بيروت - أ ف ب - توقع العداء الجامايكي أسافا باول، صاحب الرقم القياسي العالمي سابقاً في سباق 100 م (72ر9 ث عام 2008) والذي توّج بطلاً لبلاده في هذا السباق خلال تجارب انتقاء منتخب ألعاب القوى في كينغستون، أن تسيطر جامايكا على منافسات مونديال 2011 (من 27 آب (أغسطس) إلى 4 أيلول (سبتمبر) في مدينة دايغو الكورية الجنوبية. وقال باول غداة انسحاب العداء الأميركي تايسون غاي (بطل العالم 2007) من تجارب انتقاء المنتخب الأميركي للمونديال بداعي الإصابة، «القضية ستكون جامايكية، وآمل أن نحتل المراكز الأربعة الأولى». وكان باول تأهل إلى المونديال مع يوهان بلايك وستيف مولينغز (زميل غاي في التدريب)، إضافة إلى أوساين بولت حامل اللقب والرقم القياسي العالمي (58ر9ث). ويبدو أن باول استعاد لياقته كاملة بعد إصابة في ساقه، أدت إلى تحقيقه نتيجة غير جيدة في لقاء الرباط مطلع حزيران (يونيو) الماضي، وحرمته من تدريب منتظم على مدى أسبوعين، إذ تألق في لقاء لوزان الدولي، المرحلة السابعة من الدوري الماسي، وسجل أفضل رقم عالمي للموسم الحالي في سباق ال100م مقداره 78ر9 ث، متقدماً على مواطنه مايكل فرايتر (88ر9 ث) والفرنسي كريستوف لوميتر الذي عادل رقمه القياسي الشخصي (95ر9 ث). وتخطى باول (28 سنة) بفارق جزء واحد في المئة من الرقم السابق الذي سجله غاي في 4 حزيران في كليرمونت بالولايات المتحدة. وهو رابع أفضل رقم في كل الأزمنة وتساوى مع مواطنه نستا كارتر الذي حلّ خامساً في لوزان (99ر9 ثوان). وهي المرة ال68 التي يحقق فيها باول رقما دون ال10 ثواني، وجدد الوعد ببذل الجهد لتسجيل 50ر9 ث. وتوقعات باول، الذي لا يزال يطمح على لقب كبير ينقص سجله المتخم بالإنجازات، لا تأتي من فراغ، فمؤشرات الموسم الحالي توضح السطوة النوعية الجامايكية في سباقات السرعة، إذ تضم لائحة أفضل أرقام ال100م سبعة جامايكيين، ما يؤكد أن المنافسة ستبلغ شأناً كبيراً في دايغو. ويتضح أن هذه السيطرة التي انطلقت في دورة بكين الأولمبية عام 2008 وترسخت العام التالي خلال بطولة العالم في برلين، مرشحة لأن تسطر فصلاً جديداً من النجاح في سباقات ال100 وال200م والبدل 4 مرات 100م. احتكر عداؤو جامايكا وعداءاتها ألقاب السباقات الثلاثة في الأولمبياد والمونديال الأخيرين باستثناء بدل السيدات، ما طرح السؤال حول فاعلية مدرسة السرعة الأميركية في ظل الفورة الجامايكية. ويوضح الأميركي موريس غرين، البطل وحامل الرقم القياسي العالمي سابقاً، إنه دائماً «هناك دورات زمنية يخفق فيها وهج السرعة الأميركية، على غرار ما حصل في تسعينات القرن الماضي»، أي فترة أُفول نجم كارل لويس وبروز البريطاني لينفورد كريستي والكندي دونوفان بايلي في أولمبيادي برشلونة 1992 وأتلانتا 1996 وبطولتي العلم 1993 و1995، علماً أن العَدائين من أصول جامايكية. وإذا كانت كارميليتا جيتر و«النمرة» أليسون فيليكس تقودان كتيبة السيدات الأميركيات، فإن «الفرقة الخضراء» أي الجامايكية، تضم كوكبة لامعة من وجوهها فيرونيكا كامبل براون الفائزة بثنائية ال100 وال200م في بطولة جامايكا المؤهلة لمونديال دايغو، وشيلي آن فرايزر حاملة اللقبين الأولمبي والعالمي وكيرون ستيورات. وتأمل كامبل براون (29 سنة) البطلة الأولمبية في ال200م عامي 2004 و2008، في أن تحرز لقب سباقي ال100 وال200 م معاً في بطولة العالم للمرة الأولى في مسيرتها. ويتضمن تاريخ سباقات السرعة أسماء مواهب جامايكية كثيرة منذ هيري ماك كينلي الفائز بأربع ميداليات أولمبية (فضية ال400م عام 1948 في لندن) و (ذهبية البدل 4 مرات 400م وفضية ال100 وال400م عام 1952 في هلسنكي)، إلى مارلين أوتي ودون كواري. ويلفت بايلي إلى أن الجيل الحالي من العدائين الجامايكيين «انخرط في أسلوب التحضير الأميركي معتمداً غذاءً طبيعياً حيوياً. وبات في إمكان أفراده البقاء في بلدهم والتدريب تحت إشراف اختصاصيين أمثال غلين ميلز (مدرب بولت) وستيفن فرنسيس الذي يهتم بسبعة من عدائي النخبة في مقدمهم باول. ولعل مقارنة بسيطة تفيد في هذا الإطار، إذ تضم السجلات الأميركية 100 ألف مزاول لألعاب القوى من أصل 308 ملايين نسمة، في مقابل 11 ألفا جامايكيا خصوصاً في اختصاصات الجري (7ر2 مليون نسمة). وفي أولمبياد بكين 2008 فاز الجامايكيون ب9 ميداليات بينها 6 ذهبيات، في مقابل 4 ميداليات للأميركيين لم تتضمن أية ذهبية. وفي مونديال برلين 2009، بلغت الحصة الجامايكية 7 ميداليات (5 ذهبيات)، في مقابل 4 ميداليات للأميركيين (ذهبية واحدة في سباق البدل للسيدات). وفي سياق المقارنات والإحصاءات أيضاً، سجل 6 أميركيين في ال100م زمناً دون ال10 ثواني (5ر35 في المئة). في المقابل، كسر 7 جامايكيين حاجز ال10 ثواني (2ر41 في المئة). والتفوق الجامايكي أيضاً عند الجنس اللطيف، إذ سجلت ثلاث عداءات دون ال11 ثانية في ال100م، ولم تحقق هذه الغاية إلا أميركيتين. سباقات السرعة في جامايكا أضحت قِبلة أنظار الأولاد وحافزاً لأهلهم ليوجهوهم إلى ميدان مجز ماليا، منذ بروز باول والتفوق الصارخ لبولت. وإذا كانت ألعاب القوى الأميركية «تذوب» أحياناً في جلباب كرة القدم الأميركية، فإن الكريكيت لا تزال تنافس شعبياً «أم الالعاب» في جامايكا. لكن سباقات السرعة تمثل هناك وجهاً مشرقاً حتى باتت هوية تقليدية على غرار المسافات الطويلة في كينيا وإثيوبيا.