على رغم اعلان النظام السوري سيطرته على حي صلاح الدين في حلب منذ اول من امس الخميس، استمرت المواجهات امس في بعض اجزاء هذا الحي بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة الذين سبق ان انسحبوا الى احياء سيف الدولة والمشهد وشارع الشرعية المتاخمة لصلاح الدين. وقال قائد كتيبة «درع الشهباء» في «الجيش السوري الحر» النقيب حسام ابو محمد ان «نصف اجزاء حي صلاح الدين تقريباً تشهد عمليات كر وفر بيننا وبين الجيش النظامي» وذكر ان «الجيش الحر ينتشر ويعزز قواته على طول محور جديد حول صلاح الدين». في موازاة، ذلك اعلنت كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا عقوبات جديدة على دمشق. كما قررت لندن زيادة الدعم غير العسكري للمعارضة، فيما دانت واشنطن «حزب الله» لدعمه نظام الرئيس بشار الاسد، وقررت اضافة الحزب الى قائمة المنظمات الخاضعة للعقوبات بسبب ارتباطها بالنظام السوري. وقالت وزارة الخزانة الاميركية في بيان ان قرار ادراج الحزب سببه «نشاطاته في سورية ودوره المركزي في اعمال العنف المتواصلة التي يقوم بها نظام الاسد بحق الشعب السوري». واتهم البيان الحزب ب «تقديم التدريب والمشورة والدعم اللوجستي لمساعدة الحكومة السورية في قمعها للمعارضة الذي يزداد ضراوة يوما بعد يوم»، وكذلك ايضا ب «تسهيل» تدريب القوات الحكومة السورية على يدي «الحرس الثوري» الايراني، وباداء «دور اساسي» في طرد معارضين سوريين من لبنان. كما حذرت واشنطن من ان «حزب الله» ربما يكون يخطط لشن هجمات وشيكة في اوروبا وحول العالم. وقال دانيال بنجامين منسق شؤون مكافحة الارهاب في الخارجية الاميركية: «نعتقد بان حزب الله قد يشن هجمات في اوروبا او سواها في اي وقت كان... ومن دون اي سابق انذار»، مضيفا ان «تقديراتنا هي ان حزب الله وايران سيبقيان على نشاط ارهابي مكثف في المستقبل القريب». وبحسب المسؤول الاميركي، شرع «حزب الله» في «تكثيف حملته الارهابية» حول العالم. واضاف ان الحزب «مهتم» ايضا بشن هجمات ارهابية في تايلاند حيث تم احباط هجوم على ما يبدو مطلع 2012. لكن المسؤول الاميركي اكد ان ليس في حوزته اي معلومات تشير الى احتمال ان يكون «حزب الله» يخطط لشن هجمات على الاراضي الاميركية. واعلن مسؤول في الخارجية الاميركية ان واشنطن تعتزم في الايام المقبلة اعلان عقوبات جديدة على النظام السوري. وقال ان من ابرز اشكال الضغط تعزيز العقوبات الاقتصادية مع عقوبات اضافية تفرض على مؤسسات سورية وكل الجهات الداعمة لاعمال النظام السوري في قمع شعبه. وفي لندن، اعلن وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ تكثيف الاتصالات الديبلوماسية مع المعارضين السوريين وتقديم مساعدة اضافية لهم ومعدات بقيمة خمسة ملايين جنيه (حوالى 8 ملايين دولار) وخصوصا سترات واقية من الرصاص ووسائل اتصالات من دون ان تشمل اسلحة. وقال هيغ في مؤتمر صحافي «ان بريطانيا ستبذل مزيدا من الجهود وسنطور دعمنا للشعب السوري والمعارضة». واضاف ان تسليم المعارضة اسلحة ينطوي على مجازفة كبيرة، معبرا عن قلقه من «المعلومات عن فظائع ترتكبها المعارضة». وفيما يبدو انه خطة من الجيش النظامي لانهاك مقاتلي المعارضة اقتصرت عملياته امس على القصف بالطيران والمدفعية وعلى عمليات تحليق للطيران في سماء المنطقة. واكثر الاحياء التي تعرضت للقصف كانت احياء الصاخور وسيف الدولة والشعار ومساكن هنانو شرقي حلب. وفي حي هنانو، سقطت اربع قنابل القتها طائرات «ميغ-21» حوالى الساعة الخامسة صباح امس في باحة احد مقار قيادة «الجيش الحر» واخرى على مبنى سكني ما تسبب في جرح عدد كبير من الاشخاص. كما ادى قصف مخبز في طريق الباب شرق حلب كبرى الى سقوط نحو عشرة قتلى، كما ذكر صحافيون من وكالة «فرانس برس» قالوا ان بين القتلى ثلاثة اطفال على الاقل وسقطت القنبلة عندما كان مئات من السكان يقفون في صف طويل امام هذا المخبز الواقع في حي يسيطر عليه «الجيش السوري الحر». وشاهد مراسلون لوكالة «رويترز» السكان وهم يتدفقون فارين من حلب منتهزين فترة هدوء في القتال ليحزموا امتعتهم على عربات فيما كانت طائرتان حربيتان على الاقل تحومان في اجواء المنطقة. واعلن «الجيش الحر» انه شن هجوماً على سجن حلب ادى الى سقوط قتلى وجرحى في صفوف حراس السجن. من جهة اخرى أعلنت الاممالمتحدة امس ان اعدادا متزايدة من المدنيين السوريين تفر من القتال لا سيما في حلب. وقالت ان اعداد اللاجئين المسجلين في اربع دول مجاورة منذ بدء النزاع في سورية بلغ 150 الفا تقريبا. كما ان مليون ونصف مليون سوري نزحوا داخل بلادهم بينهم 200 الف غادروا مدينة حلب منذ المواجهات التي بدأت فيها في 20 تموز (يوليو) الماضي. وفي نيويورك، أكدت مصادر ديبلوماسية في مجلس الأمن أن البحث لا يزال جارياً لتعيين خلف للمبعوث الخاص المشترك الى سورية كوفي أنان «رغم أن الإسم الأكثر تداولاً هو الديبلوماسي الجزائري والوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي». وأشارت الى أن المشاورات حول تعيين خلف لأنان «هي مسألة معقدة لأنها تطاول أطرافاً عديدين وهي ستتم بالتوافق بين الأمين العام بان كي مون وامين عام الجامعة العربية نبيل العربي». وعلمت «الحياة» أن مساعد الامين العام للامم المتحدة جيفري فيلتمان أجرى مشاورات أمس مع السفير السوري في الأممالمتحدة بشار الجعفري تناولت احتمال اختيار الإبراهيمي خلفاً لأنان وأن «الحكومة السورية لم تحدد موقفها بعد حيال تعيينه». وبحسب المصادر فإن الإبراهيمي «يأخذ وقتاً لإعلان موافقته على تولي المهمة بانتظار جلاء مواقف الأطراف المعنية». وفيما كان إعلان أنان عدم رغبته في البقاء في منصبه مؤشراً الى أن الجهود الدولية ستخفض مستوى انخراطها في الأزمة السورية فإن اختيار الإبراهيمي بحسب مصادر ديبلوماسية «لن يكون تخفيضاً نظراً لخبرته الطويلة في مهمات الوساطة الدولية». في جانب آخر اتهمت الحكومة السورية تركيا بإيواء «مكاتب عمليات عسكرية تديرها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية والسعودية والقطرية لتوجيه المعارك التي تقوم بها العناصر الإرهابية ضد المواطنين السوريين في حلب ومدن سورية أخرى». وقال السفير السوري في رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة إن «المخيمات التي أنشأتها تركيا بذريعة استقبال اللاجئين السوريين أصبحت في أغلبيتها مراكز عسكرية وتجميع للإرهابيين تمهيداً لإرسالهم الى سورية».