سيكون مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي المنعقد بمكة الأسخن على مدار مؤتمراته الاستثنائية الثلاثة السابقة ودوراته الاعتيادية ال»الفائتة»، هذه المرة في كل جبهة جرح، وبكل قلب طعنة، وقد نبلع الطعنات على مضض لأننا لم ولن نقوى على دفعها بهذا التباعد ومساحة الاختلاف الدائمة على خطاب، والتجادل والتثاؤب عند توصيات يوم الختام، قد نجامل ونتجاهل الجراح لأنا نُفَعِلْ «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، بينما نطمس من الذهن حقيقة أنه لا أحد يستطيع ركوب الظهر إلا إذا كنا في وضع الانحناء، ولا أحد يمنعنا من الاتفاق على نص جملة جريئة واحدة إلا إن كانت الألسن تتحدث بلغات متباينة ومبطنة، على رغم أن لغة اللقاءات والمؤتمرات ثابتة ومعلنة، الأمة الإسلامية تجتمع على طاولة حوار استثناء «في أطهر مكان» للمرة الثانية على التوالي بعد أن فرقتها الجغرافيا ولم تحترم تاريخها الناصع المشرف، وتدرك إيجابيات كيف كانت؟ وسلبيات وأوجاع ما هي عليه الآن حين باتت تتحدث من منابر مختلفة، وبمصالح متباينة وبمبررات تحتاج لجلسات منفصلة ومستقلة. مؤتمر التضامن الحالي لحال الطوارئ التي طالت، إن لم يخرج بوحدة صف واجتماع كلمة فنحن نضيف جرحاً أكبر لرصيد الجراح، ونطعن قلوبنا طعناً عميقاً لا أعتقد بأن أحداً خارج محيط الأمة سيسعى للإسهام في علاجه والعناية به لكي يلتئم أو على الأقل لا يتكرر.الخطوط العريضة للحوار والنقاش وطرح الرأي الجاد واضحة صريحة لا تستلزم مرحلة استكتاب جديدة ولا مشاريع بحث ولا حتى عصر للأفكار، فضلاً عن استحضار بكائياتنا المرة، ونقاط الضعف لا تزيد على جملة النيات المتقلبة والحاجة الماسة لجرعات شجاعة نحقن بها الدماء الإسلامية من وقت لآخر، وإلى كبسولات جرأة نتناولها عند اللزوم، وما أكثر دواعي تناول هذه الكبسولات، وكذلك لوازم إحضار الجرعات ولو بالاستعارة الموقتة أو مغلفة ضمن أجندة تبادل المصالح. سلة الآلام لا تحتمل المزيد، وحقيبة الآمال ممتلئة حد الانفجار، والأصابع لا بد أن تتجه لمن يحدث الشوشرة، ونتشجع ولو مرة واحدة فنضع الأيدي المجتمعة على رأي ثابت منتظر، ننسى ما دار بيننا في السنين الماضية من خلافات على القشور ونعرف أن اللب هو المفصل في اللقاء، لن ينتظر أفراد الأمة الإسلامية سوى توصيات ختام حاسمة لا تقبل مرونة ولا مساومة، ولن يكون الترقب إلا لناتج نهائي قوي من مؤتمر تضامني لأجل أمة تتجاذبها القوى وتلعب بها التجاوزات من دون صوت مضاد أو معترض، بل لم تتجاوز ردود الفعل حاجز التهدئة والصبر الطويل عند الملمات، أبناء الأمة الإسلامية متمسكون بورقة الفلاح الأخيرة، وأعينهم ستتسمر ليومين نحو التظاهرة الإسلامية المتوازية مع التجمع البشري الروحاني والإيماني، تظاهرة نتائجها لن تغادر العقول ولا القلوب زمناً طويلاً، فلن يعتقد عاقل أن أمة إسلامية تنكأها التصدعات والانقسامات والتعديات والفرقة في الكلمة مضافاً إليها أن العالم يرى أنها الحلقة الأضعف وأمة الدفاع بالكلام لا الهجوم بالقوة واتحاد الصف والكلمة. [email protected] alialqassmi@