قدّر اتحاد الصناعات العراقية المشاريع الصناعية المتوقفة ب40 ألفاً، مشيراً إلى أن أكثر من 80 في المئة من المصانع متوقف عن العمل منذ عام 2003 لغاية اليوم، بسبب انقطاع للتيار الكهربائي وشحّ الوقود وغلاء النقل وعدم توافر المواد الأولية، فضلاً عن هجرة أصحاب رؤوس الأموال. وأشار رئيسه قيس الخفاجي إلى أن معظم المصانع توقفت بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية مطلع تسعينات القرن الماضي، وبدأ قسم آخر يعيد نشاطه بعد دخول القوات الأميركية إلى البلاد، إلا أن هناك قرابة عشرين ألف مشروع متوقف بسبب حاجتها إلى تأهيل الآليات وتوافر المواد الأولية والعمال والفنيين الذين هاجروا بعد الاحتلال نتيجة تدهور الوضع الأمني. وعن عدد العاملين المتضررين من هذا التوقف، قال الخفاجي إنه لا توجد إحصاءات حكومية، لكن من دون شك يقّدر عددهم بالملايين، إذ تشير تقديرات لصندوق النقد الدولي إلى أن العراق يحتل المرتبة الخامسة عربياً من حيث ارتفاع معدل البطالة، الذي يبلغ 18 في المئة، أي نحو 5.4 مليون عراقي. وأضاف أن أهم القطاعات المتضررة هي الصناعة النسيجية والخياطة والإنشاءات والصناعات الغذائية والكيماوية والورق والطباعة. وأوضحت عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، نورة سالم البجاري في تصريح إلى «الحياة» أن هناك أسباباً إضافية، منها انعدام القوانين التي تنظم عمل القطاع الصناعي، وعدم تطبيق قوانين التعرفة الجمركية والضرائب، واتهمت الحكومة بتعطيل تنفيذ هذه القوانين وتذرعها بعدم تهيئة المنافذ الحدودية. وأشارت إلى أن الحل الأمثل للنهوض بالواقع الصناعي هو تجنّب الصناعات الضخمة والتوجه نحو الصناعات المتوسطة والصغيرة التي تمتاز بسرعة الإنشاء وبدء الإنتاج وتشغيل اليد العاملة. إلى ذلك، لفت المدير العام ل «المديرية العامة للتنمية الصناعية»، إحدى الدوائر التابعة لوزارة الصناعة والمعادن، محمد حسن عبود، إلى تزايد عدد المشاريع التي اكتمل تأسيسها بعد تطبيق نظام النافذة الواحدة، كدليل لاستعادة القطاع الصناعي عافيته. وأوضح أن عدد المشاريع الصناعية بلغ 445 مشروعاً العام الماضي، مقارنة ب302 عام 2010. وتطرّق إلى مشروع المدن الصناعية الذي يهدف إلى إنشاء مدينة صناعية في كل محافظة، لغرض خلق بيئة صناعية تتمركز فيها الصناعات المتوسطة والصغيرة العائدة للقطاع الخاص. وأضاف أن المدن الصناعية كفيلة بدعم النشاط الاقتصادي للبلاد والقضاء على مشكلة البطالة والسيطرة على الصناعات من ناحية الجودة والحفاظ على البيئة وتقليص تكلفة المنتج وزيادة قدرته التنافسية مع المنتجات العالمية المنافسة. وقررت الحكومة العراقية العام الماضي البدء بتنفيذ أربعة مدن صناعية في ذي قار والبصرة ونينوى بتكلفة إجمالية تفوق 50 بليون دينار عراقي (4 بلايين دولار). وأوضح الخبير الاقتصادي في وزارة الصناعة حسن الفياض أن العراق يملك 18000 مشروع صناعي خاص كامل التأسيس، إلا أن معظمها متوقف عن الإنتاج أو يعمل بطاقات إنتاجية متدنّية، كما يوجد 14 ألف مشروع صناعي تحت التأسيس لم يكتمل تأسيسها لأسباب عدة. وقال «نسمع الكثير عن الدعم للقطاع الصناعي الخاص لكن، على أرض الواقع لم نجد الدعم المطلوب والمساهمة في حل الكثير من المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع». وأشار إلى أن أهم مشاكل القطاع ارتفاع أسعار الوقود، وبالتالي تكلفة الإنتاج، وعدم قدرة المنتج المحلي على المنافسة السعرية مع السلع المماثلة المستوردة، وضعف أجهزة القياس والسيطرة على النوعية، ما أدى إلى دخول سلع صناعية غير مطابقة للمواصفات العالمية لتنافس السلع المحلية الملتزمة بالمواصفات المعتمدة عالمياً أو محلياً. ولفت إلى أن هناك مشكلة سياسة الإغراق التي تمارسها الدول المجاورة عبر خفض أسعار منتجاتها في السوق المحلية لمنافسة الإنتاج المحلي. وتابع الفياض أن من المشاكل الأخرى الغش الصناعي وضعف التمويل وارتفاع تكلفة القروض الصناعية، حيث وصل معدل الفائدة على هذه القروض إلى 11 في المئة، كما أن المصرف الصناعي لم يعد هدفه تحقيق التنمية الصناعية، إنما أصبح يمارس الأعمال بهدف تحقيق الأرباح أسوة ببقية المصارف الحكومية. وفي ما يتعلق بالاستثمار الأجنبي والمحلي في القطاع الصناعي الخاص، أكد أنه لا يزال دون المستوى المطلوب بسبب كثرة الأجهزة الرقابية وعدم وجود حماية للإنتاج الوطني.