حينها لتمويل الآلة الحربية والتسليح. وأكدت أن هناك شركات عالمية مستعدة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية، على أن تكون طريقة التسديد عبر فترات زمنية طويلة، لأن الموازنات السنوية غير قادرة على تغطية كل متطلبات التمويل.