القدس المحتلة - ا ف ب - قال ماهر حنون (50 سنة) الذي طردت السلطات الاسرائيلية عائلته من منزلها اول من امس: «قضيت ليلي على الرصيف قبالة منزلي اتأجج غضباً لأني لا استطيع ان ادخله وارى المستوطنين ينتقلون للعيش فيه ليحلّوا محلنا». وروى بصوت اختنق تدريجياً: «لقد مر الليل طويلا علينا».وكانت السلطات الاسرائيلية نفذت اول من امس امر طرد عائلتي حنون وغاوي البالغ عدد افرادهما 55 شخصاً من منزليهما في حي الشيخ جراح بعد رفض المحكمة العليا الاسرائيلية طلب استئناف تقدمت به العائلتان لوقف التنفيذ. وتقدمت بطلب الطرد الى المحكمة منظمة خاصة بالمستوطنين تدعى «نحالات شيمون انترناشونال». ويعتبر حي الشيخ جراح من اهم احياء القدسالشرقية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وضمتها، وفيه مقار قنصليات عدة دول مثل فرنسا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا والسويد، في فيلات تحيط بها حدائق. وتخطط السلطات الاسرائيلية لبناء اكثر من 250 وحدة سكنية في الحي. وكانت البلدية الاسرائيلية في المدينة اعطت الضوء الاخضر لتنفيذ هذا المشروع. وبيت عائلة حنون بيت حجري قديم تتدلى على جدرانه اغصان الياسمين ودوالي العنب ويتكوَّن من نحو 10 غرف وبستان وكان يسكنه 17 فرداً. وبعد صمت، تابع ماهر حنون الذي افترشت عائلته الرصيف على بعد ثلاثين مترا من بيته: «الشجر والحجر حزين، الشجر يعرف اصحابه والحجارة تعرف اصحابها، في اي قانون او شرع يعطى الحق لأناس ان يقتلعونا من بيتنا الذي ولدت انا وابنائي فيه». ومع الصباح، بدأ النائمون بطي فرشاتهم على الرصيف حيث جلس ماهر مع جيرانه والمتضامنين الأجانب. وعلقت على باب احد الجيران لافتات كتب عليها: «لا للتطهير العرقي». ووضعت الشرطة الاسرائيلية متاريس من الحديد واوقفت ثلاث دوريات امام بيت ماهر حنون، فيما وقف شرطيان امام البيت لحراسة المستوطنين. ودأب المستوطنون الذين يعتمرون قلنسوات سوداء على رؤوسهم ويدلون سوالفهم على المرور في سياراتهم بشكل مكوكي وسيارتهم تصدح بالأغاني العبرية وهم يتقدمون ببطء في كل دورة امام تجمع عائلة حنون واصدقائه وجيرانه والمتطوعين. وقال ماهر حنون: «رفضت ان آخذ خيمة من الصليب الأحمر لأننا سئمنا خيم اللاجئين. لا نريد اعادة منظر زمان. سنبقى في الشارع الى ان تحل قضيتنا». واوضح: «المستوطنون يقومون بعملية استفزاز لنا، والشرطة تتصرف في شكل مستفز تجاه بناتنا، واكثر ما استفزني عندما أخذ افراد الشرطة كرة قدم ابني التي تركناها في البيت وراحوا يلعبون بها وسط الشارع». واضاف: «حتى لو كانت القضية ملكية الارض التي يدعون بأنها ملكية يهودية، فليس لديهم اي حق باقتلاعنا من بيوتنا. هذا ضد القانون الدولي وضد حقوق الانسان». وقالت خولة حنون زوجة اخيه: «ما ان رأيت المستوطنين يدخلون بيتي حتى طار عقلي. لم استطع تحمل المنظر، شعرت بأني سأصاب بنوبة قلبية». واوقفت الشرطة احدى سياراتها في شكل عرْضي لإغلاق الطريق امام منزل عائلة غاوي، ولم تسمح لسيارات العرب المتضامنين بالوصول اليه، بينما سمحت لسيارات المستوطنين بالتجول. وقال ناصر عبد الفتاح الغاوي الذي طردت عائلته المكونة من 38 شخصاً من منزلها: «لقد نمنا في الشارع وسنبقى في الشارع ننتظر رحمة الله وفرجه علينا». وتابع وسط ضجيج الاطفال من حوله: «لقد نام الاطفال والنساء في الفندق، وبقينا نحن الرجال والمتطوعين في الشارع». وتابع ناصر غاوي: «جرى اشتباك بين افراد عائلتي والشرطة صباح اليوم (الاثنين)، وضربت الشرطة اثنين من شبابنا بالهراوات، ونقلتهم الى المستشفى للعلاج، وهما رهن الاعتقال هناك». واوضح: «الشرطة تقوم باستعراض عضلات واستفزازنا، وتنتهز اي فرصة للاعتداء علينا». وزار مبعوث الامين العام للامم المتحدة روبرت فيري امس العائلتين للاطمئنان عليهما وكتابة تقرير عنهما بحسب العائلتين. وكانت الشرطة الاسرائيلية اعتقلت مساء الاحد 13 متظاهراً من الاسرائيليين والفلسطينيين الذين كانوا يحتجون على طرد العائلتين، علماً ان نحو 200 شخص تظاهروا في الحي الاحد. تنديد من الجامعة العربية وباريس وفي القاهرة، دانت الجامعة العربية في بيان طرد العائلتين، معتبرة ان هذه الخطوة من شأنها تعزيز سياسات تهويد القدس وتطبيق شعار «يهودية» دولة إسرائيل. وحذرت من خطورة هذه الإجراءات الإسرائيلية العنصرية، كما أدانت قرار المحكمة الإسرائيلية في هذا الشأن، كما دانت فرنسا امس الاجراءات الاسرائيلية، واعتبرتها «غير قانونية بنظر القانون الدولي ومضرة بعملية السلام».