لاحت أمس بوادر حل للأزمة التي أثارها تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع دستور جديد لمصر. وعلمت «الحياة» أن غالبية القوى الليبرالية واليسارية التي أعلنت انسحابها من اللجنة احتجاجاً على «تهميش وجودها» واستئثار «الإخوان المسلمين» وحلفائهم السلفيين بعملية وضع الدستور، تتجه نحو العودة مرة أخرى بعد حصولها على «تطمينات من المجلس العسكري». واجتمعت أمس أحزاب «المصري الديموقراطي الاجتماعي» و «المصريين الأحرار» و «الكرامة» و «التجمع»، إضافة إلى عدد من الشخصيات المستقلة لمحاولة بلورة رؤية موحدة قبل اجتماع مقرر اليوم مع ممثلين عن حزبي «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، و «النور» اللذين يشكلان معاً الغالبية النيابية. وأفاد مسؤول عسكري بأن جنرالات الجيش تدخلوا على خط الأزمة وقدموا تطمينات للقوى المدنية بأن «الحرية والعدالة» سيسحب عشرة من أعضائه في اللجنة لإتاحة تمثيل أكبر لهم، إضافة إلى «ضمان وضع دستور يمثل المصريين، وليس فصيلاً واحداً». ورفض اتهامات وجهها أعضاء في «الحرية والعدالة» للمجلس العسكري حمّلته مسؤولية الخلاف الدائر حالياً في شأن تشكيل اللجنة التأسيسية. وقال إن «المجلس رشح شخصية وحيدة هي مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية اللواء ممدوح شاهين، ولم يتدخل من قريب أو بعيد في اختيار أو تشكيل الجمعية، بل على العكس وجَّهت قوى سياسية اللوم إلى المجلس على السماح لمجلس الشعب بالاستئثار بتشكيل الجمعية، وهو ما أثار حفيظة أحزاب». ورأى المصدر أن «الحل يكون بتنازل بعض الأعضاء المنتمين إلى حزب الحرية والعدالة عن عدد من مقاعدهم ليتم في الاجتماع المقبل انتخاب أعضاء آخرين من توجهات أخرى، بما يرضي الجميع، ويتحقق معه التوافق المطلوب الذي يؤدي إلى اطمئنان كل الاتجاهات». ودعا قيادات «الحرية والعدالة» إلى «التوصل إلى حلول مع القوى المدنية، سواء بإضافة 10 أو أكثر من الأسماء السياسية المختلفة إلى الجمعية». لكن السلفيين تمسكوا بالنسبة التي حصلوا عليها في تشكيلة لجنة الدستور. ورفض الناطق باسم «النور» يسري حماد التنازل عن مقاعد في اللجنة، مشيراً إلى أن حزبه «لم يحصل على نسبة تتناسب مع وزنه في البرلمان، وغير مستعد لتقديم مزيد من التنازلات». واعتبر أن حصول ذلك «سيعني أننا أمام ديكتاتورية الأقلية». من جهته، أكد رئيس حزب «الوفد» السيد البدوي، أن الأحزاب التي اجتمعت مع المجلس العسكري الخميس الماضي طالبت بتنازل عدد من أعضاء الجمعية التأسيسية ممن ينتمون إلى «الحرية والعدالة» و «النور» لمصلحة عدد من الشخصيات العامة والحزبية ضمن القائمة الاحتياطية التي تم انتخابها. وأوضح في بيان أن المجتمعين «وافقوا أيضاً على أن النظام شبه الرئاسي (المختلط) هو النظام الأمثل في تلك المرحلة الانتقالية، مع تحديد سلطات رئيس الجمهورية وتحقيق التوازن والفصل بين السلطات، إضافة إلى تشكيل لجان فنية معاونة من فقهاء القانون والدستور، ولجان استماع تشارك في إعداد الدستور وصياغته». وأكد أن موافقته على ما سبق «إنما جاءت حرصاً من الوفد على الانتهاء من دستور تم الاتفاق على مبادئه وثوابته في وثيقة التحالف الديموقراطي ووثيقة الأزهر، وحرصاً على استكمال عملية التحول الديموقراطي بوضع دستور جديد وانتخاب رئيس جديد للبلاد كي تخرج مصر من حال الفوضى وغياب القانون وحتى يتحقق الاستقرار والأمن، ونبدأ في بناء مصر الجديدة التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير». وحذَّر المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية المعارض البارز محمد البرادعي من سقوط مصر بعد الثورة في قبضة الاستبداد العسكري أو الديني. وقال على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» إن «الثورة قامت من أجل حرية الإنسان وكرامته ولم تقم من أجل الاستبداد العسكري أو الديني أو طغيان الغالبية»، معتبراً أن «ما يحدث في مصر الآن يُدمي القلوب». إلى ذلك، كشف عضو الجمعية التأسيسية النائب وحيد عبدالمجيد محاولات ل «بلورة حل توافقي بين القوى المتنازعة على تشكيلة لجنة الدستور»، لكنه رفض التوقع بنتائج تلك المحاولات، قائلاً إن «الحل ليس قريباً... لكنه ليس مستحيلاً»، وإن أكد أن «كل الأطراف تسعى إلى الحل، ولا طرف متشدداً وآخر مرناً». وأضاف: «كلا الطرفين لديه وجهة نظر، ونسعى إلى التقريب في ما بينهما». وأشار إلى أن اجتماعاً كان مقرراً أمس بين القوى المدنية وممثلين عن «الحرية والعدالة» و «النور» للتوافق على رؤية موحدة، لكن القوى المدنية طلبت إرجاء الاجتماع إلى اليوم حتى تجتمع في ما بينها للوصول إلى رؤية يتم عرضها على الإسلاميين، لافتاً إلى أن «القوى المدنية نفسها في داخلها تباينات واختلافات في الرؤى». وأوضح عبدالمجيد الذي يقود مبادرة للوساطة ومعه ممثل الهيئة البرلمانية لحزب «الوسط» عصام سلطان ووكيل مؤسسي حزب «الحضارة» حاتم عزام، أن «هناك اقتراحين أو اتجاهين أساسيين لحل الأزمة، أولهما إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية من البداية وتغيير كل ما حدث وكأنه لم يكن، والاتجاه الآخر هو استبدال عدد من أعضاء التيار الإسلامي ليحلّ محلهم آخرون من التيارات السياسية المختلفة». وأشار إلى أن «الاقتراح الأخير تندرج تحته تفاصيل كثيرة لوضع الآليات المختلفة، وفحص الأسماء، خصوصاً المحايدون الذين اعتبرهم البعض من التيارات الإسلامية».