كشف القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري أن عناصر من «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري موجودون في سورية ولبنان لكن فقط ك «مستشارين»، لكنه حذر من أن إيران قد تتدخل عسكرياً في حالة تعرض سورية لهجوم. وهذه هي المرة الأولى التي يقر فيها قائد الحرس الثوري الإيراني بوجود عناصر من «فيلق القدس»، قوة النخبة في الحرس الثوري، في سورية ولبنان. وقال الجنرال الجعفري في مؤتمر صحافي في طهران أمس «إن عدداً من عناصر فيلق القدس موجودون في سورية ولبنان. غير أن ذلك لا يعني القول أن لنا وجوداً عسكرياً هناك. إننا نقدم (لهذين البلدين) نصائح وآراء ونفيدهم من تجربتنا». ولم يوضح فحوى هذه «النصائح والآراء». وأضاف قائد الحرس الثوري «نحن فخورون ... بالدفاع عن سورية التي تشكل عنصراً مقاوماً» ضد إسرائيل «عبر تزويدها بخبرتنا بينما لا تخجل دول أخرى من دعم مجموعات إرهابية» التسمية الرسمية الإيرانية للمعارضة السورية. ولم يشر الجعفري إلى عدد الأعضاء الموجودين في سورية، لكنه قال «الحرس الثوري يقدم المساعدة الفكرية وحتى المساعدة المالية لكن ليس هناك وجود عسكري». وحذر من إن إيران ستغير سياستها وتقدم الدعم العسكري للأسد في حالة تعرض سورية لهجوم. وأردف قائلاً «أقول على وجه الخصوص إنه في حالة تعرض سورية لهجوم عسكري فإن إيران ستقدم أيضاً الدعم العسكري لكن هذا... يتوقف تماماً على الملابسات». و»فيلق القدس» وحدة عسكرية نخبوية عالية المستوي تتولى العمليات الخارجية الاستخباراتية والعملياتية السرية، للحرس الثوري الإيراني في مناطق حيوية بالنسبة لإيران. وبحسب محللين فإن هذه القوة التي تضم آلاف العناصر تنشط بشكل خاص في دول الشرق الأوسط، ومنها ضمنها العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان. وتتهم دول غربية وعربية عدة طهران، منذ بداية الأزمة في سورية بتقديم مساعدة عسكرية لنظام الرئيس بشار الأسد، الحليف الأبرز لإيران في المنطقة. وكان القادة الإيرانيون نفوا باستمرار أي وجود عسكري في سورية، مؤكدين انهم يقدمون مساعدة «معنوية وإنسانية» لنظام دمشق. وألقي الضوء على إرسال إيران عناصر من الحرس الثوري إلى سورية بعد تكرار عمليات اختطاف عشرات إيرانيين في دمشق وحمص على يد معارضين سوريين. ففيما أعلنت طهران خلال عمليات الاختطاف الأولى انهم «حجاج دينيون» في سورية، عادت لاحقاً لتعترف أن بعضهم «عناصر متقاعدة» من الحرس الثوري الإيراني، إلا أن معارضين سوريين قالوا إن المختطفين الإيرانيين عناصر نشطة في الحرس الثوري تعمل إلى جانب النظام لإنهاء الحركة الاحتجاجية في البلاد. وكان مسؤولون حاليون وسابقون في الحرس الثوري قالوا قبل أسابيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، إن إيران أرسلت عناصر من الحرس الثوري والمئات من جنود المشاة إلى سورية لدعم نظام الأسد في مواجهة المعارضة المسلحة. وأضافت الصحيفة نقلاً عن هؤلاء المسؤولين أن إرسال قوات من الحرس الثوري وقوة المشاة يأتي على رأس خطوات أخرى اتخذتها إيران في شكل نشيط لدعم النظام السوري بما في ذلك إرسال أموال وأسلحة. ونقلت الصحيفة عن القائد في لواء «صاحب الأمر» بالحرس الثوري الإيراني العميد سالار ابنوش قوله لمجموعة من المتدربين في الجيش الإيراني منتصف الشهر الماضي: «نحن مشاركون في القتال بكل أبعاده، العسكرية والثقافية». ونقلت «وكالة الأنباء الطالبية» الإيرانية تصريحات أبنوش. وبحسب ما ذكرت «وول ستريت جورنال» آنذاك فإن طهران تحركت لمساعدة سورية مالياً وعسكرياً من خلال شركات إيرانية تتبع للحرس الثوري تنشط في العراق من بينها شركات إعمار وخدمة حجاج. وبحسب مصادر مطلعة آخرى فقد عين المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي الذي له الكلمة الأخيرة في كل شؤون الدولة، قاسم سليماني، قائد قوات القدس، ليكون بمثابة «رأس الحربة» مع الرئيس السوري لمواجهة الحركة الاحتجاجية وذلك وفقاً لعضو في الحرس الثوري في طهران على معرفة بعمليات نشر قوات إيرانية في سورية. وأفادت المصادر بأن «سليماني أقنع السيد خامنئي أن إيران حدودها تمتد إلى ما بعد الحدود الجغرافية، وأن النضال من أجل سورية هو جزء لا يتجزأ من الحفاظ على الهلال الشيعي»، وذلك في إشارة إلى شيعة إيران والعراق ولبنان وسورية. وفي أوضح تعبير عن تحول إيران للتدخل عسكرياً إلى جانب النظام السوري لحمايته، نقلت صحف إيرانية الشهر الماضي عن وزير الدفاع أحمد وحيدي قوله إن إيران سترسل مساعدة عسكرية إلى سورية إذا احتاجت على أساس اتفاق الدفاع المشترك بين البلدين. وقال وحيدي كما نقلت عنه صحف طهران «سورية لم تطلب حتى الآن مساعدة... وهى تدير هذا الوضع في شكل جيد للغاية من تلقاء نفسها... لكن إذا كانت الحكومة لا يمكنها حل الأزمة من تلقاء نفسها... سنقوم باستخدام اتفاقية الدفاع المشترك». ولإيران تاريخ طويل في تدريب عناصر الأجهزة الأمنية السورية، بخاصة في مجالات أمن الإنترنت، والتجسس على المعارضين. وقالت شخصيات في الحرس الثوري إن إيران ترسل حالياً المئات من عناصر الحرس الثوري وقوات الباسيج يرتدون ملابس مدنية إلى سورية. وكثير من هذه القوات الإيرانية من وحدات الحرس الثوري من خارج طهران، بخاصة من أذربيجان الإيرانية ومناطق كردستان حيث لدى قوات الحرس هناك خبرة في التعامل مع الحركات الانفصالية العرقية. ومهمات هؤلاء، وهم يحلون محل جنود من ذوي الرتب المتدنية انشقوا عن القوات النظامية السورية، مهماتهم أدوار غير قتالية مثل حراسة مخابئ الأسلحة والمساعدة على تشغيل القواعد العسكرية. وأفاد أشخاص مطلعون على الحرس الثوري الإيراني بأن خطوة طهران إرسال عناصر على الأرض لدعم النظام السوري بدأت بعدما بدأت المعارضة السورية تحقق تقدماً ملحوظاً على الأرض في دمشق وحلب، وبعد انفجار في مقر الأمن القومي في تموز (يوليو) الماضي أدى إلى مقتل أربعة من أعضاء الدائرة الداخلية المحيطة بالرئيس السوري في ضربة كبيرة للنظام. ومع تزايد الانشقاقات في الجيش والدوائر الديبلوماسية والسياسية وقدرة المعارضة المسلحة على توجيه ضربات كبيرة للنظام، بالإضافة إلى سيطرة مجموعات كردية على مناطق شمال البلاد، بات النظام السوري يعتمد في شكل كبير على حلفائه الأساسيين من أجل البقاء وعلى رأسهم طهران التي استثمرت أكثر من 30 عاماً في تعزيز علاقاتها مع دمشق وقال محسن سازكارا، وهو من مؤسسي الحرس الثوري ومعارض حالي للنظام الإيراني يعيش في المنفي في أميركا لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «ستفقد إيران أحد أذرعها إذا سقط نظام الأسد. وهى تسخر كل إمكانياتها لمنع حدوث هذا».