شن تنظيم «داعش» هجمات جديدة في العراقوسوريا وخاض معارك طاحنة على الجبهتين خلال ال 48 ساعة الماضية لضم أراضٍ جديدة. وسيطر مسلحو التنظيم المتطرف على قره قوش، المدينة المسيحية الأكبر في العراق والواقعة في محافظة نينوى، ما دفع المسيحيين إلى الفرار منها. وقدَّر بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم، لويس ساكو، عدد الفارّين جراء هجوم «داعش» الأخير على المناطق المسيحية ب 100 ألف شخص اتجهوا إلى المدن الكردية. وطالت هجمات التنظيم الأقلية الأيزيدية التي فر الآلاف منها تجاه تركيا. وأكدت مصادر أن «داعش واصل الهجمات في شمال العراق واستولى على مزيد من البلدات وشدد قبضته قرب المنطقة الكردية» في هجوم يثير قلق حكومة بغداد والقوى الإقليمية. وأفيد أيضاً بأن 5 من المتطوعين العراقيين و40 من عناصر «داعش» قُتِلوا وأصيب 50 آخرون بجروح في معارك طاحنة بين الجانبين في إحدى القرى جنوبي مدينة كركوك (250 كم شمالي بغداد). في السياق نفسه، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يبحث توجيه ضربات جوية وإنزال مساعدات إغاثة من الجو لنحو 40 ألف شخص ينتمون إلى أقليات دينية في العراق تقطعت بهم السبل فوق قمة جبل بعد تهديد من مسلحي «داعش». وفي سوريا، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان سيطرة «داعش» جزئياً على اللواء 93 في محافظة الرقة (شمال) بعد معارك أسفرت عن سقوط 38 قتيلاً. وأفاد المرصد بأن 27 جندياً من جيش النظام و11 عنصراً من «داعش» قُتِلوا في المعارك. وبين قتلى التنظيم 3 فجروا أنفسهم في بداية الهجوم على اللواء 93. واللواء 93 والمطار العسكري في الطبقة هما آخر مواقع الجيش السوري في الرقة. قال نشطاء إن مقاتلي تنظيم «داعش» سيطروا على آخر القواعد العسكرية التي ظلت تحت سيطرة الحكومة السورية في محافظة الرقة «شمال سوريا» في هجومٍ بدأ ليل الأربعاء. وأفاد النشطاء بأن مقاتلي التنظيم اشتبكوا مع القوات المتمركزة في المنطقة أمس الخميس مما أسفر عن مقتل عشرات الجنود. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المقاتلين فرضوا سيطرة كاملة على قاعدة اللواء 93 صباح أمس. وأضاف أن 40 قتيلاً سقطوا في عدة هجمات انتحارية بسيارات ملغومة شنها مقاتلو «داعش» وفي اشتباكات لاحقة. والرقة معقل رئيس ل «داعش» الذي سيطر على عاصمة المحافظة وطرد مقاتلي جماعات المعارضة الأخرى منها مطلع العام. ويهاجم مقاتلو التنظيم، وكثيرون منهم أجانب، معاقل الحكومة في المنطقة منذ الشهر الماضي. وقتل التنظيم قبل أسبوعين ما لا يقل عن 50 جندياً سورياً في محيط قاعدة خارج مدينة الرقة. وذكر المرصد السوري أن التنظيم قتل أيضاً نحو 270 من الجنود والحراس والعاملين عندما سيطر على حقل للغاز في وسط سوريا قبل ذلك بأسبوع. وقال المرصد الذي يتخذ من لندن مقراً له إن طائرات حربية سورية شنت غارات جوية شمالي مدينة الرقة وفي منطقة الطبقة. وبذلك تصبح القاعدة الجوية العسكرية في الطبقة هي آخر موقع تسيطر عليه الحكومة السورية في المحافظة بعد سقوط قاعدة اللواء 93. أحكم المتشددون سيطرتهم على بلدة قره قوش أكبر مناطق المسيحيين في محافظة نينوى «عاصمتها الموصل»، ما دفع أكثر من 100 ألف من سكان البلدات المجاورة الأخرى إلى النزوح إلى إربيل، فيما وصلت عشرات الأسر الإيزيدية النازحة من سنجار إلى تركيا. وأعلن بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم، لويس ساكو، أن «نحو 100 ألف مسيحي نزحوا بملابسهم وبعضهم سيراً على الأقدام للوصول إلى مدن إربيل ودهوك والسليمانية الكردية»، محذراً من أنهم يواجهون خطر الموت في حال عدم تأمين الطعام والمأوى لهم. وأضاف ساكو، وهو أبرز رجل دين مسيحي في العراق، أن مسلحي داعش قاموا مساء الأربعاء بالهجوم على معظم قرى سهل نينوى وقصفها بقذائف الهاون واستولوا على بعضها وفرضوا سلطتهم عليها مما أرعب سكانها ودفعهم إلى مغادرتها. وتابع: إن «هذا النزوح الجماعي يضم أشخاصاً كباراً في السن ومرضى وأطفالاً وحوامل، هؤلاء الأشخاص معظمهم في العراء»، ووصف ما حدث ب «كارثة إنسانية». وأطلق ساكو نداء استغاثة للأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي بعد عجز حكومتي إقليم كردستان وبغداد عن التصدي لعناصر «داعش». في السياق نفسه، قال رئيس أساقفة كركوك والسليمانية، يوسف توما، إن «هذه المدن هي الآن بيد المسلحين وخلت من سكانها الأصليين ويتوجه عدد منهم إلى إربيل سيراً على الأقدام». وأضاف «لدينا الآن 4 قتلى هم سيدة وطفلان وحارس أمني قُتِلُوا في قصف بمدافع الهاون». وبذلك يكون تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» سيطر على كل أنحاء محافظة نينوى، ثاني أكبر محافظاتالعراق عدداً، ولا يفصله عن تخوم محافظة إربيل غير 25 كيلومتراً. وأصدر التنظيم بياناً نشرته مواقع متشددة قال فيه إن عملياته الأخيرة جاءت رداً على «تحالف عصابة البشمركة مع الروافض الصفويين لتقويض مشروع الخلافة الإسلامية». ووفرت السلطات العراقية في بغداد غطاءً جوياً لقوات البشمركة في أول تنسيق أمني مع إربيل بعد أحداث 10 يونيو التي عرفت تقدم عناصر «داعش». وتبنَّى التنظيم سلسلة من العمليات التي استهدفت قوات البشمركة التي تقوم بحماية مناطق المسيحيين، بينها تفجير سيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان أحدهما ألماني والثاني ليبي، استهدفا سريتين لقوات البشمركة أمس الأول. وأكد المتحدث باسم قوات البشمركة، هلكورد حكمت، أن تنظيم «داعش» هاجم عدة مواقع للبشمركة من عدة محاور هي القوش وقره قوش وكوير و»نحن متقدمون عليهم». وكان الإقليم يفرض سيطرته على عدد كبير من المناطق التي يقطنها الإيزيديون والشبك والمسيحيون في شمال وشرق وغرب محافظة نينوى، قبل أن ينسحب بشكل مفاجئ إثر هجوم «داعش». وتسبب هذه التراجع لقوات البشمركة في نزوح مئات آلاف من الإيزيديين والتركمان الشيعة الذين علقوا في العراء في جبل سنجار منذ عدة أيام دون أكل أو ماء. وعلى الرغم من تنسيق البشمركة مع أكراد الأتراك والسوريين لاستعادة مناطق سنجار وزمار، إلا أن ذلك لم يفضِ حتى الآن إلى تحرير هذه المناطق. وصدت قوات البشمركة الكردية التي تحمي سد الموصل أمس هجوماً نفذه عناصر «داعش» على السد الذي يعتبر من أكبر سدود العراق، بحسب مصادر أمنية كردية. وقال هلكورد حكمت إن «عناصر داعش شنوا هجوماً على سد الموصل، لكن قوات البشمركة صدت الهجوم». وأضاف أن «التنظيم ترك جثة واحد من عناصره، فيما تمكنت قوات البشمركة من حرق 4 من سياراتهم وهي من طراز هامر عسكرية». ويحاول عناصر «داعش» الذين سيطروا على معظم مناطق محافظة نينوى منذ العاشر من يونيو الماضي، الاستيلاء على سد الموصل من خلال عدة هجمات. من جهة أخرى، انطلقت حملة عسكرية واسعة للجيش العراقي من أجل فك الحصار الذي يفرضه عناصر «داعش» على بلدة أمرلي الشيعية التركمانية منذ نحو شهرين، حسبما أفاد مسؤول محلي. وقال شلال عبدول، وهو قائم مقام طوزخرماتو، إن «قوات من الجيش الاتحادي مدججة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة وبمساندة طيران الجيش شنت حملة عسكرية مكثفة لكسر الحصار على بلدة أمرلي وتطهير سليمان بيك المجاورة». وأفاد المسؤول المحلي بأن القوات الأمنية قتلت 14 من عناصر «داعش» فيما قُتِلَ 4 من المتطوعين و2 من عناصر الجيش وأصيب 39 من عناصر الأمن بينهم 4 من قوات البشمركة. وصمدت هذه البلدة الواقعة على بعد 160 كلم شمال بغداد أمام محاولات «داعش» لاحتلاها منذ شهرين، على الرغم من قطع المياه والطعام ومحاصرتها من جميع المنافذ. إلى ذلك، قُتِلَ 8 أشخاص على الأقل وأصيب العشرات في تفجير سيارة مفخخة استهدفت مسجداً شيعياً يأوي عشرات النازحين وسط مدينة كركوك، حسبما أفادت مصادر أمنية وأخرى طبية. وقال ضابط في شرطة كركوك إن سيارة مفخخة انفجرت أمام حسينية القاسم التي تأوي عشرات النازحين في حي تسعين وسط كركوك، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص بينهم 3 أطفال وإصابة 47 آخرين. ويأوي هذا المسجد عائلات نازحة من بلدتي أمرلي وتازة وقرية بشير، وجميعهم من التركمان الشيعة الذين تمكنت عناصر «داعش» من الاستيلاء على بلداتهم محاصرتها.