تجهد المغنية اللبنانية ياسمين حمدان الملقبة ب «ياس، كي تبقى امرأة حرة وموسيقية محترفة». لا تقيّدها أية حسابات للنجاح والانتشار، حتى الجمهور «ليس في مصلحته أن يعتاد أو يتوقع الأغنية الجديدة التي سأقدمها... لا أتعمد مفاجأته، ولكن، لديّ مسؤولية تجاه هذا الجمهور بأن أقدم له عملاً مميزاً ومختلفاً عن السائد والذهاب إلى حد المغامرة». وتعتقد «ياس» أن جمهورها يشبهها في البحث عن تلك الأشياء، و «هنا نتلاقى وتكون لحظة التوهج والاندهاش والتفاعل»، كما توضح. تؤمن ياسمين حمدان بأن لا حدود للتجريب والتنويع في الموسيقى بكل أشكالها وأنماطها، وهي تستمتع حين تسمع وتكتشف وتجرّب كل هذا الزخم الموسيقي والغنائي العالمي. وتقول: «أعيش بين ثقافتين، فهويتي عربية وعندي نافذة أطل منها على ثقافات العالم من خلال قراءاتي ورحلاتي وإقامتي في باريس. وحريتي هي بوصلتي التي تحركني. فأسمع أم كلثوم القديمة مثل باكروان و «النبي سلم»، وأعشق موسيقى سيد درويش وليلى مراد وأسمهان. لكن، لموسيقى محمد عبدالوهاب مكانة خاصة في قلبي وعلى مسمعي، لأني آراه مثلي فناناً حراً لحّن وألّف موسيقى بكل طعم ولون، من دون أن يفرض على نفسه وعلى جمهوره أسلوباً محدّداً... وهذا هو الطريق لكل تجديد، فالمعيار الأهم هو الاختيار بين الجيد والرديء، لا القديم والجديد أو بين الشرقي والغربي». أحيت «ياس» حفلتين متتاليين اختتمت بهما مهرجان «حيّ» على مسرح الجنينة في القاهرة. وقدمت أشكالاً متباينة وألواناً موسيقية تنتمي إلى ثقافات وعوالم تبدو متنافرة. وكانت تنتقل من النمط الكلاسيكي (أغنية «بلا طنطنات» التي تسخر من الزعماء العرب) إلى الموسيقى الإلكترونية والمؤثرات الصوتية المشبعة بالدراما المؤثرة في الجمهور، إلى البوب في أغنية «إيه الأستوك ده... إيه اللي أنت عامله ده»، منتقدة انحدار مستوى الغناء في العالم العربي. صُدم الجمهور المصري الذي يرى ويسمع «ياس» للمرة الأولى، فاختار بعضه الانصراف، فيما فضّل آخرون انتظار ما ستؤول إليه الأمور. لكن، سرعان ما استدركت «ياس» الأمر، وبدأت بمفاجآتها حين أدّت أغنية أحمد عدوية الشهيرة «يا بنت السلطان» بطريقة مختلفة مستلهمة روح وطبيعة الغناء الشعبي، ثم أتبعتها بأغنية «لا مش أنا اللي أبكي» لعبدالوهاب، محرّكة خصرها في الوقت اللازم للتفاعل مع من بقي من الجمهور. دعم مشوار «ياس» وتابعه المدير الفني في مؤسسة المعهد الثقافي شارل رفيق العقل، منذ كانت في فرقة «سوب كيلز» (الصابون يقتل) في الثمانينات، إلى أن استقلّت وقدمت ألبومات عدة حققت لها انتشاراً في أوروبا عموماً وفي فرنسا خصوصاً. وعملت «ياس» على جمع فرقة موسيقية ملوّنة الثقافات والأهواء الموسيقية، إذ ترى فيها الفرنسي والهندي والعربي. وتأتي حفلتها في القاهرة، ضمن جولة عالمية للترويج لألبومها الأخير «بيرمت»، تزور فيها برشلونة وباريس وغيرهما من المدن الأوروبية. تراهن «ياس» دوماً على ضرورة أن يكون الفنان حراً وعفوياً، ولا تقبل أن يروّضها المجتمع أو أن توضع في قالب معين. وتؤكد: «أنا حرّة، وكوني امرأة يجعلني أمام مسؤولية إثبات نفسي. فقد عانيت كثيراً من العقلية المغلقة في عالمنا العربي ومن الرقابة في بعض الأحيان، ولكني سأعمل وأنفّذ كل ما يخطر في بالي من أفكار ومشاريع. لن أقبل بالتنازل أو الرضوخ».