يوم قتلت خبات محمد زوجها الذي خانها مع عشيقته، في الشقة التي وجدتهما فيها، لم تفكر في أن مصيرها سينتهي عند محكمة الجنايات في مدينة السليمانية التي حكمت عليها بالإعدام. خبات التي تسكن منطقة جمجمال قتلت زوجها خنقاً بمفرش بلاستيكي يتم استخدامه لتناول الطعام، هو أول شيء وقعت عليه عيناها بعدما شاهدت زوجها مع عشيقته فسارعت إلى لفّه حول عنقه وخنقه قبل أن تفر عشيقته من المكان. محكمة الجنايات التي نطقت بحكم الإعدام بحقها، اعتبرت الجانية قاتلة متعمدة ولم تعتبرها قضية شرف كما هي الحال لو كان الفاعل رجلاً يقتل زوجته بعد اكتشافها مع عشيقها. فالقانون العراقي لا يجرِّم الرجل بتهمة الخيانة الزوجية إلاّ إذا كانت تلك الخيانة داخل منزل الزوجية، إلاّ أن هذا القانون لا ينطبق على المرأة التي يستطيع الزوج التصرف عند ضبطها مع عشيقها في أي مكان كان، واذا وصل الأمر إلى قتلها بمفردها أو مع عشيقها فعقوبته لا تتعدى السجن لشهور معدودة على اعتبارها قضية شرف. القتل أو التقدم بشكوى أمام المحكمة، طريق وحيد أمام الأزواج والزوجات في مدينة السليمانية عند حدوث الخيانات الزوجية، فالأولى سائدة في مركز المدينة، أمّا الثانية فتزداد بين الأقضية والنواحي التي تتحكم بها الأعراف العشائرية ومن بينها قضاء كلار الذي خرجت منه عشرات القصص حول الموضوع. ولا يصعب على الأزواج في مدينة السليمانية إقامة شكوى بالخيانة الزوجية ضد زوجاتهم بعد وقوع الخلافات بينهم، ويلجأ إليها بعضهم عند اتخاذ الطرف الآخر قراراً بالإنفصال فيتقدم بشكوى ضده بالخيانة. وارتفعت نسبة قضايا الخيانات الزوجية بشكل ملحوظ في محاكم مدينة السليمانية وأقضيتها، وغالباً ما تتغيّر بعد عرضها على القضاء حيث يتم تغيير مجرى القضايا في الكثير من الأحيان. ويقول المحامي كارزان فاضل ل «الحياة» إن عدداً كبيراً من الأزواج يعتمدون في اتهام زوجاتهم بالخيانة على المادة 377 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لعام 1969، وهو قانون موروث من الحقبة الماضية التي سبقت التغيير. وتتضمن المادة فقرتين، الأولى تنص على «معاقبة الزوجة الزانية ومن زنى بها بالحبس، على أن يكون الزاني بالزوجة على علم بأنها متزوجة»، أما الثانية فتنص على «إنزال العقوبة ذاتها بالزوج الزاني في منزل الزوجية». ولا يربط فاضل بين كثرة قضايا الخيانة الزوجية أمام المحاكم في المدينة وطبيعة القرارات، موضحاً أن ذلك لا يعني أن كل القرارات تكون ضد المرأة، ويقول: «ليست جميع القضايا تنتهي بأحكام تدين المرأة، فالكثير منها يتم إغلاقها لعدم كفاية الأدلة أو لعدم انطباق المادة المتعلقة بالخيانة الزوجية على الواقعة». ويروي واقعة اتهم فيها أحد الأزواج زوجته بالخيانة الزوجية بالإعتماد على رسالة وردت على هاتفها النقال، لكن القاضي وجد أن الواقعة بعيدة من المادة الخاصة بالخيانة الزوجية، فأغلق القضية. وتقول الناشطة المدنية ورئيسة مركز إنماء الديموقراطية وحقوق الإنسان في السليمانية، سردشت عبدالرحمن مجيد، إن الإزدواجية في التعامل مع الجاني في هذه المادة واضح للعيان، إذ تعاقب المرأة على فعل، لا يعاقب على ارتكابه الرجل، إلاّ في حال وقوعه داخل منزل الزوجية. وتضيف: «بموجب هذه المادة يُعد زنى الرجل وخيانته لزوجته خارج المنزل فعل مُباح وليس جريمة، كما أن الأحكام القضائية تتعامل مع الرجل الذي يقتل زوجته بتهمة الخيانة الزوجية على أنه مرتكب لجريمة شرف»، موضحة أن «المحاكم ذاتها تحكم على المرأة التي تقتل زوجها متلبساً بفعل الخيانة الزوجية، تحت بند القتل العمد مع سبق الإصرار، ولا تتعامل مع القضية على أنه جريمة شرف، كما تفعل مع الرجل».