«الحياة»، أ ف ب، رويترز، أ ب - يتواصل القصف والحصار على مدينة حمص في وسط سورية في ظل استمرار الاشتباكات والعمليات العسكرية التي أوقعت عشرات القتلى والجرحى أمس في مناطق مختلفة، غداة إعلان المراقبين الدوليين تعليق عملهم في البلاد بسبب تصعيد العنف ومطالبة المعارضة السورية بحماية دولية مسلحة. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مواطناً قتل في حي الخالدية في حمص الذي «لا يزال يشهد مع أحياء أخرى في المدينة سقوط قذائف وإطلاق نار من القوات النظامية السورية التي تحاول اقتحام هذه الأحياء منذ أيام». وقال الناشط أبو بلال من حمص القديمة في اتصال مع وكالة «فرانس برس» عبر «سكايب» صباحاً، إن «القصف لم يتوقف علينا. والحصار خانق». وأضاف «إذا دخلت القوات النظامية الأحياء المحاصرة، فستتم إبادة الأشخاص العالقين فيها». وكرر أبو بلال أن «الأدوية تنفد وهناك نقص كبير في الغذاء والماء»، مشيراً إلى أن عشرات الجرحى «سيموتون إذا لم يحصلوا على العلاج. ولا يمكننا إخراجهم من المدينة». وكان المجلس الوطني السوري المعارض حذر السبت من وقوع «مجزرة كبيرة» في حمص. وأظهر شريط فيديو، نشره ناشطون على شبكة الإنترنت، سحباً كثيفة من الدخان ترتفع من حي جورة الشياح، فيما يؤكد صوت مسجل على الشريط أنها «منازل تحترق نتيجة القصف»، بينما يمكن في شريط فيديو آخر سماع أصوات إطلاق نار من رشاشات ثقيلة في حي الخالدية. وبدت الشوارع مقفرة في الحيين، وسط ركام ودمار كبيرين في الأبنية التي تحمل آثار فجوات كبيرة، إلى جانب سيارات محترقة أو محطمة في الطريق. وتعرضت بلدة تلبيسة أيضاً في محافظة حمص لقصف من القوات النظامية السورية أمس وفق المرصد الذي أشار إلى سقوط قذائف كذلك على مدينة الرستن الخارجة عن سيطرة النظام منذ أشهر. وقال المرصد إن بلدات الأتارب وأبين وكفر كرمين في محافظة حلب (شمال) تعرضت لقصف من القوات النظامية السورية التي «تحاول اقتحام الريف الغربي»، وتستخدم في القصف «راجمات الصواريخ والمدفعية». وقتل مواطن فجراً في أبين. ودارت اشتباكات عنيفة فجراً، وفق المرصد السوري، بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين في بلدة المليحة في ريف دمشق. وقتل شخص في بلدة مسرابا في ريف العاصمة في إطلاق نار. كما قتل مواطن في إطلاق رصاص في مدينة دوما التي تشهد قصفاً عليها واشتباكات في محيطها منذ أيام. وقتل شاب في إطلاق نار في حي نهر عيشة في دمشق بعد منتصف ليل السبت الأحد. في محافظة اللاذقية (غرب)، تعرضت قرى عدة في جبل الأكراد للقصف من القوات النظامية السورية، وفق المرصد. في محافظة إدلب (شمال غرب)، قتل مواطن إثر إصابته برصاص قناص صباح اليوم قرب قرية التمانعة. في محافظة دير الزور (شرق)، قتل قائد كتيبة مقاتلة معارضة ومدني، وفق المرصد. وأفادت لجان التنسيق المحلية عن اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري الحر وجيش النظام في محيط بلدة بقرص في دير الزور. في محافظة حماة (وسط)، قتل ثلاثة عناصر من القوات النظامية في اشتباكات فجراً في سهل الغاب مع مقاتلين معارضين. وكان قتل السبت في أعمال عنف 69 شخصاً هم 51 مدنياً و16 عنصراً من قوات النظام ومقاتلان معارضان. ودفع التصعيد في أعمال العنف خلال الأسبوعين الأخيرين بعثة المراقبين الدوليين إلى إعلان تعليق عملها في سورية السبت إلى حين تسمح لها الظروف باستئناف جولاتها. وكان المجلس الوطني أعلن أنه «فوجئ» بقرار المراقبين. وقال في بيان صدر ليلاً أن «توقف عمل المراقبين يخدم النظام المجرم ويحرم الشعب السوري من هذا الغطاء الهش المتبقي له لتأمين مقدار قليل من الحماية». وطالب «مجلس الأمن الدولي بالتدخل السريع لاتخاذ قرار وفق الفصل السابع (من ميثاق الأممالمتحدة) يسلح المراقبين ليتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم وتنفيذ مهمتهم بأمان ودقة، ويلزم النظام بوقف أعمال القتل والتنفيذ الفوري لخطة» الموفد الدولي كوفي أنان. ويتيح الفصل السابع استخدام القوة لإلزام الأطراف المعنية بقرار دولي صادر تحت هذا الفصل، بتنفيذه. وكانت وزارة الخارجية السورية أعلنت تفهمها لقرار «التعليق الموقت»، متهمة «المجموعات الإرهابية المسلحة» باستهداف المراقبين. وأعلن في الثاني عشر من نيسان (أبريل) وقف لإطلاق النار استناداً إلى خطة أنان لم يتم الالتزام به بتاتاً. وقتل منذ إعلانه حوالى 3400 شخص في أعمال عنف، وفق المرصد السوري. ووصف البيت الأبيض السبت الإعلان عن تعليق مهمة مراقبي الأممالمتحدة في سورية، بأنه «لحظة حرجة». وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ أن قرار تعليق عمل بعثة المراقبين الدوليين «يعيد النظر جدياً» في قدرة هذه البعثة على الاستمرار في عملها. واعتبر أن «تدهور الوضع تسببت به ممارسات نظام الأسد»، داعياً في الوقت نفسه «المعارضة المسلحة في سورية إلى التوقف عن العنف». ودعت تركيا مجلس الأمن إلى اتخاذ «إجراء جديد» يحول دون «تفاقم المأساة الإنسانية» في سورية. ويتوقع أن يكون الملف السوري حاضراً في المحادثات التي ستجرى على هامش قمة مجموعة العشرين التي تفتتح اليوم الاثنين في المكسيك، لا سيما بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. ونقلت وكالة «رويترز» عن ناطق باسم البيت الأبيض قوله إن الرئيس يتشاور مع حلفاء دوليين في شأن «الخطوات المقبلة» في الأزمة السورية. وقال تومي فيتور المتحدث باسم البيت الأبيض في بيان «نناشد مجدداً النظام السوري التزام تعهداته بمقتضى خطة أنان بما في ذلك التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار». وأبدى مسؤولون أميركيون شكوكاً متزايدة في شأن استعداد الرئيس السوري للتقيد بخطة الوسيط الدولي كوفي أنان المتعثرة. لكن واشنطن وحلفاءها الغربيين لم يظهروا أي رغبة في تدخل عسكري على غرار ما حدث في ليبيا بينما تسعى موسكو للمساعدة في حماية الأسد من تشديد عقوبات الأممالمتحدة. وقال فيتور، من دون أن يذكر تفاصيل، «في هذا المنعطف الخطير نحن نتشاور مع شركائنا الدوليين فيما يتعلق بالخطوات المقبلة نحو انتقال سياسي يقوده السوريون دعت إليه قرارات لمجلس الأمن». وأضاف «كلما حدث هذا الانتقال سريعاً زادت فرصة تفادي حرب أهلية طائفية دموية تستمر طويلاً». وفي وقت سابق قال الجنرال روبرت مود إن القتال في سورية يشكل تهديداً للمقاربة المقررة لتنفيذ خطة أنان ويمنع من القيام بتنفيذ التفويض الممنوح لها لمراقبة وقف إطلاق النار ويجري تجاهله في شكل واسع. ويقول ديبلوماسيون إن من المتوقع أن يطلع مود مجلس الأمن الدولي اليوم أو غداً على تطورات الوضع في سورية. وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت السبت إن تسريع حدوث انتقال سياسي في سورية سيزيد فرص منع حرب أهلية دموية في البلاد. ورددت بياناً أصدره البيت الأبيض بعد تعليق أنشطة بعثة مراقبي الأممالمتحدة في سورية قالت وزارة الخارجية في بيان «نحن نتشاور مع شركائنا الدوليين في ما يتعلق بالخطوات المقبلة نحو انتقال سياسي يقوده السوريون مثلما ورد في قراري مجلس الأمن 2042 و2043». وتابعت الوزارة قائلة «كلما حدث هذا الانتقال سريعاً زادت فرص تفادي حرب أهلية طائفية دموية وتستمر طويلاً». وفي لندن أعلن وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ أن قرار تعليق عمل بعثة المراقبين الدوليين في سورية «يعيد النظر جدياً» في قدرة هذه البعثة على الاستمرار في عملها. وقال الوزير البريطاني في بيان «آسف لاضطرار بعثة الأممالمتحدة إلى تعليق دورياتها وتقييد حركة أعضائها بسبب تفاقم العنف في سورية». وزاد «هذا يدل على اتساع تدهور الوضع الأمني وزعزعة الاستقرار في سورية، ويعيد النظر جدياً في قدرة بعثة الأممالمتحدة على الاستمرار» في عملها. واعتبر أن «تدهور الوضع تسببت به ممارسات نظام الأسد». وأضاف البيان «كما قال كوفي أنان، فإن النظام السوري هو الوحيد المسؤول عن وضع حد للعنف، وأدين بأشد التعابير فشله الكامل في هذا الصدد». ودعا هيغ «المعارضة المسلحة في سورية إلى التوقف عن اللجوء إلى العنف». وتابع «أن هذه الأحداث تؤكد ضرورة توحد المجتمع الدولي في شكل عاجل لإجبار النظام على التقيد بالتزاماته». وخلص الوزير البريطاني إلى القول إن «مجلس الأمن سينظر في الخيارات ومن بينها تلك المتعلقة بمستقبل بعثة الأممالمتحدة في سورية في ضوء التقرير الذي سيقدمه الثلثاء الجنرال روبرت مود» قائد هذه البعثة. وكانت بعثة المراقبين أعلنت السبت تعليق أعمالها بسبب تفاقم أعمال العنف في سورية.