قالت مصادر نيابية مسيحية ل «الحياة» إن الاتفاق الوحيد بين أعضاء لجنة المتابعة المنبثقة من اجتماع القيادات المارونية قبل أشهر برعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي، والتي اجتمع أعضاؤها ليل أول من أمس، برئاسته، هو رفض القانون الحالي المعروف بقانون الستين الذي يقسّم لبنان إلى 24 دائرة انتخابية، فيما بقي الخلاف قائماً بين الفاعليات والأحزاب المسيحية على المشروع البديل. وذكرت المصادر أن الإيجابية التي نجمت عن دعوة الراعي اللجنة إلى الاجتماع هي تجديد التواصل بين الفرقاء المسيحيين بعدما تبادل رموزهم الاتهامات حول من تسبب بفرط الاجتماع والتوافق المسيحي على قانون الانتخاب، بعدما كان انطلق من مشروع اللقاء الأرثوذكسي الذي يتوخى انتخاب المسيحيين نوابهم لضمان صحة التمثيل على النظام النسبي، وعدم ترجيح فوزهم بالنيابة من قبل الناخبين المسلمين في الدوائر الوسطى أو الموسعة. وذكرت المصادر أن اجتماع اللجنة الذي شارك فيه النواب بطرس حرب، جورج عدوان، ألان عون وسامي الجميل والوزيران السابقان يوسف سعادة وزياد بارود، عرض المشاريع المتداولة بعد تأكيد بيان المطارنة الموارنة رفض قانون الستين، بدءاً بمشروع «الكتائب» و «القوات» وحرب الذي يقترح 50 دائرة على أساس النظام الأكثري والذي عارضه النائب عون معتبراً أنه لا يؤمن انتخاب المسيحيين أكثر من 50 نائباً (من أصل 64) خلافاً لحسابات معدي المشروع الذين يتوقعون أن يمكّن المسيحيين من انتخاب 56 نائباً على الأقل. ورفض مسيحيو 14 آذار مشروع الحكومة القائم على النظام النسبي و13 دائرة واعتبر عون وسعادة أن في الإمكان رفع عدد الدوائر إلى 15 دائرة. وفيما تعود اللجان النيابية إلى الانعقاد الثلثاء المقبل لمواصلة البحث في مشروع الحكومة، كلفت لجنة بكركي خبراء دراسة هذا المشروع ومشروع اللقاء الأرثوذكسي ومشروع مسيحيي قوى 14 آذار والعودة إلى الاجتماع عند جهوز هذه الدراسة، برعاية البطريرك الراعي. ويحاذر نواب «المستقبل» الإدلاء بمواقف حاسمة حيال مشروع حلفائهم المسيحيين في قوى 14 آذار حول الدوائر الخمسين الصغرى، ويتركون الباب مفتوحاً للبحث مع رفضهم الكامل مشروع الحكومة ومشروع اللقاء الأرثوذكسي، بينما يعتبر نواب «جبهة النضال الوطني» بزعامة وليد جنبلاط أن «الرفض المطلق للمطارنة الموارنة لقانون الستين (النافذ حالياً والذي أجريت على أساسه انتخابات 2009) هو إقفال للباب على هذا الاحتمال بطريقة خاطئة. ويضيف هؤلاء: «ماذا إذا لم يتفق الفرقاء على المشروع البديل في وقت أكد المطارنة وجوب إجراء الانتخابات النيابية في موعدها؟ عندها لن يكون أمامنا إلا أن نجريها على أساس القانون الحالي، كأمر واقع على الجميع، في ظل رفض العماد عون مشروع الكتائب والقوات ورفض الأخيرة مع «المستقبل» مشروع الحكومة الذي يؤيده عون لأن أساسه النسبية. وينتقد نواب «جبهة النضال» تفصيل القوات والكتائب مشروعاً يعتقدون أنه يؤمن الأكثرية لهم ولتيار «المستقبل» من دون جنبلاط وتفصيل مسيحيي 8 آذار مشروعاً يعتقدون أنه يؤمن لهم الأكثرية من دون جنبلاط أيضاً. لكن «تيار المستقبل» حساباته مختلفة في ما يخص موقع جنبلاط الانتخابي ومع الأخذ في الاعتبار هذا الموقع والثقل الذي يمثله. تمحورت المواقف السياسية امس حول القانون الجديد للانتخابات النيابية، واعتبر وزير العدل شكيب قرطباوي أن «المسيحيين يعيشون اليوم هاجس ما جرى خلال خمسة عشر عاماً، واليوم يحاولون تكريس حقّهم باختيار جميع النواب، وخصوصاً نوابهم». ولفت الى أن «المشروع الذي أقرته الحكومة على اساس النسبية يفيد كل الناس ويمثل الجميع، ويزيل التهميش، وتقسيم الدوائر الوارد فيه غير منزل، ونحن منفتحون على النقاش». وإذ أكد أن «النسبية لا تهمِّش أحداً»، أشار الى أنها «قد تؤدي الى خسارة حزب الله وحركة أمل بعض النواب». مضيفاً: «الانتخابات ستجري في موعدها، ولكن ليس على أساس قانون الستين، وهذا ما نعمل على إنجازه». وتطرق قرطباوي في حديث ل «صوت لبنان»، إلى التعيينات القضائية، مشدداً على أن «استمرار التأخير في تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى والمدعي العام التمييزي لم يعد جائزاً، ولن أقبل باستمرار هذا الوضع، ولن أوقع على شيء غير مقتنع به». وأقر «بوجود مشاكل كثيرة يعاني منها القضاء في لبنان تعززها لغة السياسيين المزدوجة». وعما أثير من تدخلات سياسية في عمل القضاء في قضايا العميد فايز كرم، والوزير السابق ميشال سماحة وقضية الكويخات، قال: «أتحدى أي شخص أن يقول إنني تدخلت في هذه القضايا»، طالباً من وسائل الإعلام «مساعدة القضاء وعدم وضعه تحت ضغط نفسي». وعن تأخر القضاء في ملاحقة المسؤولين عن عمليات الخطف، قال: «صحيح أن التنفيذ تأخر، إلا أنه وبجهد مشترك من قوى الجيش وقوى الأمن والقضاء، ضُبطت هذه الأمور، واليوم لدينا عشرات الموقوفين». وطالب وزير الدولة مروان خيرالدين بقانون «يعتمد النسبية لتحقيق ما هو مذكور في اتفاق الطائف»، معتبراً أن «قانون ال60 يشكل خطراً ويسبب شرخاً كبيراً داخل البلد». وعن موقف رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من قانون الانتخاب، أجاب أن «القانون الأكثري يضمن لجنبلاط أن يستمر في لعب الدور الوسطي في البلد، فيما قانون النسبية يقلص حجمه. أما جعجع فيستطيع أن يطلق مواقف حول قانون الانتخاب، لكنه لن يستطيع الخروج عن طوع حليفه الأساسي الرئيس سعد الحريري، فيما حزب «الكتائب» مستقل ويستطيع أن يقرر أي قانون هو الأفضل بالنسبة اليه». ولفت النائب بطرس حرب الى أن «استحقاقات المستقبل غير مرتبطة بقانون الانتخاب بقدر ارتباطها بالوجود المسيحي». وقال: «نحن كقوى «14 آذار»، في حال تقدَّمَ الفريق الآخر بمشروع أفضل من الذي تقدمنا به مستعدون للقبول به، والآن (رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال) عون قال إن مشروعنا بحاجة إلى دراسات، وأقول له إننا قمنا بدراسات، وبالنسبة للطرح الأرثوذكسي في حال استطاع التيارالوطني الحر تأمين موافقة حلفائه من حزب الله وحركة أمل والسوري القومي الاجتماعي والبعث السوري، فنحن سنكون مستعدين للسير به، بغض النظر عن رأي حلفائنا». وإذ لفت إلى أن «النائب جنبلاط رافض للنسبية»، قال: «بالنسبة للمشروع الذي قدمناه هناك بعض النقاط التي يتحفظ عنها، لذلك سيكون هناك بحث معه (جنبلاط) لمحاولة تذليل تحفظاته بهدف الوصول إلى موافقته على المشروع». جابر واوغاسبيان وفضل الله وأكد عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر رفض قانون الستين. وقال: «نتضامن مع حليفنا التيار الوطني الحر في اقرار قانون انتخابي يؤمن التمثيل الانتخابي السليم». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية جان أوغاسبيان، أن «فريق حزب الله يعيش صعوبات كبيرة في ظل انهيار النظام السوري»، وقال: «نحن بعد عام 2000 وإلى اليوم نحارب حزب الله في السياسة وليس بالسلاح» . واضاف: «بالنسبة للدول العربية والأوروبية، يُعتبر لبنان رهينة بسبب سلاح حزب الله الذي أصبح سبباً لزيادة الضغوط المالية على لبنان». وأوضح عضو كتلة «الكتائب» إيلي ماروني، أن قول الرئيس بري إنه سيقبل بأي قانون انتخاب يتفق عليه المسيحيون «ينبع من معرفته بأن إمكان التوافق بين المسيحيين شبه مستحيل». ورأى أن «لدى جنبلاط ملاحظات على الدوائر الصغرى والاتصالات مستمرة معه، وطالما أن جنبلاط في الحكومة فهو من الأكثرية، ولا شيء واضحاً من موقفه حتى اليوم». وقال إنه سيقترح في الجلسة المقبلة ان يتم تعيين متحدث عن كل كتلة لتسريع المناقشات. وأكد عضو كتلة «المستقبل» سيرج طورسركسيان، أن «قانون الستين مرفوض»، مبدياً «اعتراضه على عدم محاورة الأرمن المتمثل بحزب الهنشاق في موضوع قانون الانتخاب من قبل 14 آذار، وخصوصاً من الكتائب والقوات والمستقبل». وأشار عضو الكتلة نفسها عمار حوري، إلى ان «الطائف يقول ان تجري الانتخابات وفقاً لقانون انتخاب جديد على أساس المحافظة ويراعي القواعد التي تضمن العيش المشترك»، معتبراً ان «الدائرة الصغرى هي الحل الأفضل لجميع اللبنانيين، وما يهمنا إزالة هواجس المسيحيين، ونريد ان نصل إلى قانون يزيل هذه الهواجس ولا يتسبب بهواجس لجهة أخرى». وأعلن عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» حسن فضل الله، «أن قانون الستين لم يعد صالحاً للانتخابات، لأنه سيؤدي بنا الى مزيد من الانقسام، وبعض الأفرقاء غيّر في قانون الستين ويقدم لنا قانون الدوائر الخمسين، وبعضهم يتطلع من الآن الى رئاسة الجمهورية وبعضهم يريد ان يستأثر بالسلطة من خلال قانون انتخابي يفصل المجلس على قياس فريق 14 آذار»، لافتاً الى أن هذا القانون «كانت له ظروفه بعد اتفاق الدوحة وانتهت بانتهاء الانتخابات». وقال: «هناك فريق أساسي في 14 آذار يريد ان يبقي على الستين، لأن هذا القانون تفوز فيه العصبيات المذهبية، والأموال ستتدفق على لبنان لشراء السلطة». وسأل: «هل يمكننا القبول بتسليم البلد الى هذا الفريق وقد جربناه عام 2005 وعام 2006؟». ورأى ان «النسبية تؤمن تمثيلاً صحيحاً وتشكل معبرَ الخلاص للبنانيين». وأثنى عضو تكتل التغيير نعمة الله ابي نصر على «تدخل البطريرك الراعي للتوصل الى قانون يؤمن التمثيل الصحيح للجميع»، وحذر «من العودة الى قانون ال60، لأنه أبعدَ المسيحيين عن مراكز القرار وجعل نوابهم مختارين من زعماء الطوائف الأخرى». ورأى ان «الناخب الكسرواني يعلم من يختار ولديه سجل واضح عن كل مرشح»، معتبراً ان «بروز مرشحين جدد دليل عافية». وشدد عضو التكتل نفسه سيمون أبي رميا، على أن «التمثيل الصحيح يكون بقانون اللقاء الأرثوذكسي الذي يوصل 64 نائباً مسيحياً»، داعياً النواب إلى «التقاط الفرصة التاريخية والموافقة عليه».