رأى خبراء أن تقليص الحلف الأطلسي (ناتو) في أفغانستان عملياته المشتركة مع القوات الحكومية، وتعليق بعض البرامج الموضوعة لتدريبهم، بحجة تزايد «الهجمات من الداخل» ضد جنوده، يُعيد الاستراتيجية الدولية إلى ما قبل عام 2009 حين افتقد العسكريون الأفغان والأجانب التواصل الوثيق، ما جعل التقدم «بطيئاً ومحدوداً». كما يُهدد بإفشال أهداف الاستراتيجية بالكامل على صعيد تحقيق الاستقرار في البلد المضطرب. واتخذ الحلف قراره «الموقت» رداً على «الهجمات من الداخل» التي أسفرت عن قتل 51 جندياً أجنبياً هذه السنة ولمواجهة أخطار تنامي الغضب من الفيلم الأميركي المسيء للإسلام، لكنه سيؤثر حتماً في خطط «الناتو» لتدريب 350 ألف جندي وشرطي أفغاني تمهيداً لاضطلاعهم بمهمات ضمان أمن بلدهم بمفردهم، بعد انسحاب القوات الأجنبية القتالية بحلول نهاية 2014. وصرح العميد الأميركي المتقاعد جيمس دوبيك الذي اشرف على تدريب قوات الأمن العراقية: «كما رأينا سابقاً في العراق وفي أفغانستان خلال العامين الماضيين، تعتبر البرامج المشتركة للسرايا والفصائل العسكرية ضرورة لإنجاز عمليات التدريب الميدانية المطلوبة. لذا سيمثل القرار تراجعاً في كفاءة التدريبات التي ستزيد مع تمديد تطبيقه لفترة طويلة». ولفت انتقاد أعضاء نافذين في مجلس الشيوخ الأميركي بينهم السناتور جون ماكين والسناتور جو ليبرمان أول من امس، استراتيجية الرئيس باراك أوباما لتسريع تشكيل جيش وشرطة أفغانيين قبل مغادرة القوات الأميركية البلاد، في وقت «يبدو الوضع الميداني مقلقاً بدرجة كافية لتبرير الوقف الفوري للانسحاب». وأبدى الأعضاء «تفهمهم واحترامهم لأسباب اتخاذ الحلف قراره، لكننا قلقون من أن قرار إدارة أوباما الخاص تسريع الانسحاب ساهم في تزايد الهجمات المارقة». وكان قادة عسكريون أميركيون كبار تعرضوا لضغوط في الشهور الأخيرة من اجل بذل جهود أكبر للقضاء على «الهجمات من الداخل»، لكنهم اعترفوا بأنهم عجزوا عن فهم ارتباط الظاهرة مباشرة بخطط حركة «طالبان» لاختراق صفوف الحلف، أو بتمرد الأفغان على مدربيهم لأسباب عقائدية أو أخرى تتعلق بأسلوب معاملتهم. ولا يخفي ستيفن بيدل، الأستاذ في جامعة «جورجتاون» بواشنطن، خشيته من أن يكون تقليل الحلف من عدد الهجمات التي شنها «متسللون» من «طالبان» ضد جنوده محاولة لإخفاء عجز القوات الحكومية والغربية عن العمل معاً، بسبب خلافات ثقافية وانعدام التجانس. ومهما كان سبب الهجمات، لا شك في أن «طالبان» تستغل الموقف «الهش» للحلف في التعامل مع سكان دوله المستائين من مقتل الجنود برصاص يطلقه أصدقاء على رؤوسهم من الخلف. أما الموقف العلني للحلف فيبقى التمسك بمساره المحدد لتحقيق أهدافه، معتبراً أن «تغيير الطريقة التي نعمل بها يومياً أمر طبيعي ومنطقي في المهمات العسكرية».