في وقت تجاهلت الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع دستور جديد لمصر موجة الانسحابات التي عصفت بها خلال الأيام الماضية واجتمعت مساء أمس لوضع نظام لعملها، تمسك الأزهر والكنيسة القبطية بمقاطعة الجمعية، وأكدا رفضهما «ديكتاتورية الغالبية»، في إشارة إلى استئثار التيار الإسلامي بتشكيل اللجنة. وشدد القائم بأعمال بطريرك الأقباط الأرثوذكس الأنبا باخوميوس في مؤتمر صحافي عقب اجتماع عقده مع شيخ الأزهر أحمد الطيب، على تمسك الكنيسة بقرارها الانسحاب من الجمعية، مؤكداً أنها «لا تعبر عن كل أطياف الشعب، والديموقراطية لا تعني ديكتاتورية الغالبية». وأكد الناطق باسم الأزهر محمود عزب في المؤتمر الصحافي نفسه أنه «لا بد من أن يتوافق الشعب المصري» على تشكيل اللجنة التأسيسية لتكون معبرة عن المصريين جميعاً، مشدداً على اتفاقه مع الأنبا باخوميوس على أن «الديموقراطية لا تعني ديكتاتورية الغالبية». وأضاف: «إننا متمسكون بموقفنا من الانسحاب، والأزهر يحترم مجلس الشعب ويأمل في أن يتم ضبط الأمور حتى يطمئن الشعب كله»، موضحاً أنه في حال تعديل تشكيلة اللجنة «سيعود الأزهر إليها من أجل التوافق على الدستور». واعتبر أنه يمكن حل الخلاف من خلال القضاء. وقال: «يمكننا أن نتوجه إلى المحكمة الدستورية العليا» لحسم الأمر. ورأى الأنبا باخوميوس أن المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي «لا تمثل مشكلة»، مشيراً إلى أن «ما يهمنا أن يحكم كل فرد بحسب شرائعه، وحقنا أن نحكم بديانتنا». وقال عقب لقاء مع رئيس الحكومة كمال الجنزوري أمس، إن «الدستور يحدد شروط انتخاب البرلمان، فلا ينبغي أن يستأثر البرلمان بوضع الدستور. المهم تمثيل الأقباط مضموناً وليس شكلاً». ويبدو أن «الإخوان المسلمين» الذين يسيطرون على لجنة وضع الدستور يتجهون إلى قبول احتكام غير المسلمين إلى شرائعهم لكن في مسائل الزواج والطلاق والمواريث فقط. وكشف رئيس مجلس الشوري (الغرفة الثانية في البرلمان) القيادي «الإخواني» أحمد فهمي عن اتفاق «شبه نهائي على إضافة فقرة إلى المادة الثانية للدستور تنص على أن يكون لغير المسلمين من أصحاب الديانات السماوية الاحتكام لشرائعهم في أمور الأحوال الشخصية». وقال فهمي الذي انتخب عضواً في لجنة الدستور خلال لقاء مع المحررين البرلمانيين أمس: «كمسلم وكرئيس لمجلس الشورى لا أرى ضرراً في هذا الأمر». وأوضح أنه «تم تشكيل لجان فنية عدة تضم فقهاء دستوريين وأساتذة قانون دستوري لصياغة الدستور الجديد في كل أبوابه بالاعتماد على الرؤى التي يطرحها البرلمانيون والسياسيون أعضاء اللجنة». واعتبر أن اللجنة «حدث حولها توافق كبير ومثلت فيها كل فئات المجتمع المختلفة بتوازن محسوب غير أنه حدثت ضجة حول هذا التشكيل لا نعلم سببها، إلا أننا نسير في إجراءاتنا بخطى حثيثة لإنجاز دستور يرضى عنه كل الشعب». وأعرب عن أمله في «أن يحظى مجلس الشورى في الدستور الجديد بصلاحيات تمكنه من محاكمة رئيس الجمهورية الجديد والوزراء». وقال إن «من يرضى بتحمل المسؤولية عليه أن يكون على قدرها، خصوصاً أن مصر بعد ثورة 25 يناير ليست هي مصر قبل الثورة». في المقابل، دعا المعارض البارز الحاصل على جائزة نوبل للسلام محمد البرادعي إلى تشكيل لجنة جديدة من الخبراء تمثل الطوائف والاتجاهات الفكرية كافة لوضع دستور توافقي لمصر، معتبراً أنها «الخطوة الأولى في بناء ديموقراطي بعد عام من الضياع والتخبط».