تحدى فنانو «الغرافيتي» في مصر السلطات، وأعادوا رسم أعمالهم على جدران شارع محمد محمود التي كانت مكسوة برسومات تعكس مواقف القوى السياسية من الأحداث التي تلت الثورة وتخلد ذكرى شهدائها. وإن كان استياء المثقفين والسياسيين من طمس هذه الرسومات التي اعتبروها «تأريخاً لأحداث الثورة» أمراً طبيعياً، فإن الغريب أن تستنكره أيضاً كل السلطات الرسمية، إذ نأت رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ووزارة الداخلية بنفسها عن هذا التصرف، بل وانتقدته، وكأن «الطرف الثالث» الذي اعتادت السلطة تحميله مسؤولية الاعتداء على المتظاهرين هو من طمس رسوم «الغرافيتي». ودانت رئاسة الجمهورية إزالة الغرافيتي، مؤكدة أنها «تدخلت لمعرفة الجهة التي اتخذت هذا القرار». ودعت «شباب الثورة إلى النزول لميدان التحرير لاستعادة غرافيتي الثورة». ودعا رئيس الوزراء هشام قنديل الفنانين التشكيليين إلى «تحويل ميدان التحرير إلى ساحة تليق بشهداء الثورة بحيث تصبح منبراً لحرية الرأي من خلال اللوحات الجدارية وأعمال الغرافيتي التي تعكس روح الثورة ومبادئها وتطلعات الشعب ووحدته وتماسكه بمختلف قواه الوطنية والثورية والسياسية». وقال في بيان إن «ما قام به بعض العاملين في محافظة القاهرة من إزالة اللوحات الجدارية في ميدان التحرير أثناء عملهم في نظافة الميدان أمر يتنافى مع الحرص على أن يتم تخليد ذكرى الثورة في الميدان». وجاءت دعوات الرئاسة والحكومة بعد نزول عشرات من فناني «الغرافيتي» ليل أول من أمس إلى شارع محمد محمود الذي أخلته سيارات الأمن المركزي التي كانت متراصة إلى جوار سور الجامعة الأميركية لاستعادة لوحاتهم على الجدران، لكن هذه المرة لم تعد الرسومات تُعبر عن انتقاد للمجلس العسكري الذي أدار المرحلة الانتقالية، بل شرعت في تسجيل حدث طمس إزالة «الغرافيتي» وانتقاد النظام الحالي وجماعة «الإخوان المسلمين» التي عبر عنها الرسامون برجل ذي لحية يشبه الرئيس محمد مرسي. وتجمع مئات عند مدخل الشارع أمام سور الجامعة الأميركية وظلوا يرددون: «قالوا حرية وقالوا قانون.. والثوار جوة السجون» و «انزل قُل للمرشد يمشي»، في إشارة إلى مرشد «الإخوان « محمد بديع، و «يا اللي بتسأل نازلين ليه... شوف مرسي عمل أيه». واصطحب الرسامون أدواتهم، وظلوا طوال الليل ينقشون على الجدران عبارات ورسومات تنتقد النظام الحالي، منها «شارع جرائم الداخلية» في إشارة إلى شارع محمد محمود الذي شهد مواجهات دامية بين قوات الشرطة والمتظاهرين في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي سقط فيها عشرات القتلى من المتظاهرين. كما كتبوا إلى جوار رسوماتهم «امسح كمان يا نظام جبان» و «الثورة قادمة» و «امسح وأنا أرسم تاني» و «المجد للشهداء» و «نظام كان مشغول في الانتخابات والبنات كانت بتتعرى»، في إشارة إلى أحداث مجلس الوزراء في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي التي رفض «الإخوان» المشاركة في تظاهراتها واعتدى الجيش خلالها على متظاهرين وسحل فتاتين على الأقل. ورسم الفنانون صوراً لعدد من شهداء الثورة وأحداثها.