سادت أجواء التوتر والقلق المشهد السياسي العراقي في اعقاب صدور حكم غيابي بالاعدام على نائب رئيس الجمهورية والقيادي في «القائمة العراقية» طارق الهاشمي، وسط تجدد واسع لأعمال العنف طاول ثماني مدن عراقية على الأقل، وحصد ما يزيد على 300 قتيل وجريح. وقالت الشرطة ومسؤولون طبيون ان ثلاث سيارات ملغومة انفجرت في أحياء تقطنها أغلبية شيعية في بغدادمساء، ما أسفر عن مقتل 15 شخصا على الأقل وإصابة عشرات آخرين. ليرتفع عدد قتلى تفجيرات مختلفة وقعت امس في أنحاء العراق الى 73 على الأقل. وأصدرت المحكمة الجنائية العليا في العراق امس حكماً غيابياً بالاعدام شنقاً بحق الهاشمي ومدير مكتبه احمد قحطان، بعد ادانتهما بقتل المحامية سهاد العبيدي والضابط في الامن الوطني طالب بلاسم وزوجته، فيما برأت المحكمة المتهمين في قضية اخرى تتعلق بمقتل ابراهيم صالح وزوجته لعدم كفاية الادلة. ويأتي الحكم القضائي في نطاق احكام متوقعة اخرى تشمل نحو 150 قضية متهم فيها الهاشمي وافراد حمايته منذ بداية العام الحالي، يتعلق معظمها بأعمال قتل وخطف وتفجير. وشهدت جلسة المحكمة بشكل مفاجئ استبدال قاض آخر بالقاضي هاشم الخفاجي المسؤول عن ملف الهاشمي، ما اثار تكهنات وتسريبات وشكوكاً مختلفة نفاها الناطق باسم مجلس القضاء الأعلى عبد الستار بيرقدار الذي قال ان الخفاجي في اجازة اعتيادية ولم يتم استبعاده من القضية. وقال البيرقدار ل «الحياة» ان «القاضي الخفاجي في اجازة حالياً وتم تكليف قاض آخر بديل من محكمة الجنايات» نافياً ان يكون قد ابعد نهائياً عن محاكمة الهاشمي. وأضاف: «ستستمر المحكمة في عقد جلساتها الى حين الانتهاء من الاستماع الى الشهود ومطالعات الدفاع، ولا يوجد وقت محدد للنطق بالاحكام، ولا صحة لما تناقلته وسائل اعلام عن ان جلسة اليوم (امس) هي الاخيرة في محاكمة الهاشمي المتهم ب 150 قضية». ورفض عضو فريق الدفاع عن الهاشمي المحامي مؤيد العزي التعليق على تغيير القاضي، وقال ل «الحياة»: «لا دخل لنا باستبدال القاضي، وهو أمر يخص المحكمة». وأضاف: «استمعت المحكمة الى مزيد من المدعين بالحق الشخصي، كما قدم فريق الدفاع مطالعة طالب فيها بإسقاط جميع التهم الموجهة الى نائب رئيس الجمهورية ومدير مكتبه، خصوصاً بعدما اكد الخبراء استحالة تركيب كواتم الصوت على الاسلحة المضبوطة». وأشار الى ان «فريق الدفاع جدد مطالبته بنقل قضيته الى اقليم كردستان او محافظة كركوك». ويقيم الهاشمي حالياً في تركيا التي انتقل اليها من إقليم كردستان حيث لجأ بعدما عرضت وزارة الداخلية نهاية العام الماضي اعترافات مجموعة من أفراد حمايته بالقيام بأعمال عنف بأوامر منه. وتأتي هذه التطورات في أجواء ازمة سياسية وامنية كبيرة يشهدها العراق منذ انسحاب القوات الاميركية من البلاد نهاية العام الماضي، حيث ادرجت قضية الهاشمي ضمن مسببات الخلاف بين الاطراف العراقيين. في هذا الوقت، انفجرت عشرات السيارات المفخخة والعبوات الناسفة في وقت متزامن امس في ثماني مدن عراقية شهدت ايضاً هجمات مسلحة عدة، مخلفة ما يزيد على 300 قتيل وجريح. وإضافة الى مدينة كركوك المتنازع عليها بين العرب والاكراد والتي شهدت امس انفجار اربع سيارات مفخخة في نطاق تدهور ملحوظ في امنها منذ بداية العام، كان لافتاً امتداد الهجمات الى مدن البصرة وذي قار وميسان في جنوب العراق والتي تعرضت الى سلسلة هجمات خلفت عشرات القتلى والجرحى، في مقابل تفجر اشتباكات بين مسلحين والاجهزة الامنية في بلدة ابو غريب غرب بغداد اسفرت عن مقتل ثلاثة جنود عراقيين على الاقل، وفي بلدة بلد (شمال العاصمة)، وشملت الهجمات ايضاً مناطق بغداد وصلاح الدين وديالى والانبار. وفي باريس (أ ف ب)، نددت فرنسا «بأشد العبارات حزماً» بالاعتداءات التي شهدها العراق و «خصوصاً الاعتداء (بسيارة مفخخة) امام القنصلية الفخرية لفرنسا» في الناصرية على بعد 300 كلم جنوب العاصمة بغداد. وفي اسطنبول، التقى الهاشمي امس وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، بعيد صدور الحكم عليه. وقال ديبلوماسي تركي رفيع المستوى ان «الهاشمي وصل من اسطنبول الى انقرة والتقى داود اوغلو»، موضحا ان الاجتماع كان متفقاً عليه سابقاً لكنه تزامن مع صدور الحكم. وكان مقرراً ان يلتقي الهاشمي في وقت لاحق مساء امس رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان.