ثمة برامج وفترات معينة من البث الفضائي يمكن أن يشارك في تقديمها أكثر من مذيع أو محاوِر للضيوف، ويصح ذلك، في صورة خاصة، على فترات البث الصباحي حيث تتعدد الفقرات ويكثر الضيوف وتتنوع المواضيع، فضلاً عن زمن البث الذي يمتد لساعتين أو ثلاث، بالتالي فإن مشاركة أكثر من مذيع أو مقدم تصبح إجراء مقبولاً، بل وربما مطلوباً. لكن المستغرب أن يشارك أكثر من محاوِر أو مذيع في برامج مدتها نحو ساعة، على رغم أن طبيعتها لا تتطلب الاستعانة بأكثر من محاور. ويمكن أن نشير إلى برامج كثيرة تتبع هذا الأسلوب، ولعل أبرزها، مثلاً، برنامج «كلام نواعم» على شاشة «إم بي سي» الذي تشارك في محاورة ضيوفه أربع محاورات (مذيعات)، وكذلك برنامج «هنَّ» الذي يبث على قناة «الحرة»، إذ قدمت الحلقة الأخيرة منه الإعلاميتان بثينة النصر وأسماء بن عثمان، واستضاف البرنامج الناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس وإحدى الفنانات المصريات. والملاحظ أن مشاركة أكثر من محاور تمثل، غالباً، نقطة ضعف للبرنامج، بدلاً من أن تكون عامل قوة، ذلك أن مشاركة أكثر من محاور يشتت مسار البرنامج ويبدد موضوعه في أكثر من اتجاه، فكل محاور يسعى إلى أن يسحب الكاميرا باتجاهه محاولاً أن يتفوق على زميله. والمشكلة أن معيار مهارة هذا المحاور أو ذاك يضيع وسط اجتهاد كل واحد منهم في الاستئثار بالضيوف وجذبه إلى أسئلته، ونكاد نقول إن ثمة نزعة أنانية تظهر في مثل هذا النوع من البرامج، ذلك أن كل محاور يبذل «جهداً ناعماً وخفياً» في سبيل تغييب صوت زميله وصورته وإظهار نفسه بأنه الأجدر طالما أن المقارنة بينهما واردة، فهما يطلان عبر الشاشة في البرنامج ذاته، كما أن مقاطعة الضيوف تجري، هنا، على نحو عشوائي ذلك أن كل محاور يريد أن يرجح كفة البرنامج لمصلحته، فيقاطع الضيف في لحظات خاطئة غالباً. لا نعتقد أن برنامجاً مدته نحو ساعة يحتاج إلى محاورين، فضلاً عن أن الجمع بينهما يفقدهما القدرة على ضبط إيقاع البرنامج، فتضيع الأسئلة ومعها الأجوبة، ولا يكاد الضيف ينطق بثلاث جمل مفيدة حتى يتدخل أحد المحاورين ليطرح سؤالاً جديداً من غير أن يكون لديه فضول سماع الجواب... وبعدما تضيع البوصلة في تحديد الاتجاه الصحيح، فإن الضيف يبدو متذمراً وهو محاط بسيل من الأسئلة العشوائية، وكأن كل من يشارك في البرنامح سواء كان محاورِاً أو محاوَراً «يغني على ليلاه»، كما يقول المثل، فنسمع، عندئذ، صوتاً نشازاً لا يمكن تشذيبه إلا بالاقتصار على محاوِر واحد.