بكل الهدوء والحكمة والصرامة التي اعتدناها من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رأيناه في طيبة الطيبة يناشد كل عقلاء العالم التصدي لمن يحاول الإساءة للأديان والرسل. رسالة لتبادل احترام المعتقدات والأفكار، وجعل الرموز الدينية بعيدة عن الصراعات السياسية أو الاقتصادية وحتى الفكرية والاجتماعية، فكأنه يقول للبشرية جمعاء إن الإساءة لا تتسق والإيمان بأي دين، لأن كل الأديان السماوية تتفق على المبادئ الأساسية بغض النظر عمن طاله التحريف أو التحوير. لقد أثبتت قضية تفاعل بعض المسلمين مع الإساءة لنبينا عليه الصلاة والسلام أن ثقافتنا الاتصالية لا تزال ضعيفة، ترتكز على رد الفعل غالباً، وليس على الفعل، وهنا يعود بها خادم الحرمين الشريفين إلى الفعل، إذ إن مناشدته وهو من هو بثقله السياسي العالمي، ومكانته وحب الأمتين العربية والإسلامية له، وتقدير وإعجاب أصدقاء كثر من أمم الأرض، يمكن اعتبارها دعوة لسن تشريع عالمي أو أممي يجرّم الإساءة للأديان السماوية والرسل. نحن كمسلمين لا نستطيع أن نسيء إلى نبي أو رسول في ديانة أخرى، كون ديننا الحنيف أمرنا بالإيمان بهم كركن من أركان الإيمان، ثم هو أخبرنا قصصهم التي عرفنا منها لماذا كان الإسلام مكملاً، وختاماً لبنيان الاعتقاد الذي لكل رسول وديانة لبنة فيه. ويفترض بنا أيضاً ألا نسيء إلى أنفسنا، وربما إلى ديننا الحنيف بأي تصرف أو قول، أو طريقة تفكير وتعايش مع الآخر الذي لا يدين بديننا، وقبل ذلك مع من يدين بديننا لكنه يمارس حياته وفقاً لمذهب مختلف، أو طريقة تفكير وعيش وعبادة مختلفة. يمكن للجميع الدعوة إلى أديانهم، أو أفكارهم، يمكنهم مديحها، وتمثيلها سلوكاً وأخلاقاً ومعاملات بأفضل الطرق، لكن لا يمكنهم الرفع من شأن أنفسهم بالتقليل من شأن الآخرين أو الإساءة إليهم، هذه يجب أن تكون الفكرة الدينية التي نعلمها ونشيعها، وهي أيضاً يجب أن تكون الطريقة التي نعيش بها على الأصعدة كافة. لقد أثلج خادم الحرمين الشريفين صدورنا بهذه الدعوة الكريمة، من ذلك الثرى الطاهر، ومن جوار سيد الخلق، سيد الأخلاق، سيد التعامل الحسن، الالتزام، الاحترام، التسامح، الحنان، والحب، الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يكفي اقتداؤه في العبادة والسلوك لإيصال رسالة قوية وجميلة لكل الناس أياً كان دينهم. نعرف أن كثيراً من المنصفين والمحايدين يجلّون ويقدرون ديننا ونبينا، لكننا أيضاً يجب أن نتأكد أن كل منتمٍ لهذا الدين يكون منصفاً، قبل أن ينشدوا الإنصاف من غيرهم. خاطب الحكيم العقلاء كما يجب، ونتمنى أن ينهلوا من حكمته، وينضموا إليه لتحقيق مقصد نبيل. [email protected] @mohamdalyami