بدءاً من 20 تموز (يوليو) 2014، توقفت كنائس الموصل عن قرع أجراسها لأول مرة منذ مئات السنين. في اليوم نفسه، كما تقول الصحافية الآشورية المسيحية سانتا ميخائيل، بدأت أكبر حملة لتصفية ممتلكات المسيحيين. قبلها بأيام كان تنظيم «داعش» والمتعاونون معه من أهل المدينة ينفذون حملة جرد وترقيم لمنازل الأقليات، وضعوا حرف نون (نصارى) على منازل المسيحيين، وحرف راء (روافض) على منازل الشبك والشيعة، مع عبارة باللّون الأسود تشير إلى أنها أصبحت عائدة لعقارات الدولة الإسلامية. تقول ميخائيل التي وثقت شهادات الاستيلاء على منازل المسيحيين، إن أهالي الموصل كانوا أبرز المستفيدين من هذه المنازل. الجيران المؤتمنون بغالبيتهم على المنازل أسكنوا أقاربهم أو أولادهم فيها بعد استحصال موافقة مسؤولي «داعش» في المنطقة، فيما أصبحت المنازل الراقية مكاتبَ لمسلحي «داعش» أو دور استراحة لهم. ينفي أبو أركان (اسم مستعار)، وهو مسؤول محلي سابق في حي النور، أن تكون كل منازل المسيحيين تعرضت للسلب من جانب الأهالي «هناك بعض الحالات حصلت بالتأكيد، لكنها محدودة لا تتعدى العشرات من بين أكثر من ألف منزل مسيحي في الموصل، والبقية ما زالت على حالها أو استفاد منها التنظيم موقتاً لاستراحة مقاتليه». أياً كان الأمر، كما يقول القس عزت نجيب يوسف، فالشهادات المتوافرة تشير إلى أن معظم المنازل تم الاستيلاء عليها أو تعرضت لكسر الأقفال والسطو على ما فيها، القس يوسف يقول إن هناك لجاناً شكلت لتوثيق ملكية المنازل لأصحابها المسيحيين، على أمل إعادتها لهم حين يخرج «داعش» من الموصل. لكن في المحصلة، كما تجادل ميخائيل، «لم يعد ممكنا أن يستعيد المسيحيون منازلهم التي صودرت، فربما ستمضي سنوات قبل أن يترك تنظيم «داعش» مدينة الموصل». يشبه أحمد الربيعي، أستاذ التاريخ في جامعة بغداد، عمليات السطو على منازل المسيحيين في الموصل والاستيلاء عليها بما جرى ليهود العراق في خمسينات القرن الماضي، آنذاك، استبيحت ممتلكات اليهود باعتبار أنهم «صهاينة»، وأن كل ممتلكاتهم «حلال». الأمر ذاته يؤكده القس يوسف، فقد تعرض كل ما يملكه المسيحيون للنهب أو المصادرة، بما فيها تراثهم الديني والثقافي. بالتزامن مع الاستيلاء على منازل المسيحيين، أطلق تنظيم «داعش» حملة واسعة لتصفية التراث المسيحي في الموصل، وتمثل هذا كما يقول القس الماروني سعد يونان بتحويل الكنائس إلى مساجد أو مقار للخلافة الإسلامية، إضافة إلى تفجير الكنائس التاريخية التي لم يكن ممكناً تحويرها لاحتوائها على نقوش تاريخية أو معمار كنسي خاص. بعض هذه الكنائس كما يقول يونان، يعود لمراحل تاريخية قديمة ومنها الكنيسة المطرانية التي يعتقد أنها تعود للقرن الميلادي الثالث، وبعض الكنائس كانت تضم آلاف المخطوطات والكتب النادرة والتحف والأعمال الفنية والمنقوشات التاريخية. كان تفجير وتهديم الكنائس كما يقول يونان، سلوكاً منتظماً مارسه تنظيم «القاعدة»، الأب الروحي لتنظيم «داعش»، فمنذ عام 2003 تعرضت 67 كنيسة للاستهداف. يونان يؤمن بأن «داعش» ومتشددي مدينة الموصل يريدون أن يمحو تاريخ الشعب المسيحي بالكامل. لم يكن أحد من المسيحيين يتوقع أن يدافع أهل المدينة عن الكنائس، ففي الوقت ذاته فجر تنظيم «داعش» مراقد الأنبياء جرجيس وشيث وإدريس، وأيضاً، مرقد نبي الله يونس الذي بعثه الله لأهل نينوى «يوم فجروه بقي أهل المدينة صامتين، على رغم أن النبي يونس كان رمزاً لمدينة الموصل كلها»، يقول القس بنيامين. عملياً، منذ الأحد 20 تموز، توقفت كنائس الموصل عن قرع أجراسها للمرة الأولى منذ القرن الثالث الميلادي، وخلال يومين فقط (18 - 19 تموز) خرجت من الموصل أكثر من 1200 أسرة مسيحية، كما يقول الأب متى البنا الذي تعود على استقبال النازحين في أربيل بعد كل موجة هجرة مسيحية. 750 من هذه الأسر قدمت إلى مدن أربيل ودهوك في إقليم كردستان، واختارت 450 عائلة أخرى أن تبقى في بلدات سهل نينوى ذات الغالبية المسيحية المحاذي لمدينة الموصل من غربها وشمالها وشرقها. في الحمدانية، كبرى مدن سهل نينوى، توزعت أكثر من 300 عائلة على كنائس البلدة السبع، بعضهم وجد ملاذاً عند أقاربه، وآخرون تكدسوا في مجمعات غير مكتملة البناء. كانت مهمة كنائس الحمدانية شاقة في توفير الأغطية والملابس والطعام، فالنازحون تركوا وراءهم كل ما يملكونه. تجنب بعض النازحين الحديث إلى كاتبي التحقيق، وردّد بعبارات مقتضبة ما يشير إلى أن الحديث بعد نكبة الموصل «لم يعد مجدياً». آخرون قدموا شهاداتهم بمرارة عما حصل لهم في الموصل، وهم يجمعون على أن ما فعله بهم تنظيم «داعش» كان بمساعدة أهالي المدينة، وأن التفكير بالعودة ليس سوى انتحار. لكن في المقابل، يعتقد فادي وديع أن الحياة ستكون قاسية على النازحين المسيحيين بعدما فقدوا منازلهم وممتلكاتهم، «الحمدانية لن تستوعبنا، المعيشة في أربيل غالية وإيجارات السكن وصلت إلى أكثر من 750 دولاراً، البقاء هنا ليس حلاً، لكن لا بديل لنا الآن». ترك فرانك ياقو في الموصل، منزلاً يفوق سعره 250 ألف دولار، وسوبر ماركت تتجاوز بضاعته ال30 ألف دولار، وانتزع منه مقاتلو «داعش» في حاجز التفتيش 10 آلاف دولار ومصوغات ذهبية تقدر بستة آلاف دولار. وهو يعيش الآن مع زوجته وأطفاله الأربعة في غرفة ضيقة في منزل عمه «تركتُ لهم تعب 20 سنة، لا أعرف أين ستنتهي بنا الحال لكن، لن أفكر مطلقاً بالعودة إلى الموصل كي أشقى 20 عاماً أخرى وأسلمها للصوص». في بلدة بغديدا الواقعة على بعد 32 كم جنوب شرقي الموصل، كانت الأمور تشبه تماماً أوضاع بلدة الحمدانية، ففيها توزع النازحون على الكنائس والبيوت، وكما في كل بلدات سهل نينوى، كان الخوف يسود كل حارات البلدة، ف «داعش» على الأبواب والجميع يتوقعون أن يلاقوا مصيراً مشابهاً لما حل بمسيحيي الموصل. لغاية هذه المرحلة من التحقيق، كانت البلدات المسيحية المنتشرة على امتداد سهل نينوى تحت حماية البيشمركة الكردية، والمسيحيون كانوا على ثقة بأن هذه القوات التي عرفت بأنها قوات قتالية عالية المستوى، لن تتخلى عنهم وستحميهم إلى آخر رصاصة. شبح سنجار في 2 آب (أغسطس)، انهارت قوات البيشمركة في شكل غير متوقع أمام مسلحي «داعش»، في اليوم نفسه احتلت قوات «داعش» مدينة زمار الاستراتيجية، وعلى رغم أن القيادات الكردية طمأنت السكان المسيحيين إلى أن الانسحاب من زمار كان انسحاباً تكتيكياً، إلا أن كثراً من المسيحيين الذي عايشوا سقطوت الموصل خلال ساعات أمام «داعش»، سارعوا إلى حزم أمتعتهم والخروج إلى مدينتي أربيل ودهوك. جاءت الصدمة المروعة حين سقطت سنجار بيد «داعش» من دون قتال يذكر، وانسحبت البيشمركة تاركة خلفها حوالى 200 ألف إيزيدي تحت رحمة «داعش». يقول القس إرشاك يرجانيك إن سقوط سنجار هز المسيحيين في سهل نينوى، خصوصاً بعد المجازر التي ارتكبها مسلحو «داعش» بحق الإيزيديين، والتي شملت الذبح في الشوارع والإعدامات الميدانية وسبي أكثر من 300 امرأة إيزيدية، وتشريد 200 ألف إيزيدي على جبل سنجار من دون طعام أو مياه. تيقن المسيحييون، يقول القس يرجانيك، أن البيشمركة لن يبقوا لحمايتهم، وسينسحبون حتما لحماية مدن كردستان، وأن مصير المسيحيين ونسائهم وأطفالهم سيكون مشابهاً لمصير أهل سنجار إن لم يغادروا على الفور، لهذا عمدوا إلى إرسال الأطفال والنساء والشيوخ إلى مدينتي أربيل ودهوك الكرديتين، فيما انتظم المئات منهم في سرايا متطوعين ليقاتلوا إلى جانب البيشمركة. يقول يوحنا وسيم، وهو ناشط سياسي شاب، أنه انتظم مع 100 شاب مسيحي في بلدة تلكيف للقتال إلى جانب البيشمركة، ولكن مع اقتراب «داعش» طلبت منهم قوات البيشمركة الانسحاب من البلدة. الأمر ذاته حصل مع ريماس خالد الذي انتظم مع حوالى خمسين من منطقتي بعشيقة وبحزاني لقتال مسلحي «داعش»، لكنهم انسحبوا بعد وصول «داعش» إلى أطراف بعشيقة وأدركوا أن المعركة ستكون خاسرة. في نقطة تفتيش الخازر (سقطت لاحقاً في يد «داعش»)، أبلغ المسيحي الأربعيني سالم ججو، كاتبي التحقيق أنه هرب مع عائلته حين اندلعت مواجهات قريبة من مدينته بعشيقة، وأن 200 عائلة هربت من المدينة باتجاه أربيل ودهوك بعد اقتراب «داعش». سامي وديع الذي كان يروم مع عائلته العبور إلى أربيل، قال إن بلدة تلكيف توشك أن تسقط، وإن المئات من الأسر هربت منها بعد أن استهدفت كنيستي الروح القدس ومارت شموين ولقي أحد الشمامسة حتفه. يقول نهاد داني، وهو نازح من بلدة برطلة التقيناه في معبر الخازر، إن عدد المتطوعين من المدينة وصل إلى أكثر من 200 مقاتل مسيحي، لكن هؤلاء تلقوا أمراً من قوات البيشمركة بالانسحاب، «سلمنا أسلحتنا لنقطة تفتيش كردية وانسحبنا إلى هنا في طريقنا إلى أربيل». يعتقد الأب توما دانيال أن كل جهة سياسية في العراق تريد حماية مواطنيها حتى لو تخلوا عن الآخرين، والأمر ليس أخلاقياً بالتأكيد، فإذا كانت البيشمركة ستدافع عن أربيل ودهوك، والجيش الحكومي يدافع فقط لحماية بغدادوالجنوب، وقوات العشائر تقاتل جنباً إلى جنب مع «داعش» وتحمي مناطقها بقوات «داعش» وبنفسها، من الذي يمكنه أن يفكر ببضعة آلاف من المسيحيين والإيزيديين والتركمان؟ يقول وليم وردة مسؤول العلاقات في منظمة حمورابي لحقوق الإنسان إن المسيحيين طالبوا على الدوام بتشكيل وحدات عسكرية من أبناء الأقليات لحماية مناطقهم، «لم يسمعنا أحد، ذهبنا ضحية التجاذبات السياسية، وها نحن خسرنا أرضنا الآن». مع اقتراب «داعش»، بدأت البيشمركة تنسحب سريعاً إلى تخوم مدينة أربيل للدفاع عنها. وخلال يوم واحد فقط كانت كل بلدات المسيحيين خالية من سكانها. في أربيل ودهوك، تزاحم أكثر من 100 ألف مسيحي من أهالي سهل نينوى على الكنائس والمدارس والنوادي الدينية والثقافية، لم يكن لدى غالبيتهم ما يكفيها لدفع إيجار شقة أو منزل، بعضهم اسضافته بيوت عدد من المسيحيين، لكن عددهم كان كبيراً لا طاقة لكردستان على تحمله في ظل استقبالها حوالى مليون نازح عربي غالبيتهم من الأنبار وصلاح الدين والموصل التي وقعت بيد تنظيم «داعش» في أوقات سابقة. لم يتمكن المسيحيون من أن يستريحوا من رحلة الهرب إلا ليومين فقط، فقد تواصل تقدم «داعش» باتجاه مدينتي أربيل ودهوك. واستول «داعش» على مدن مخمور والكوير ومعبر الخازر القريبة من أربيل. الأمر ذاته حصل لمدينة دهوك التي لم يكن يفصل بينها وبين «داعش» سوى 30 كيلومتراً، وتوجه آلاف من سكانها إلى قراهم الأصلية بحثاً عن الأمان، فيما نزح المسيحيون والإيزيديون من بلدة شيخان ومجمعات شاريا إلى مناطق أخرى شمال المدينة. أوقفت الطائرات العراقية والتدخل الأميركي زحف مسلحي «داعش» موقتاً، لكن موجة القلق التي اجتاحت كردستان دفعت آلاف المسيحيين إلى محاولة الخروج من كردستان باتجاه تركيا ولبنان والأردن من دون انتظار ما ستؤول إليه الأحداث المتسارعة. تعتقد الصحافية ميخائيل أن المسيحيين فوجئوا فعلاً «بالموقف المخزي للولايات المتحدة»، فهي لم تتدخل لردع مسلحي «داعش» إلا حين أصبحت أربيل تحت مرمى نيرانهم. «لم تهتز إنسانية أوباما حين قتل وشرد مئات الآلاف من المسيحيين والتركمان الشيعة والإيزيديين والشبك، هزته فقط مصالح بلاده في كردستان». وفقاً للتقارير التي يقدمها بطريرك الكلدان في العراق والعالم، لويس ساكو، مدعومة بما أعلنته منظمات مدنية وكنسية، فإن هناك أكثر من 135 ألف نازح مسيحيي من الموصل وقره قوش وبرطلة وكرمليس وبعشيقة وبحزاني وتلكيف وباطنايا وباقوفا وتللسقف والشرفية والقوش، نزحوا إلى مدينتي أربيل ودهوك، ومئات العائلات نزحت إلى كركوك والسليمانية وعقرة وزاخو والعاصمة بغداد. الغالبية الساحقة من العوائل النازحة كانت محشورة داخل الكنائس والمدارس والحدائق العامة والساحات المكشوفة في العراء، يقول البطريرك ساكو، ولم يكن أمامها إلا أن تفترش الأرض، وكثيراً ما كانوا يفعلون ذلك من دون أية فرش أو أغطية. يبدي الناشط المسيحي ستيفن ججو، خشيته من أن تكون الانسحابات التي حصلت في سنجار ومدن سهل نينوى وتركها لتنظيم «داعش»، خطة مدروسة هدفها حصول كردستان على مساعدات عسكرية وسياسية واقتصادية من الغرب، مستشهداً بالمساعدات التي وصلت خلال الأيام الأخيرة إلى أربيل. لكن القس دانيال يجادل بأن هذا مجرد افتراض سببته حالة الخذلان التي شعر بها المسيحيون، لكن الحقيقة الثابتة هي أن كردستان كانت على الدوام ملاذاً آمناً للمسيحيين خلال عقد كامل. مع هذا، يتفق البطريرك ساكو مع عشرات المسيحيين الذين التقى بهم كاتبو التحقيق، في الشعور بالإحباط من موقف الرئيس الأميركي باراك أوباما «لأنه لم يقدم المساعدة العسكرية إلا لحماية أربيل»، وأن الأمل بات ضئيلاً في هزيمة المتطرفين وعودة النازحين إلى مناطقهم. يطالب عدد كبير من المسيحيين الآن، خصوصاً أولئك الذين لا يجدون طريقاً للهجرة إلى الخارج، باسترداد مناطقهم من «داعش» وإخضاعها لحماية قوات دولية لكي يتمكنوا من العيش فيها مجدداً. يعتقد الباحث المسيحي والناشط سعد جرجيس أن استعادة البيشمركة البلدات المسيحية التي سقطت في يد «داعش»، لن يكون أمراً حاسماً في عودة المسيحيين ما لم يتم إنهاء خطر «داعش» وتأمين المنطقة بقوات يمكن الوثوق بها. وهي لن تكون بالتأكيد، لا القوات الكردية، ولا القوات العراقية. بخلاف جرجيس، يعتقد عشرات النازحين الذين التقاهم كاتبا التحقيق، أنه حتى لو تمكنت العمليات العسكرية الأخيرة من تقويض قوة «داعش»، فإن المسيحيين لن يعودوا إلى المدينة، لأن المسيحيين لن ينسوا الخيانة التي تعرضوا لها من بعض مواطنيهم، ولأن الفكر التكفيري في العراق يتجذر مع مرور الوقت في قطاعات واسعة من العراقيين، وهو ما سيجعل تنظيم «داعش» يولد مرة بعد مرة في البيئة نفسها، وبالطريقة ذاتها. يقول وليم وردة إن الحركات الأصولية المعادية للمسيحيين لا تقتصر على «القاعدة» أو «داعش»، بل في الكثير من مدن العراق، ومنها مناطق كردستان «في التسعينات، كانت أعداد قليلة تحضر خطبة الجمعة، الآن لم تعد المساجد تستوعب المصلين، قوة الدولة هي التي تحد من جموح المتطرفين تجاهنا، وأي ضعف للدولة سيسمح لهم بالظهور في شكل واسع، وهذا يقلقنا جداً». يجمع هؤلاء أيضاً على أن الشرخ الذي ولدته الأحداث داخل المجتمع العراقي، بين الأقليات العراقية من جهة، والعرب والكرد من جهة أخرى، هو أكبر بكثير من أن يندمل حتى بعد سنوات، وأن العبرة التي أخذها المسيحيون مما جرى لهم، والإبادة التي تعرضوا لها على يد «داعش» ستبقيان ماثلتين في كل مكان اضطهد فيه المسيحيون والشبك والإيزيديون والتركمان، وستظلان شبحاً يلاحق كل الأقليات في العراق، ولعقود. بعد دخول القس فرنسيس إلى الأراضي التركية، بقي المئات من المسيحيين والإيزيديين والشبك والتركمان يتوافدون على معبر إبراهيم الخليل، عدد كبير منهم كان بلا جوازات سفر أو أوراق ثبوتية، لكنه فضل الاعتصام على المعبر والمطالبة بالدخول إلى تركيا، على العودة إلى كردستان. يعتقد هؤلاء أن الهجرة إلى الخارج، صارت أملهم الوحيد للخلاص من الموت على يد تنظيم «داعش». وكل الخيارات الباقية ليست سوى أحلام لا طائل منها أبداً. * أنجز هذا التحقيق بدعم من شبكة الصحافة الاستقصائية العراقية (نيريج).