وضعت السلطات العراقية أمس الحجر الأساس لمنتدى معرفي خاص بطائفة الصابئة المندائيين، في محاولة منها للحفاظ على من بقي من أبناء هذه الأقلية الأساسية المهددة بالانحسار. والمبنى الذي باشرت وزارة الثقافة إنشاءه يقع في جوار أحد أبرز معابد الصابئة وتندرج في إطار مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013. ووضع وكيل وزير الثقافة طاهر ناصر الحمود وزعيم الطائفة في العراق والعالم ستار جبار حجر الأساس لدار المعرفة الذي سيقام على مساحة 1080 متراً مربعاً بكلفة تبلغ نحو مليون دولار. وقال الحمود إن «هذه في الواقع خطوة لإنصاف هذه الطائفة لأنها تعرضت لحيف وظلم كبيرين شأنها شأن الأقليات الأخرى كالمسيحيين والايزيديين». وأضاف أن «إقامة منتدى يأتي في إطار السعي للحفاظ عليهم، ونحن نعلم أن أعداداً كبيرة بدأت تترك العراق بحكم الظروف الصعبة وعمليات الإرهاب التي طاولتهم مثلما طاولت الطوائف الأخرى». وتابع وكيل الوزارة: «نحن حريصون على أن نحتفظ بهذه الطائفة ويجب علينا أن نشعرها بالأمان مادياً ومعنوياً». والصابئة المعروفون أيضاً باسم المندائيين يتكلمون تقليدياً شكلاً من أشكال اللغة الآرامية ويعتبرون آدم نبيهم ويقدسون يوحنا المعمدان. وتعود جذورهم إلى ما قبل المسيحية، بينما يعتقد باحثون أنهم مذهب منشق عن اليهودية وصل إلى بلاد الرافدين في القرن الثاني قبل الميلاد. وفي بداية الثمانينات كان عدد أبناء هذه الأقلية في العراق أكثر من مئة ألف. لكن الطائفة انحسرت بعد الحربين اللتين خاضهما الرئيس الراحل صدام حسين ضد إيران والكويت. وقبل إسقاط نظام صدام حسين في 2003 لم يكن قد بقي من المندائيين في العراق أكثر من 35 ألفاً موزعين في ست مدن كبرى هي بغداد وأربيل (شمال) والديوانية والكوت (وسط) والعمارة والبصرة (جنوب). حتى أن أسرة رئيس الطائفة الشيخ ستار جبار الحلو تقيم في أستراليا حيث أكبر جالية للصابئة في العالم. وقال الحلو في كلمة خلال الاحتفالية إن «وضع الحجر الأساس لصرح مندائي معرفي رافد غزير (...) لأنه مفخرة لأمة». وأضاف أن «المبنى يضم قاعة للمتحف وقاعدة للعرض متعددة الأغراض والمرافق الخدمية، لتحكي قصة سفر لمكون أصيل». وأثنى الحلو على المشروع، قائلاً إن «التفاتكم الكريمة وسخاءكم لرافد تؤمنون بحيويته، وعمق أصالته وثراء عطاءاته، (....) وهذا عهد من إخوانكم، وأبنائكم الصابئة أن يعطوا الأمانة حقها».