طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انفصاليي شرق أوكرانيا الموالين لبلاده بفتح «ممر إنساني» للقوات الأوكرانية المحاصرة، بعد سيطرة المتمردين على بلدات عدة شرق البلاد، أهمها نوفوازوفسك الاستراتيجية على الطريق إلى مدينة ماريوبول الساحلية. ورد الانفصاليون بأنهم سيمتثلون لطلب الكرملين شرط تسليم الجنود الأوكرانيين أسلحتهم وذخائرهم، فاعتبر الجيش الأوكراني أن دعوة بوتين «تظهر خضوع الانفصاليين لأوامر الكرملين، وسيطرته المباشرة عليهم». وتتحدث معلومات عن تطويق المتمردين منذ أكثر من أسبوع عشرات الجنود الأوكرانيين في بلدة ايلوفايسك التي تبعد 40 كيلومتراً من دونيتسك ويتوقع سقوطها «خلال أيام». وقال بوتين في بيان وجهه إلى «مسلحي نوفوروسيا» (روسيا الجديدة)، التسمية التي يستخدمها للإشارة إلى المناطق الناطقة بالروسية شرق أوكرانيا: «سيسمح انسحاب القوات الأوكرانية المحاصرة بسبب الانتصارات الكبيرة التي تحققت في مواجهة عملية كييف العسكرية، بتفادي سقوط ضحايا في شكل غير ضروري». كما دعا بوتين الانفصاليين إلى تقديم «مساعدة طبية» لجرحى القوات الأوكرانية، مؤكداً استعداد روسيا لتقديم مساعدة إنسانية لسكان حوض دونباس. وشدد على ضرورة تفاوض كييف مع ممثلي دونباس لوقف المعارك. ولم يعترف بوتين بمشاركة الجيش الروسي في الصراع، فيما صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن «مزاعم قتال قواتنا في شرق أوكرانيا مجرد حدس. وتكرر ذلك مرات منذ بداية الأزمة، ووردت أنباء عن التقاط صور من الجو تظهر تحركات للقوات الروسية، ثم اتضح أنها كانت مجرد ألعاب كومبيوتر». وزاد لافروف: «حين تظهر تكهنات عن غزو روسي، ويرددها الجميع بتوتر شديد، تكون قوات الدفاع الشعبي دفعت القوات الحكومية للتقهقر، ما يظهر أن الروح القتالية العالية هي عامل الحسم في الحرب أحياناً». وكان وزير الدفاع الأوكراني فاليري غيلتي قال ليل الخميس إن موسكو أصدرت «أمراً إجرامياً» بإرسال قوات مظليين ومعدات عسكرية إلى أوكرانيا. وأشار إلى مقتل وأسر جنود روس كثيرين «دفنوا للأسف تحت نفاية مبنى، ونحن نحاول العثور على جثثهم لإعادتهم إلى أمهاتهم لدفنهم». وأفاد مجلس الأمن والدفاع الأوكراني بأن عشرة جنود قتلوا وجرح 30 آخرين في القتال مع الانفصاليين خلال الساعات ال24 الأخيرة. أما الأممالمتحدة فتحدثت عن سقوط 2593 شخصاً في الصراع منذ منتصف نيسان (أبريل) الماضي. وفي اختتام اجتماع طارئ لسفراء الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي (ناتو)، دعا الأمين العام للحلف اندرس فوغ راسموسن روسيا إلى وقف أعمالها العسكرية غير الشرعية في أوكرانيا، وقال: «رغم نفي موسكو الأجوف، واضح أن القوات والمعدات الروسية عبرت الحدود إلى أوكرانيا بطريقة غير شرعية. وليس ذلك تحركاً عرضياً بل جزء من نمط خطير على مدى أشهر لزعزعة استقرار أوكرانيا كدولة ذات سيادة». وأشار راسموسن إلى أن الحلف سيحترم أي قرار يتخذه البرلمان الأوكراني لإنهاء الأزمة، مع فتح الباب أمام كييف للانضمام إلى الحلف، وذلك بعدما أبدى رئيس الوزراء الأوكراني آرسيني ياتسينيوك نية كييف إعادة إطلاق عملية انضمامها في مواجهة «العدوان الروسي». وكان قادة الحلف اتفقوا في نيسان (أبريل) 2008 على أن أوكرانيا مؤهلة لنيل العضوية، ما أغضب روسيا. ولكن في 2010 تراجعت الحكومة الأوكرانية الموالية لموسكو عن هذا الهدف، مع الحفاظ على التنسيق مع الحلف. واعلن ياتسينيوك قبل أيام أن أوكرانيا تنتظر «قرارات حاسمة» في قمة الحلف في كارديف الخميس والجمعة المقبلين، «لأنها تحتاج إلى مساعدة». أوباما لكن الولاياتالمتحدة التي تقود الحلف الأطلسي استبعدت اتخاذ أي إجراء عسكري لحل أزمة أوكرانيا، وقال الرئيس باراك أوباما: «من المهم جداً أن ندرك أن الحل العسكري لهذه المشكلة لن يكون وشيكاً، وسنبحث مع حلفائنا سبل توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية على روسيا التي تدعم الانفصاليين وتدربهم وتسلحهم وتمولهم». واللافت امتناع أوباما عن وصف دخول قوات روسية إلى أوكرانيا بأنه «غزو»، مشيراً إلى عزمه على إظهار التزام واشنطن في أوكرانيا خلال استقباله الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو في البيت الأبيض الشهر المقبل. وكان أوباما اتفق مع المستشارة الألمانية انغيلا مركل، اثر اتصال هاتفي أجري بينهما ليل الخميس، على أن سلوك روسيا في أوكرانيا «لا بد أن تترتب عليه عواقب»، فيما لمّحت مركل إلى أن قمة الاتحاد الأوروبي ستبحث عقوبات جديدة محتملة ضد روسيا. وكانت سفيرة واشنطن في الأممالمتحدة سامانتا باور طالبت، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن، روسيا ب «التوقف عن الكذب» حول دورها في نزاع أوكرانيا. ورد السفير الروسي فيتالي تشوركين واشنطن باتهام واشنطن بإرسال «عشرات من المستشارين» إلى أوكرانيا، كما اتهم كييف ب «قصف مدنيين» في الشرق. خودوركوفسكي على صعيد آخر، أعلن خصم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القطب السابق في تجارة النفط ميخائيل خودوركوفسكي أن «موسكو تكذب في شأن تورطها في أوكرانيا التي تقاتلها في الواقع». وحض الروس على اتخاذ خطوات لوقف الحرب «غير المتكافئة». وقال خودوركوفسكي الذي يعيش في سويسرا بعد إطلاقه من السجن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، مستفيداً من عفو أصدره بوتين: «كان يمكن ولا يزال وقف ما يحدث، وسيكون التظاهر والإضراب كافيين».