اكتملت التذكرة الجمهورية في السباق الرئاسي الأميركي أمس، مع اختيار المرشح ميت رومني عضو الكونغرس بول راين نائباً للرئيس للإفادة من شعبية الأخير في أوساط القاعدة المحافظة للحزب والشباب والنساء، بتأثير وسامته وصغر سنه، وخطته الاقتصادية الخاصة بخفض العجز. وعكس ذلك سعي حملة رومني الى التركيز على مسألتي الاقتصاد والفلسفة المحافظة التي يبرع فيها راين، وتوظيفهما في زيادة نسب الاقبال على التصويت في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. لكن راين قد لا يساعد رومني في كسب أصوات الأقليات، خصوصاً اللاتينية، كما لا يملك، على غرار رومني نفسه، خبرة ملموسة في السياسة الخارجية وشؤون الأمن القومي. ومن على متن سفينة «ويسكونسن» التي شاركت في الحرب العالمية الثانية وحرب الخليج الاولى والراسية في ميناء قاعدة «نورفولك» العسكرية بولاية فيرجينيا (شرق)، اعلن رومني اختياره راين (42 سنة)، عضو الكونغرس عن ولاية ويسكونسن منذ 1999 والمعروف بحضوره الاعلامي القوي وشعبيته الواسعة لدى المحافظين الاقتصاديين، بسبب انتقاده الديون الهائلة للدولة واقتراحه برامج للحدّ من الانفاق الحكومي. وكان رومني اعتلى المنصة ليقول للحضور «انضموا إلي في الترحيب بالرئيس المقبل للولايات المتحدة بول راين»، وبعدما غادر المنصة سارعت زوجته آن لابلاغه بالخطأ الذي وقع فيه ما دفعه للعودة الى المنصة قائلاً «معروف عني أنني من وقت لآخر أخطىء» ثم ابلغ الحشد أن راين «سيصبح نائب الرئيس المقبل للولايات المتحدة». ويدعو راين الى ادارة عامة جديدة للاقتصاد، وكان عرض مطلع السنة مشروع موازنة يفترض أن «تؤمّن للأمة طريقاً افضل للمستقبل عبر إنقاذ الولاياتالمتحدة من الديون والشكوك والانهيار». ويُضفي راين عنصراً شبابياً على التذكرة الجمهورية، ويجذب أوساط حركة «حزب الشاي» المؤثرة مالياً وشعبياً في الحزب، خصوصاً في الولايات الجنوبية. اما على صعيد التوقيت، فيُساهم اختياره الذي سانده المحافظون، في تغيير الخطاب الانتخابي وتحويله عن الهفوات الأخيرة لرومني، واهمها رفضه كشف سجله الضريبي ورصيده في طرد عمال وتصدير وظائف الى الخارج لدى شغله منصب مدير لشركة «باين كابيتال». وعكس استطلاع للرأي أعدّته محطة «فوكس نيوز» الاخبارية اخيراً تقدم اوباما على رومني بفارق 9 نقاط. لكن انتقاء راين ينطوي على مجازفة سياسية، باعتباره يُفقد التذكرة الجمهورية بالكامل الخبرة في مجالي السياسة الخارجية والأمن القومي، وهو ما يحصل للمرة الأولى منذ خمسة عقود، علماً ان حملة رومني عزت الأمر الى تصدر الشأن الاقتصادي هموم الناخب الأميركي. وستظهر هذه المفارقة خلال المناظرة التلفزيونية المرتقبة بين راين وجوزف بايدن، نائب الرئيس باراك اوباما المتمرّس في السياسة الخارجية. ولا يستبعد ان تلحق خطة راين الخاصة باقتطاع أجزاء من البرامج الحكومية، خصوصاً الضمان الصحي وضمان الشيخوخة، ضرراً بالجمهوريين في اوساط الناخبين من كبار في السن الذين يتواجدون بكثرة في ولايتي فلوريدا ونيفادا، وكذلك المترددين غير المحبذين للتشدد المالي، علماً ان هذه السياسة كلّفت الجمهوريين مقعداً في نيويورك العام الماضي. ولن يساعد راين في استقطاب أصوات الأقلية اللاتينية الموجودة بكثافة في الولاياتالغربية، وأهمها كولورادو ونيو مكسيكو وأريزونا، علماً أن أي مرشح للرئاسة لم يفز من دون نيل تأييد 40 في المئة من هذه الأقلية. وتشير الاستطلاعات الى عدم تجاوز تأييد اللاتينيين لرومني نسبة 26 في المئة. وأفادت اجهزة الاعلام الاسرائيلي ان راين يعتبر من اشد الداعمين والمناصرين لاسرائيل في الولاياتالمتحدة، ويقود حملات الترويج للدولة اليهودية بشكل حماسي. وقالت ان اختياره «سيزيد دعم اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة لحملة رومني الانتخابية».