وصفت الخرطوم اتفاق مفاوضيها مع دولة جنوب السودان، في شأن رسوم نقل النفط، بأنه «مقنع على رغم أنه لا يرضي الطرفين»، ورهنت تنفيذه بتسوية الملف الأمني عقب عطلة عيد الفطر. وأمهل الاتحاد الافريقي الطرفين حتى 22 أيلول (سبتمبر) المقبل لتسوية الملفات الأخرى المرتبطة بالحدود والأمن والنزاع على منطقة أبيي. وقال وكيل وزارة النفط السودانية عوض عبدالفتاح عقب وصول وفد السودان المفاوض إلى الخرطوم من أديس أبابا أمس «توصلنا إلى اتفاق نهائي مع جنوب السودان حول عملية معالجة وعبور وتصدير نفط الجنوب عبر أراضينا». وعن الملفات العالقة الأخرى قيد التفاوض مع دولة الجنوب، قال «نتوقع انفراجاً». وأوضح الناطق باسم الوفد السوداني مطرف صديق، عقب وصوله إلى الخرطوم، أن «الاتفاق النفطي مقنع لكنه لم يلب طموحات الطرفين»، لافتاً إلى أن بداية تنفيذه ستكون عقب التوصل إلى تفاهمات في شأن القضايا الأمنية عقب عيد الفطر المبارك. وكان وسيط الاتحاد الافريقي ثابو مبيكي قال إن السودان وجنوب السودان اتفقا على إنهاء الخلاف بينهما في شأن أموال النفط، وسيناقشان استئناف صادرات نفط جنوب السودان عبر السودان. وأشار إلى أنه اتفاق في شأن كل المسائل المتعلقة برسوم النقل والمعالجة والعبور، وما تبقى هو مناقشة الخطوات المتعلقة بالموعد الذي يتعين مطالبة شركات النفط فيه بالاستعداد لاستئناف الإنتاج والتصدير. وذكر أن المحادثات في شأن الحدود المشتركة بين البلدين لم تحسم بعد. ويُتوقع أن يناقش الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره الجنوبي سلفاكير ميارديت مسألة الوضع النهائي لمنطقة أبيي المتنازع عليها الشهر المقبل. وكشف مبيكي أن الاتحاد الافريقي طلب من الطرفين حل الخلافات المتبقية بحلول 22 أيلول (سبتمبر) المقبل. ومعلوم أن الاتفاق على حل ملف النفط بين دولتي السودان جاء بعد يوم واحد من زيارة قامت بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لجوبا عاصمة الجنوب. وقالت كلينتون صراحة لرئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت إن عليه قبول تسوية في ملف رسوم النفط، معتبرة أن حصول الجنوب على «نسبة من شيء ما أفضل من نسبة من لا شيء». وفي واشنطن رحب الرئيس باراك اوباما بالاتفاق بين الخرطوموجوبا وقال في بيان صادر عن البيت الابيض ان «هذا الاتفاق يفتح الباب امام ازدهار اكبر لشعبي البلدين». واضاف «يستحق رئيسا السودان وجنوب السودان التهنئة بهذا الاتفاق وبتوصلهما الى تسوية في شان موضوع بالغ الاهمية كهذا. انني ارحب بجهود المجتمع الدولي الذي توحد لتشجيع ودعم الطرفين سعيا الى حل». واعرب اوباما خصوصاً عن «امتنانه» للجهود التي بذلها الاتحاد الافريقي بقيادة الرئيس السابق لجنوب افريقيا ثابو مبيكي الذي تولى وساطة بين البلدين. واوضحت جوبا السبت في بيان انها قبلت بدفع 9.48 دولار عن كل برميل نفط يصدر عبر السودان اضافة الى تعويض من دفعة واحدة بقيمة ثلاثة بلايين دولار معتبرة الاتفاق المبرم مع الخرطوم «جيداً» للبلاد. واشاد اوباما بهذا الاتفاق داعيا الى «تطبيقه فورا لتقديم مساعدة انسانية الى الاشخاص في تلك المناطق». وقال «اشجع الاطراف على الافادة من الاندفاعة الناتجة من هذا التقدم في محاولة لحل النزاعات المتبقية على الحدود والمسائل الامنية»، لافتا الى ان الولاياتالمتحدة ستواصل دعم الجهود من اجل «سلام دائم» بين السودانين. وفي بيان منفصل، اشادت كلينتون ب»شجاعة قادة جمهورية جنوب السودان في اتخاذ هذا القرار». واضافت الوزيرة الاميركية «كان ينبغي تجاوز هذا المأزق من اجل مصلحة شعب جنوب السودان وتطلعاته الى مستقبل افضل في ظل تحديات اخرى مقبلة». وتابعت «بالنسبة الى السودان ايضا، يوفر هذا الاتفاق سبيلاً للخروج من التوتر الاقتصادي الراهن. واذا اتجه السودان الان ايضا نحو سلام في جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور واحترم حقوق جميع المواطنين، فسيقدم في شكل مماثل مستقبلاً افضل لشعبه». في غضون ذلك، أعلن السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جيرار أرو الذي تترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الأمن للشهر الجاري، انتهاء المهلة التي حددتها الأممالمتحدة لدولتي السودان وجنوب السودان للتوصل إلى اتفاق سلام، وقال إن أمام الدولتين مهلة إضافية لتسوية خلافاتهما. وأضاف أن من البديهي أن لا السودان ولا جنوب السودان نفّذ الشروط التي وضعها مجلس الأمن. لكن أرو أكد حصول تقدم، مشيراً الى وجود إجماع في مجلس الأمن على عدم جدوى فرض عقوبات على الدولتين حالياً و «لكن يتوجب علينا أن نواصل ممارسة الضغط على الطرفين كي يواصلا المحادثات». وأوضح أن الوسيط الافريقي سيطلع مجلس الأمن على وضع المحادثات الجارية في إثيوبيا في جلسة الخميس المقبل، وقال إن الأممالمتحدة ستأخذ في الاعتبار التوصيات التي قدمها الاتحاد الافريقي لإحلال السلام بين الدولتين. إلى ذلك، رفعت أمس في أديس أبابا المحادثات بين وفدي الحكومة السودانية والمتمردين الشماليين في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق في شأن الأوضاع الانسانية في المنطقتين. واتفق الطرفان على وقف إطلاق نار جزئي وفتح ممرات آمنة لمنح الفرصة أمام وصول المساعدات الإنسانية للمتأثرين في المنطقتين المضطربتين، استناداً إلى اتفاق سابق بهذا الشأن بين الخرطوم والجامعة العربية والأممالمتحدة.