في أسوأ سلسلة تفجيرات تستهدف حلب، قتل ما لا يقل عن 40 شخصاً غالبيتهم من العسكريين، وأصيب نحو 90 بجروح في تفجيرات منسقة هزت وسط حلب، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطين وشهود. وقال المرصد السوري نقلاً عن مصادر طبية في حلب، إن «معظم القتلى والجرحى من القوات النظامية التي استهدفتها التفجيرات في نادي الضباط وحواجز القوات النظامية». وأضاف المرصد أن القتلى والجرحى سقطوا «إثر انفجار أربع سيارات مفخخة بمدينة حلب، ثلاثة منها انفجارات في ساحة سعد الله الجابري ومداخلها وسيارة رابعة انفجرت بالقرب من غرفة التجارة في باب جنين». يأتي ذلك فيما يواصل الجيش السوري عملياته في ريف دمشق ضد قوات المعارضة. كما تواصلت الاشتباكات والمواجهات في إدلب، ما أدى إلى مقتل نحو 15 جندياً نظامياً. واستمرت التوترات على الحدود التركية السورية، إذ قتل وجرح أمس عدد من الأشخاص بسقوط قذائف داخل الأراضي التركية من سورية. وعن تفجيرات حلب، قال نشطاء معارضون إن أربعة تفجيرات عنيفة هزت منطقة تخضع لسيطرة الحكومة بالقرب من ناد لضباط الجيش في المدينة، ما أسفر عن مقتل 40 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 90 آخرين. وقال التلفزيون السوري الرسمي إن التفجيرات الأربعة وقعت، بفاصل دقائق بعضها عن بعض، في ساحة سعد الله الجابري الرئيسية، ثم انفجرت قنبلة خامسة على بعد بضع مئات من الأمتار على مشارف المدينة القديمة حيث دارت اشتباكات بين القوات النظامية ومسلحي المعارضة. وقال مراسل التلفزيون السوري: «بعد خمس دقائق من الانفجار الأول، كان هناك انفجار ثان بسيارة مفخخة بداخلها انتحاري امام الفندق... وانفجر الثالث بعد عشر دقائق... وكان هناك سيارة ملغومة رابعة انفجرت قبل ان تتمكن وحدات الهندسة من تفكيكها». وعرض التلفزيون لقطات لثلاث جثث تنكر أصحابها في أزياء جنود، وقال التلفزيون إن قوات الامن أطلقت النار عليهم قبل أن يتمكنوا من تفجير أحزمة ناسفة كانوا يرتدونها، وكان أحدهم يمسك في يده مفجراً في ما يبدو. وأعلن مقاتلو المعارضة عن شن حملة جديدة في حلب، العاصمة التجارية للبلاد والتي يسكنها 2.5 مليون نسمة، لكن لم يحقق أي من الجانبين مكاسب كبيرة في ما يبدو حتى الآن. وجاءت التفجيرات بعد أسبوع من تفجير مقاتلي المعارضة مباني عسكرية في وسط دمشق واشتباكهم مع قوات الأمن لعدة ساعات. وكان هذا اكبر هجوم في العاصمة منذ 18 تموز (يوليو)، عندما أسفر تفجير قنبلة عن مقتل عدد من كبار مسؤولي الأمن، منهم آصف شوكت صهر الرئيس السوري ووزير الدفاع وقائد عسكري كبير. وحلب منقسمة حالياً بين قوات النظام الموجود أغلبها في الغرب، ومقاتلي المعارضة في الشرق. وشهدت ساحة سعد الله الجابري عدداً من الاحتجاجات الكبيرة المؤيدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وعرضت قناة «الإخبارية» الموالية للحكومة السورية لقطات لأربع جثث إحداها مغطاة بالتراب بعد إخراجها من تحت ركام مبنى منهار ووضعت على ظهر سيارة نقل. ودمرت التفجيرات واجهات الكثير من المباني المرتفعة في الساحة وأحدثت حفرة عميقة في الطريق. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن التفجيرات وقعت قرب ناد للضباط. وكان مصدر عسكري قال لوكالة «فرانس برس» إن سيارتين مفخختين انفجرتا بفارق دقيقة في شارعين قريبين من ناد للضباط يقع في ساحة سعد الله الجابري، وبعد ذلك انفجرت سيارة ثالثة على مسافة 150 متراً من الساحة في حي باب جنين عند مدخل البلدة القديمة. إلى ذلك، قال ناشطون وشهود إن القوات السورية النظامية قامت منذ صباح امس بهجوم واسع على عدد من البلدات الواقعة في الريف الغربي لدمشق، مشيرين إلى تحرك عسكري غير اعتيادي في هذه المنطقة. وتحدث «المرصد السوري لحقوق الانسان» عن قصف مدينتي قدسيا والهامة اللتين تشكلان «معقلي الجيش السوري الحر» (المكون من منشقين ومدنيين حملوا السلاح) «بالدبابات من قبل القوات النظامية التي تقوم كذلك بحملة دهم واعتقالات وتفتيش في المنطقة». وقالت احدى الناشطات من دمشق عرّفت عن نفسها باسم أليكسيا، إن «الجيش هاجم بالفعل قدسيا والهامة ولكن لم يتم ذلك بعنف». وقالت الناشطة ل «فرانس برس»، إن جميع المداخل والمخارج الى هاتين الضاحيتين قد قطعت، و «الناس محاصرون في الداخل وقوات النظام حالت دون مغادرة كثير من الأسر». وفي ضاحية دمر المجاورة، أفاد صحافيو «فرانس برس» وسكان المنطقة عن وجود ما لا يقل عن ثلاث دبابات وسبع شاحنات عسكرية يستقلها عشرات الجنود في الشوارع. كما حالت السلطات دون توجه سائقي السيارات، بما في ذلك الأسر التي تقل أطفالها إلى المدرسة، إلى العاصمة، وإرغامها على العودة عند الحواجز. وقُطعت أربعة مداخل مؤدية من دمر إلى المدينة على الأقل، وفقاً لمراسلي «فرانس برس». وتحولت عدة بلدات في محافظة دمشق مسرحاً لقتال عنيف منذ منتصف تموز (يوليو). ويسعى النظام الى السيطرة على المدينة الواقعة شرق العاصمة وعلى الغوطة التي ينتشر فيها عدد كبير من المقاتلين المعارضين، وفق المرصد. واكدت صحيفة «الثورة» الحكومية، أن «ايام تلك الميليشيات باتت معدودة رغم ما تتلقاه من امدادات مالية وعسكرية ورغم الضغط السياسي والاعلامي على سورية». وفي ادلب، قتل 15 جندياً على الاقل في هجمات شنها مقاتلو المعارضة، وفي معارك في بلدة بمحافظة ادلب شمال غرب سورية، كما أفاد المرصد السوري. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد ل «فرانس برس»، إن «عدة مجموعات من المقاتلين هاجمت بشكل متزامن ثلاثة حواجز في بلدة بداما في منطقة جسر الشغور ودمرتها، وتلت ذلك معارك عنيفة»، من دون ان يتسنى له إعطاء حصيلة من جهة مسلحي المعارضة. وبعد يوم من مقتل سوريين كرديين بإطلاق نار من الاراضي التركية داخل الحسكة في سورية، افاد شهود «فرانس برس»، ان العديد من القتلى والجرحى سقطوا امس في بلدة بجنوب شرق تركيا جراء قذائف اطلقت من الجانب السوري للحدود. وقال احد سكان بلدة اكجاكالي إن «امراة تمزق جسدها في انفجار امام عيني. هناك ايضاً قتلى آخرون وجرحى بينهم اطفال». وتعرضت هذه البلدة في الايام الاخيرة لسقوط رصاص طائش وقذائف جراء المعارك المتقطعة المستمرة بين الجيش النظامي السوري والمقاتلين المعارضين في محيط موقع تل الابيض الحدودي السوري.