حلت المطربة اللبنانية أميمة الخليل، بتألقها وصوتها الممتلئ شغفاً، في مسرح الجنينة لليلتين غنائيتين ضمن حفلة افتتاح مهرجان «حس» الرمضاني الذي تنظمه مؤسسة المورد الثقافي. صوت الخليل يليق برصانة البيانو، وهي الآلة الوحيدة التي صاحبتها بتوقيع زوجها الموسيقي هاني سبليني، واستدعى ذلك الظهور مزاحاً تبادله والجمهور خصوصاً حينما قدّم عازفي الفرقة المفترضين... في شخصه هو. غنّت الخليل الكثير من قديمها وجديدها، في حضور جمهور مشتاق، احتضن تجربتها، يعرف أغانيها ويطلب منها ما يشاء. أغانٍ بعينها صنعت حالة توحد وجداني بين الفنانة ومحبيها وفي مقدمها «عصفور طل من الشباك» المعروفة لدى الجمهور المصري وغنتها في مصر المطربة عايدة الأيوبي وغيرها. كما غنّت الخليل «وآن يا ليل يا عين» و «نامي يا صغيرة»، ومن الجديد «الكمنجات» وأغنية «محمد» عن الطفل الفلسطيني الشهيد محمد الدرة وهي من ألبوم الفنان مارسيل خليفة «سقوط القمر» الصادر أخيراً وتشارك فيه الخليل التي أهدت الأغنية لكل الأطفال، من سقط منهم ومن ما زال يقاوم الاحتلال كل يوم. وفي دردشة مع «الحياة» على هامش الحفلة، قالت الخليل إن «الأغنية الملتزمة سيظل لها حضور ما دامت هناك قضايا عالقة في حياة الإنسان العربي، وحكام لا يريدون أن يذهبوا من حيث جاؤوا، والغناء الملتزم في عالمنا العربي ضرورة ملحة لخلق مواطن واعٍ بما يحدث من حوله، على أمل أن يحرّض ضد الظلم والفساد». وتؤكد الخليل أن إهمال الغناء الملتزم هو بفعل فاعل من قبل رؤوس الأموال التي استولت على نوافذ الإعلام، «فنحن في زمن التسليم والانكسار وطغيان الروح الانهزامية، وتسخيف عقل المواطن العربي مقصود، إضافة إلى إلهائه عن قضاياه الجوهرية، وهذا ليس مجرد ظنٍّ أو حدس». وتضيف: «لديّ يقين بذلك وأخشى على المستقبل». وعن تنوع أغانيها وأدائها بين العاطفي والوطني والحزين والمبهج، تقول: «الحياة هي الفن والعكس صحيح، أليست هذه المشاعر كلها موجودة في الحياة، أنها مجموعة أحاسيس وقيم، أحياناً نحب، وأحياناً نرقص أو نقاوم، هذه كلها حالات إنسانية والتعبير الغنائي عنها يكون بإمكانات صوت متين وباقتناع وإيمان بما تقوله الأغنية». ووصفت الخليل الشاعر الراحل محمود درويش بأنه «روح فلسطين»، لغة شعرية أنيقة ومتحضرة تفتح آفاق التواصل مع الإنسان. أما الموسيقار مارسيل خليفة الذي عملت معه منذ بدايتها في فرقته «الميادين» فوصفته بأن «موسيقاه نابضة وقوية وصادقة، لقائي معه هو الأهم في مسيرتي، ووجوده في حياتي، حتى في السياقات البعيدة من الغناء، يمنحني طمأنينة ويروّح عني». ويشرح هاني سبليني الذي تحمل عبء فرقة بأكملها، أنه يعمل في أغانيه التي لحنها لأميمة الخليل على ترجمة الكلمات إلى شكل موسيقى أقرب إلى التعبيرية في قالب كلاسيكي، وينفي عن نتاجهما المشترك صفة «التقليدية»: «ليس عملنا تقليدياً، أفضل كلمة كلاسيكي، معالجة بسيطة تروق لمن يتذوق الموسيقى، لست في صدد تحدي المؤلفين الموسيقيين، فقد بدأت مشواري الموسيقي مع فرق الجاز في لبنان، ما أكسبني القدرة على التعرف الى المسرح الموسيقي بمختلف ألوانه». ويروي أن علاقته بأميمة بدأت عام 1994، «كنت وقتها أعمل في فرقة السيدة فيروز بترشيح من زياد الرحباني، وأول ألبوم قدمناه سوياً كان «أميمة 2000» ثم «أميمة ياه» و«رسائل الفقرا» وهذه إطلالتي الأولى على الجمهور المصري الذي سمعت عنه الكثير، وهو جمهور يحتضن الفنان ويجعله يُخرج أفضل ما عنده ويتفوق على نفسه».