اختتمت في أديس أبابا أمس جولات المفاوضات السودانية التي شملت ما لا يقل عن سبع قمم بين الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت، باتفاق غير مكتمل لكنه يفتح الباب أمام معاودة تطبيع العلاقات بين البلدين الجارين اللذين كادا أن يدخلا حرباً شاملة في وقت سابق هذا العام. وفي حين وقّع وفدا البلدين مجموعة من الاتفاقات السياسية والأمنية والاقتصادية، إلا أن قضية أبيي بقيت مستعصية على الحل، وهو ما كانت «الحياة» قد أشارت إليه في عددها أمس. وعلى رغم ذلك، تُعتبر مفاوضات أديس أبابا ناجحة كونها أعادت وصل ما انقطع بين قادة البلدين وفتحت المجال أمام إعادة ضخ نفط الجنوب عبر أراضي الشمال، وهو أمر حيوي كونه يشكّل جزءاً أساسياً من اقتصاد البلدين. وأعلن رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ثابو مبيكي أن كبير المفاوضين السودانيين إدريس عبدالقادر سيغادر أديس أبابا في صحبة سلفاكير ميارديت إلى جنوب السودان، بينما يغادر كبير المفاوضين الجنوبيين باقان أموم في صحبة البشير إلى الخرطوم لاستكمال بعض الإجراءات الفنية. وجاء ذلك في وقت وقّع مفاوضو السودان وجنوب السودان مجموعة اتفاقات تعاون حول الاقتصاد والأمن في قاعة المؤتمرات بفندق شيراتون في أديس أبابا. وحضر توقيع الاتفاقات الرئيسان البشير وسلفاكير وحشد من الديبلوماسيين الغربيين ورئيس الآلية الافريقية ثابو مبيكي ورئيس بورندي السابق بيير بيويا. وفي مستهل حفلة التوقيع، وقف الحاضرون دقيقة صمت على روح رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ملس زيناوي الذي شكره المتحدثون من السودان ومن جنوب السودان على الدور الذي لعبه في سبيل الوصول إلى اتفاق بين الطرفين. وذكرت وكالة الأنباء السودانية أنه عقب توقيع الاتفاقات هلل الجانب السوداني وكبّر فيما هتف الجنوبيون «هاليلويا». وأشارت إلى أن البشير وسلفاكير تصافحا عند بداية مراسم الاحتفال، ثم تصافحا للمرة الثانية عندما ألقى سلفاكير خطابه، ومرة ثالثة عندما ألقى البشير خطابه. وتحدث البشير بالعربية في حين تحدث سلفاكير بالإنكليزية. وقال سلفاكير في كلمته إن الخرطوموجوبا لم تتمكنا «لسوء الحظ» من التوصل إلى اتفاق حول مستقبل منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها. وأضاف: «للأسف ان اخي (الرئيس) البشير وحكومته رفضا بالكامل اقتراح» الاتحاد الافريقي حول هذا الموضوع، مؤكداً أنه كان مستعداً من جانبه للقبول به. وأشارت وكالة «فرانس برس» إلى أن البشير الذي اعتلى المنصة مباشرة بعد سلفاكير لم يرد مباشرة على تصريحات نظيره الجنوبي لكنه تعهد «مواصلة السعي لايجاد حلول، بنفس الذهنية، للمسائل التي لم تحل ولا تزال عالقة أي مسألة أبيي». وتقبل الخرطوموجوبا حسم مسألة أبيي من خلال استفتاء على تحديد انضمامها إلى الجنوب أو البقاء ضمن دولة الشمال. لكنهما يختلفان في شأن من يحق له الإدلاء بصوته في الاستفتاء. ففي حين تصر جوبا على حصره بقبيلة دينكا نقوق الجنوبية، تتمسك الخرطوم بأن يشمل قبيلة المسيرية العربية. وقال كبير مفاوضي الجنوب باقان أموم إن انتاج النفط سيستأنف بنهاية العام بعد توقيع الاتفاق بين الخرطوموجوبا. وأضاف: «لقد بدأنا الاستعدادات بالفعل... وأعتقد انه بنهاية العام سيتدفق النفط». وأصدرت الحكومة السودانية بياناً تعهدت فيه أنها ستنفّذ «نصاً وروحاً... الاتفاق الإطاري الشامل والاتفاقات المصاحبة له في مجالات الأمن والاقتصاد والتجارة وحقوق المواطنة والحدود وأبيي».