فيما يرى البعض أن وسائل التواصل الجديد المدمجة بما بات يعرف باسم «الهواتف الذكية» تزيد من التواصل، بيد أن آخرين يعتبرونها مجردة من «الحميمية» باعتبارها لا تعطي الشخص الإحساس بلذة اللقاءات الاجتماعية المباشرة، وأن «الواتس اب»، و«الفايبر» وغيرهما، وسائل شريرة ترغب في إفقاد المجتمع تواصله وترابطه، وتسيطر على نظر المستخدم للأسفل. ولم تعد هذه الوسائل حكراً على الشباب والمراهقين بل أصبح الكبار من الرجال والنساء يستعينون بها في إرسال عبارات التهنئة بالأعياد والمناسبات باعتبارها الأوفر من حيث الوقت والمال. وأوضحت الاختصاصية الاجتماعية عبير خالد ل «الحياة» أن وسائل التواصل الجديدة نزعت العلاقات الحميمة من الأوساط الأسرية، مضيفة «ويتزايد ضررها مع الوقت ويذوب فيها المستخدمون مع التعود والاستمرار والاعتماد عليها». وتقول الاختصاصية إن لغة الكتابة لا تترجم أحياناً الواقع الحقيقي للأرواح، فالمواجهة الواقعية تعد الأصل. وتعتبر أن أوضح صور إفقاد هذه الوسائل تتمثل في مجالس الرجال والنساء التي ينشغل غالبية الجالسين بأجهزة هواتفهم الذكية، وبالأخص في المجتمعات البشرية. من جهته، يقول الشاب خالد البيضاني من سكان الباحة ل «الحياة» إنه يعتبر وسائل التواصل الجديدة لا تكفي ولا تغني عن التواصل المباشر، ولكنها تساعد على التواصل بشكل مريح بعيداً عن التكلف. بينما يرى الشاب محمد عبدالرحمن من سكان الباحة، وهو طالب جامعي، أن وسائل التواصل الجديدة ساعدت وزملاءه بالدراسة في التواصل بشكل جيد غالبية الأوقات في المذاكرة ومراجعة بعض المسائل الحسابية، معتبراً أن هذه الطريقة أنجع من طريقة اللقاء المباشر التي تتحول إلى «جلسة سواليف، ولا نحصل طوال اللقاء الذي يمتد لساعات إلا على نصف ساعة مذاكرة فقط». وتنظر الشابة نوف محمد من سكان الباحة، لوسائل التواصل باعتبارها «طوق نجاة» للطالبات في أيام الاختبارات، ووسيلة لقاء غير مباشر في أيام الإجازات في ظل سفر بعضهن إلى خارج المنطقة. ويشير الشاب عبدالله الحريري من أهالي الباحة، إلى أن برامج الأجهزة الذكية تعزز من التقارب الاجتماعي والتواصل بين البشر مهما فرقتهم الجغرافيا، مضيفاً «فهناك أشخاص ربما لم تعرفهم إلا عن طريق «فيسبوك» أو «تويتر» أو «البلاك بيري» وغيره، ما يعني أنك تكتسب صداقات جديدة ومتنوعة في هذا العالم». ولكن الشاب ياسر الحمدان يختلف في الرأي مع الحريري ومن سبقوه، إذ يعدها تقنيات رائعة لكن في الوقت نفسه لا يراها تغني عن التواصل المباشر مع الأصدقاء. ويقول الحمدان «هذه التقنيات رائعة جداً ولكننا لا نريد أن تغنينا عن التواصل المباشر، ولا أراها تغني عن التواصل المباشر مع أجمل الأصدقاء فلا نريد أن تقطع عادة التواصل الجميلة والحميمية». وبالمقابل، يرفض كبار السن، والبعض من الشباب، هذا الوسائل جملة وتفصيلاً، ويصفونها بالملاعب التي أخلت بآداب المجالس، وأصبحت تلك الأجهزة قطعة من جسد الشاب الذي يقضي طيلة فترة جلوسه في المنزل أو السيارة أو مكان عام في الرد والكتابة، محدقاً ببصره إلى الأسفل.