يتساءل كثير من المعلمات في المدارس داخل المناطق الوعرة وغير الممهدة، هل وظيفتهن تشكل نعمة أم هي قطعة من العذاب الذي يتجرعهن يومياً، وهل من المعقول أن يبدأ الاستعداد للدوام من الساعة الثانية صباحاً وتكون العودة الساعة الخامسة مساء؟ فماذا يبقى لراحتهن ونفسيتهن وأزواجهن وأسرهن خصوصاً أن كل ذلك يتم في أجواء يسكنها الرعب من حوادث الطرق؟ فأي تعليم من الممكن أن يحققنه أو أية فائدة تعود عليهن في ظل أوضاع مأسوية كهذه؟ وقال ولي أمر إحدى المعلمات سعود الحمدي: «لم يكن هناك أدنى حلول في عمليات نقل المعلمات إلى مدارسهن، لعدم وجود قائدي مركبات مهيئين مهنياً، ويبالغون في رفع أسعار النقل الخاص، إضافة إلى أن معظم قائدي المركبات من كبار السن تكون خبرتهم في قيادة المركبات تلاشت كلما تقدموا في العمر، ولعدم التعاقد مع شركات مسؤولة من إدارات التعليم على مستوى المملكة»، وأضاف: «هناك مؤسسات للنقل المدرسي، ولكن أرى أن الآلية الموضوعة إن وُجدت لا ترقى بالمستوى المأمول، خصوصاً أن عدداً من المعلمات في مدارس متباعدة، ولا توفّر لهم حافلة كافية لنقلهن، ما يحد من راحة المعلمات النفسية». وقالت المعلمة (س .ع): «هناك زميلات لي أُصبن بحالات نفسية وإرهاق جسدي من كثر نقاط التنقلات ومن الزحام الذي يقابلنه في باصات النقل، لعدم توافر مركبات خاصة بالنقل، إذ إن بعض نقاط التنقلات تبلغ أربعة مواقع لتغيير المركبات»، لافتة إلى أن معظم زميلاتها يقطعن 150 كلم على الطريق السريع و50 كلم آخر للوصول إلى مدارسهن من مركز الطوال جنوب منطقة جازان إلى الشمال من جبال الحشر في المناطق النائية، عبر أكثر من وسيلة نقل في الجبال الوعرة والمناطق النائية. وأشارت إلى أنها وزميلاتها يستعددن للذهاب إلى المدرسة من الساعة الثانية صباحاً، لتبدأ رحلة المعاناة والسفر إلى مدارسهن الساعة الثالثة فجراً، إلى أن يعدن إلى منازلهن الساعة الخامسة مساء، لتقابلها والدتها بالزغاريد فرحاً بسلامة العودة من مخاطر الطرق والحوادث اليومية، لافتة إلى أنها بعد رحلة العناء تفوت عليها كثير من واجباتها المنزلية تجاه زوجها وأبنائها وبيتها. وذكرت المعلمة (ف.ح) أن زميلة لها كانت تدرس في بني مالك، توفيت في حادثة مع ثلاث من زميلاتها وقائد المركبة على طريق العارضة فيفا قبل عامين، مطالبة الوزارة بوضع حلول جذرية للحد من حوادث المعلمات والطالبات المأسوية المتكررة، في حين قالت المعلمة (ف . م): «تم تعييني في جزيرة فرسان، ومعاناتي تبدأ برحلتي من محافظة صامطة إلى جازان، ثم الصعود إلى العبارة ومن بعدها ركوب قوارب للوصول إلى جزيرة أخرى للوصول إلى المدرسة، ناهيك عن الزحام الشديد في كل خطوة من خطوات تلك الرحلة المضنية».