وعد الرئيس المصري محمد مرسي بإجراء «محاكمة ناجزة وعادلة» للمتورطين في اشتباكات بين مسلمين ومسيحيين في قرية تابعة لمحافظة الجيزة، ما مثل تحولاً عن نهج الحلول العرفية الذي كان سمة تعاطي النظام السابق مع هذا الملف، في مسعى من مرسي إلى طمأنة الأقباط وامتصاص الاحتقان المتزايد من تهميشهم. وكان لافتاً استنفار المسؤولين أمس لتطويق تبعات الاشتباكات التي وقعت في قرية دهشور وأسقطت قتيلاً وعشرات الجرحى، إضافة إلى حرق منازل ومتاجر. وتعهد الرئيس تعويض المتضررين من الأحداث، وأوفد مستشاره القانوني فؤاد جاد الله إلى القرية حيث التقى عائلة الشاب القتيل معاذ محمد وقيادات كنسية. وشدد مرسي على أن الاشتباكات «لن تمر من دون عقاب»، وإن كان تأخره في التدخل تسبب في توجيه انتقادات لاذعة إليه. واستنكر الرئيس في كلمة خلال أدائه الصلاة في قنا أمس «أن يتعدى الأخ على أخيه». واعتبر أن ما حدث «مواقف لا تعبر عن الحب العميق في قلب المصريين لبعضهم بعضاً... ونأسف له جميعاً». ورأى أن الأحداث «لها شقان، الأول جنائي يتمثل في معاقبة كل المتورطين في الأزمة، وسيأخذ القانون مجراه ولا بد من محاكمة عادلة وناجزة وسريعة، أما الشق الآخر مجتمعي ويجب فيه أن يعود الحب والود بين المسلمين والمسيحيين». ودعا أهالي دهشور إلى «أن يعود بعضهم إلى بعض وأن يُؤمِّن المسلمون إخوانهم المسيحيين». وتقاطرت وفود رسمية وشعبية إلى القرية. وطالب المستشار القانوني للرئيس أسرة الشاب القتيل بالمساعدة في إعادة الهدوء ووعدها ب «القصاص»، قبل أن يلتقي قيادات كنسية تعهد لها إعادة الأقباط المهجرين إلى القرية وتعويضهم عن المنازل والمتاجر التي دمرت على خلفية الأحداث. واعتبر النائب السابق الخبير السياسي عمرو حمزاوي الذي يفترض أن يكون زار القرية مساء أمس، تعهدات المسؤولين باحترام سيادة القانون وعقاب المتسببين في الأحداث «أمر جيد ويمثل تغييراً عما كان يحدث في السابق». لكنه انتقد تأخر تدخل الرئاسة في الأحداث. وقال ل «الحياة»: «كانت الرئاسة في البداية تعوِّل على الأمن والمجالس العرفية مثلما كان يحدث في السابق، لكن مع الضغط وتوجية الانتقاد سارعت للتدخل». ودعا تجمع «بيت العائلة» الذي يضم ممثلي الأزهر والكنائس ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات عامة بعد اجتماع مساء أول من أمس، إلى «تطبيق القانون ومحاكمة المسؤولين عن أحداث دهشور، وإصدار عقوبات رادعة وفورية لمرتكبي هذا النوع من الجرائم الذي يستهدف أمن الوطن وسلامته في هذه المرحلة الدقيقة». وأعلن تشكيل وفد برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب لمقابلة الرئيس، كما دعا وزير الداخلية إلى لقاء «لتدارس الإجراءات المطلوب اتخاذها عند تكرار مثل هذه الأحداث المؤسفة». وطالب بتعويض «من لحقت بهم الخسائر المادية والأدبية وإعادة الأسر التي تركت بيوتها في أقرب وقت». في المقابل، قلَّل وزير الداخلية الجديد اللواء أحمد جمال الدين من الأحداث، معتبراً أنها «ليست فتنة طائفية، لكنها مجرد مشاجرة بين مجموعة من المواطنين». وقال في تصريحات صحافية أمس إنه «تم تعزيز الخدمات الأمنية في القرية لمنع وقوع أي تداعيات أو تجدد الاشتباكات مرة أخرى، إضافة إلى تشكيل لجنة من الحكماء تضم خمسة مسلمين وخمسة أقباط لاحتواء الموقف». واستمرت أمس ردود الفعل الغاضبة من جانب أقباط. وتظاهر عشرات أمام مقر الكاتدرائية القبطية في حي العباسية شرق القاهرة تنديداً بالأحداث. وأمهلت جماعة «الإخوان المسيحيين» التي تشكلت أخيراً، المسؤولين يومين «فرصة لاحتواء الأمر وإعادة المهجرين وتعويض المتضررين ومحاسبة المحرضين والمتورطين». واعتبر أن «الظلم بلغ أقصى درجاته، ولنضع أمامنا القاعدة المعروفة بأن لكل فعل ردّ فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، والعنف لا يولد سوى العنف، والخاسر الوحيد هو رجل الشارع البسيط». وأعلنت «الاستعداد لكل أشكال التصعيد القانوني وآليات النضال السلمي».