انتعشت الآمال بإمكان التوصل إلى اتفاق أمني بين دولتي السودان وجنوب السودان يسمح بانشاء منطقة عازلة بينهما ومعاودة ضخ نفط الجنوب عبر الشمال، بعد تقارب مواقف الطرفين وتمديد إقامة الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت في أديس أبابا، وتزايد ضغوط الوسطاء والمبعوثين الدوليين على الجانبين. وبات راجحاً توقيع اتفاق بين الجانبين. وعقد البشير وسلفاكير جلستي محادثات أمس في مقر القصر الرئاسي في أديس أبابا في حضور أربعة من أعضاء فريقيهما المفاوضين، ورئيس الوزراء الاثيوبي هايلي مريام ديسيلين، وكبير وسطاء الاتحاد الافريقي ثابو مبيكي، قبل أن تقتصر المحادثات على الرئيسين مع مبيكي. وطرح على القمة ملف الأمن المرتبط بانشاء منطقة عازلة بين السودان وجنوب السودان عمقها عشر كيلومترات على جانبي حدودهما. وتتحفظ الخرطوم عن بعض أجزاء الشريط. كما طرح الوسطاء اقتراحاً لمعالجة الوضع النهائي في منطقة أبيي المتنازع عليها يستند على اجراء استفتاء بعد عام لتحديد مستقبلها، وتوزيع عائدات النفط المنتج في حقولها بين مكوناتها المحلية والدولة التي ستتبع لها بحسب نتيجة الاستفتاء. وخرج البشير وسلفاكير بعد الجلسة الأولى لمحادثاتهما وهما يتبادلان الابتسامات. وتحدثا بارتياح إلى وفديهما اللذين كانا في انتظارهما خارج قاعة المفاوضات. وقال البشير في حديث مع عدد محدود من الصحافيين حضرته «الحياة» إن المحادثات تمضي بصورة ايجابية، وهناك مرونة تسمح بالتوصل إلى اتفاق شامل يؤدي إلى فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين، موضحاً أن الخلاف بات محدوداً في منطقة الميل 14 التي تعتبر جزءاً من المنطقة العازلة. وكشف أنه يرى أن تكون كل المنطقة وعمقها 23 كيلومتراً منزوعة السلاح وأن تُدار عبر النظام القبلي السائد في المنطقة، بينما تحدد الخريطة الافريقية أن يكون عمق الشريط العازل بين الدولتين 10 كيلومترات على جانبي الحدود. وعن ملف النزاع على منطقة أبيي، قال البشير إن هناك اتجاهاً الى ارجاء حسم الملف إلى وقت لاحق، مؤكداً أن تحسن العلاقات بين السودان والجنوب وفتح الحدود والتبادل التجاري وضخ النفط الجنوبي عبر الشمال سينعكس على المحادثات في شأن الوضع النهائي لأبيي. وعقب الجولة الأولى من المحادثات، أحال البشير وسلفاكير الملف الأمني على رئيسي وفديهما المفاوضين إدريس عبدالقادر وباقان أموم لمناقشة الاقتراح السوداني في معالجة العقدة الرئيسية التي تعطل الاتفاق، وهي الخلاف على منطقة الميل 14، قبل أن يعقد الرئيسان جولة ثانية لدرس ما توصل إليه عبدالقادر واموم. واستمرت الجولة حتى المساء. وقال مسؤول في فريق الوساطة الافريقية ل «الحياة» إن الطرفين باتا على وشك التوصل إلى اتفاق في الملف الأمني، وإن لجنة من الطرفين والوساطة تصوغ مشروع اتفاق سيكون أمام الرئيسين خلال ساعات. وكشف أن الخلاف ينحصر في مسافة انسحاب قوات الدولتين من منطقة الميل 14 بين ولاية شرق دارفور وولاية شمال بحر الغزال الجنوبية. ورأى مسؤول أوروبي يراقب المحادثات أن الطرفان تجاوزا أكثر من 90 في المئة من القضايا الخلافية بينهما. وعلم أن رئيس الوزراء الاثيوبي أبلغ البشير وسلفاكير إرجاء سفره إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف المشاركة في دفع محادثاتهما إلى أمام. كما مدد البشير وسلفاكير إقامتهما في أديس أبابا إلى حين التوصل إلى اتفاق. وكلف سلفاكير نائبه رياك مشار المشاركة نيابة عنه في اجتماعات نيويورك بعدما كان مقرراً أن يغادر إليها فجر أمس. وكشفت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة» أن الدول التى ترعى عملية السلام بين دولتي السودان وجنوب السودان، وتدفع كلفة استضافة المحادثات بينهما، أبلغت فريق الوساطة الافريقية أنها سترفع يدها عن تمويل عملية المفاوضات في نهاية الجولة الحالية، باعتبار أن موضوعاتها صارت تدخل في شؤون خاصة بالدولتين ولم تعد عملية سلام. في خطوة اعتبرها مراقبون ضغطاً على الطرفين لتسريع التوصل الى اتفاق. وفي حال تجاوز الملف الأمني سيوقع البلدان على قضايا الأمن وانشاء شريط عازل بينهما يرأس فريق مراقبته بعثة دولية، واتفاق الحريات الاربع بينهما (الاقامة والعمل والتملك والحركة)، واتفاق في شؤون الاقتصاد ويشمل ترتيب مرور النفط الجنوبي عبر الشمال، والتبادل التجاري والمعابر الحدودية.