بعد أن أعْيَتِ بعضهم محاولاتٌ بائسة لتقمص شخصيات مختلفة على مدى السنين، اقتنع المشاهد والمنتج على حد سواء، أن بعض المنتسبين للتمثيل لا يرتبطون معه بأي علاقة، ليتأكدوا أخيراً أن موهبتهم ستكون مقصورة في أقصاها على «التهريج». برنامج «واي فاي» الذي تعرضه «أم بي سي» ليس أكثر من دليل واضح على ذلك، فأسماء مثل حبيب الحبيب وداود حسين - ولو أن الأخير مدركٌ إمكاناته - فشلا دائماً في أدوار تمثيلية أوكلت لهما، وباتا اليوم مقتنعَيْن بأن دورهما يفترض ألا يتجاوز التقليد فقط. المثال الحي قادر على وصف ما أرمي إليه في شكل أكثر وضوحاً، فحبيب الحبيب، الذي يظهر من خلال «واي فاي» مقلداً لأكثر من شخصية، وجد نجاحاً هذه المرة، على عكس الأعوام الماضية أو حتى العام الحالي، فها هو هذا العام يشارك في بطولة مسلسل «من الآخر» الذي تعرضه قناة «دبي»، ليأتي مغيباً تماماً عن المشاهدين وبعيداً من أي قبول أو نقد أو حتى تعليق مهتم، إلى درجة أن البعض يجهل مشاركته في بطولة أي عمل آخر. لكن الحبيب من خلال «واي فاي» وجد القبول الجماهيري الذي كان ينتظره، ما يجبرنا على الاقتناع بأنه مقلّد مميز، وهي إمكاناته، وليس في ذلك ما يدعو للخجل أو التهرب، بل يفترض عليه وعلى غيره من المقلّدين أن يعملوا على تطوير إمكاناتهم، لذلك فإن ما يرجى هو أن نستمر في البحث عن برامج التقليد، ونفتح الفرصة لأسماء لن تجد القبول في أي مجال آخر. فماذا يمكن داود حسين أن يقدم بعيداً من التقليد، بعد أن غيبته السنون في غياب برامج مثل «غنائيات» وغيرها، التي أجاد فيها التقليد؟ لكن التقليد سيتطلب دائماً تقديم شيء من الإضافات على الشخصية المقدمة، وهو ما يفتح باب التقويم للمشاهد لتولي مسؤولية تصنيفه بين «التقليد» و «التهريج»، بيد أن «واي فاي»، العمل الذي أجبرت الظروف منتجيه على سرعة تسليم مَشاهده، بدا في كثير من الأحيان عاجزاً عن تقديم نصّ يوازي طموحات المتابعين، خصوصاً أن النص الأساسي الذي تم تسليمه للعمل جاء باهتاً وغير قابل للتصوير، ما اضطر المنتجين إلى الاستعانة بمن يعالج النص ومن يبيِّنه كما توضح شارة البداية للعمل، وعلى رغم ذلك ظهر ضعيفاً.