حينما نقول بسنن كونية تدفع بعضها لكي يتجدد جلد الأرض، ويُخلق من جديد، لا يكون القول جزافاً، الحديث عن تنوع «الجماد» لكي يحيا من جديد بخلق حديث هو آية لا غفَلان عنها ولا ارتياب. وحينما نقول آية، ويمر عليها إنسان أصم، يرفض التغيير بدعوى الحفاظ على الأصولية، أياً كان مدى اتساعها مع المنطق ومناسبتها للحال، يكون فعله ضرباً من الجنون. إنه من الهذيان بمكان أن يظن قائل من القائلين أن رفض التغيير من سمات العقل ومراسم المروءة، وقد قَبِلَ النبي «صلى الله عليه وسلم» أجدد الحلول وأكثرها «حداثة وغربة» من مجتمع العرب والأعراب بالخندق، من الصحابي الفارسي بغزوة الخندق. ما نعانيه ليس معضلة دينية نتجاذب حول إثبات اتساعها أطراف الحجج، بل معضلة تقاليدية يخشى فيها البنون غضبة آبائهم، إن هم تغيروا أو غيروا وهم في قاع التُرَب. التجديد قدر الحياة، يصل إليه من ارتضاه، والدفن قدر التجمد ينهال عليه من افترى التقتم، وهو ليس من صحة المنطق في شيء. من هنا يبدأ البصيص انتشاره بأن «يفكر» الفرد بصحة كل ما قد تم تلقينه إياه، وكل ردود أفعاله الناتجة من موروثات مسلمة لديه عله يصل لقناعة شخصية يبني عليها مواقفه «بمرونة» من جديد. خطوات انبثاق رؤية الفرد تبدأ من الداخل لديه، ومن داخل الداخل في «عقله إن قرر أن يفكر ويوسع من دائرة قراءته، فيرى ببصره وبصيرته اتساع الرؤى الفقهية، ويرى ببصره وبصيرته ميزان كيل المواقف، ويرى لاسيما حقيقة موقعه». لا غنى لأحد عن إعادة التجديد، وإعادة النظر والمرونة الغالبة التي توصل لراحة الرؤية واعتدال الضمير، فلا تثور الأجساد فقط، وإنما حق على العقول أن تثور. «اقرأ»، هي بداية التحرير لعقل مُتقدٍ، و«ابحث» هي بداية التنوير لمن بالظلمة والأسئلة قد احترق، الفرد الذي يبادر ويقرأ لا وصاية لكائن من كان عليه، فهو وحده من بيديه الإجابة عن أسئلته المتراكمة، أضحى بيديه الدليل والطريق وعليه النفاذ. لا وصاية للناس على بعضهم البعض مهما اتسق رسوخ البراهين، إذا ذكرنا الإنسان ذكرنا معه حقه في الاختيار، إذ وهبه إياه الذي خلقه من علق. أولى بمن يدعي النفع أن يُجدد ويتجدد، أولى بمن يدعي الإصلاح أن يجدد ويتجدد، فالحولُ لغيث التجديد أجدب. [email protected]