ربما تُشبه منار، فتيات أخريات، يرغبن في تعلم الرسم، أو التصوير، أو وضع أصباغ المكياج، أو الحاسب الآلي. لكنها وزميلاتها يختلفن عنهن، فهن كفيفات، فقدن البصر في مراحل عمرية مختلفة. وعلى رغم ذلك، انخرطن في دورات ينظمها مركز «القطيف للمكفوفين»، التابع لجمعية «القديح للخدمات الاجتماعية». لم تكن منال كفيفة منذ ولادتها، ولكنها تعرضت بعد أن أكملت الثانوية العامة، إلى «خطأ طبي نتيجة سحب المياه الزرقاء». وتقول: «في البداية كان شعور اليأس والإحباط يلازمني، إلا أن وجود مركز يُعنى في الكفيف أزال تلك المشاعر عني، وفتح أمامي طريقاً واسعاً للتعلم». تجلس زهراء في مقعد قريب من منال، هي الأخرى، تدرس الحاسب الآلي، وتشير إلى الدور «الكبير» لأسرتها في «التخفيف من معاناتي مع فقدان البصر». أصيبت زهراء بالعمى بعد تخرجها في الجامعة بسبب «ضمور في العصب البصري، وهو مرض متوارث في أسرتنا». وشعرت في البداية «بانكسار، فبعد أن كنت في عالم المبصرين، أصبحت الدنيا مظلمة في وجهي»، مستدركة «بعد اكتشافي البرامج التعليمية والدورات التدريبية التي تقدم للمكفوفين هنا، بدأت أشعر بالأمل، وأنني لن أعيش على هامش الحياة». وتقول رئيسة اللجنة النسائية في المركز أحلام القطري: «نتطلع بمهام متميزة، نُسهم من خلالها في تنفيذ الأهداف والطموحات التي تبناها المركز، ويسعى جاهداً إلى تحقيقها»، مضيفة «يقدم المركز دورات عدة، منها اختصارات «برايل» البسيطة. كما يحوي فصلاً لكفيفات البصر، والمصابات بعوق عقلي، وننظم جلسات إرشادية للكفيفات، ودورات في الحاسب الآلي». بيد أن المركز، الذي انطلقت نشاطاته قبل عامين، «يفتقر إلى الدعم المالي، فهو بحكم تبعيته لجمعية، قائم على التبرعات»، موضحة أن البرامج الخاصة بتعليم الكفيف الحاسب الآلي «باهظة الثمن، لأن الكفيف يعتمد في استخدامه للحاسب على السمع، وهناك خطة مبدئية لتوزيع 20 جهاز حاسب آلي على المنتسبات إلى الدورات وغيرهن من الكفيفات». وتدرس في المركز، الذي تعمل فيه سبع موظفات 30 متدربة. وتخصص اللجنة النسائية فيه ساعة كل يوم أحد من كل أسبوع، على مدار العام، للرد على الاستفسارات المتعلقة بكف البصر، ومساعدة الكفيفات وذويهن على «إتباع الطرق السليمة في التعامل مع أبنائهن وبناتهن، واستقبال الاتصالات على الرقم «8523353» تحويلة «106». وتشير مدربة الحاسب الآلي في المركز رقية الطويل، إلى «الطموح والصمود والتحدي الذي تتميز به الكفيفات الدارسات في المركز، فعلى رغم عوقهن، إلا أنني أرى فيهن ما لا أراه في المبصرات، من إصرار على التعلم، والتجاوب والتفاعل أثناء الدورات، وكثيراً ما سمعت منهن ان المُعلم الجيد، وتوافر أدوات التعليم سهلت عليهن الكثير من الأمور الحياتية». اللافت ان من بين الدارسات معلمات للتربية الخاصة. وتضيف رقية «نعاني من مشكلة عدم توافر متطوعات في المركز، فالفتيات يشعرن ان للكفيف عالمه الخاص الذي لا يندمج فيه مع المبصرين، إلا أن تعاملي معهن أثبت لي غير ذلك». بدوره، يكشف رئيس اللجنة الإعلامية لمركز المكفوفين حسن آل غزوي، ان «اللجنة الثقافية والإعلامية في المركز تكثف جهودها هذه الأيام، لوضع اللمسات الأخيرة لطرح مسابقتها الكبرى على مستوى المملكة، والمعنونة ب»مسابقة مركز رعاية المكفوفين في القطيف الإبداعية» وتختصر ب»مبصرون»، مشيراً إلى أن من أهم أهداف المسابقة «تعريف المجتمع بطاقات الكفيف الإبداعية، وأيضاً تعريف المجتمع بالمركز وأهدافه، ونشاطاته، وبرامجه، وتوفير الدعم المالي للمركز»، مضيفاً أن المسابقة تشمل «الفنون التشكيلية، والتصوير الضوئي، والشعر، والقصة القصيرة، والنص المسرحي، وقد تم اختيار لجنة تحكيم لكل فرع من فروع المسابقة».