تواصلت حالة الغضب والاستياء بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل والمصانع والمستشفيات في انحاء مصر بين مرتين وثلاث مرات يومياً، من دون اهتمام من المسؤولين لشكاوى المواطنين المستمرة. ودخلت الأزمة نفقاً مظلماً على رغم محاولات مسؤولين التخفيف من حدتها ودعوة الرئيس المصري محمد مرسي المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك، بخاصة في بعض ساعات النهار وخلال أيام الصيف الحارّة الخانقة. وتصاعدت في محافظات عدة حدة الاشتباكات بين إدارات الكهرباء وأعداد كبيرة من المواطنين، بسبب لجوء شركات توزيع الكهرباء إلى تطبيق جدول تخفيف الأحمال وقطع التيار عن اماكن كثيرة في القاهرة والمحافظات، لا سيما التجار الذين تسبب انقطاع الكهرباء في تكبيدهم خسائر مالية كبيرة، إلى درجة دفعتهم مع مواطنين آخرين إلى إطلاق حملة تستهدف الامتناع عن تسديد فواتير الكهرباء. ونفت وزارة الكهرباء المصرية قيامها بتصدير الكهرباء لأي من الدول المجاورة في أوقات الذروة، في ظل أنباء عن زيادة كمية الكهرباء الموفرة مجاناً لجنوب قطاع غزة، من 17 ميغاوات إلى 30 ميغاوات. وأوضح الوكيل الأول لوزارة الكهرباء والطاقة المصرية اكثم أبو العلا في تصريح الى «الحياة» أن الربط الكهربائي المصري مع قطاع غزة لا يسمح سوى بتبادل 23 ميغاوات. وتبني مصر آمالاً كبيرة على مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، كأحد الحلول التي يمكن اللجوء اليها في حالة استمرار الضغط على الشبكة الكهربائية. وهذا المشروع يسمح بتبادل نحو 3000 ميغاوات يومياً، حيث ترسل مصر الطاقة في الظهيرة للسعودية وتعاود المملكة مدها إلى مصر في المساء في اوقات الذروة. وأفاد أبو العلا بأن العجز في الطاقة الكهربائية في مصر وصل إلى 3 آلاف ميغاوات. وتقوم الوزارة بتخفيف الأحمال عبر القطع المبرمج للتيار عن مختلف المحافظات وإجبار المصانع على تقليل الاستهلاك. وطالب عدد من أصحاب المصانع بتدخل المسؤولين في قطاع الكهرباء، للحد من تكرار انقطاع الكهرباء، مؤكدين تأثيره على إنتاجية العمال وحدوث ارتباك داخل المصانع، موضحين أن هناك مصانع تملك مولدات كهرباء صغيرة للإنارة فقط. وناشد رئيس «الشركة القابضة لكهرباء مصر» محمود بلبع جميع المواطنين تحمل الأزمة، وليس اقتحام مقار شركات الكهرباء. ولفت إلى أن الخط الهوائي الرابط لمحطة غرب دمياط بالشبكة العامة، سينجز قريباً على ان يجري بدءاً من 2 آب (أغسطس) وَصْلُ وحدة جديدة بقدرة 125 ميغاوات كل يومين، بإجمالي 500 ميغاوات. وأكد وزير البترول والثروة المعدنية المصري عبد الله غراب، أن معظم انتاج حقول الغاز الجديدة سيوجه إلى قطاع الكهرباء لمواجهة زيادة استهلاك المحطات. حماية المستهلك وأوضح رئيس جهاز حماية المستهلك، عاطف يعقوب، أن الجهاز تلقى شكاوى المواطنين من مختلف أنحاء البلاد لتكرار انقطاع التيار يومياً لفترات طويلة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة. وأضاف أن مطالبات وجهت الى مرفق تنظيم الكهرباء بضرورة إلزام شركات التوزيع بتفعيل توزيع الكهرباء المعتمد من مجلس إدارة الجهاز، ولفت إلى أنه في حال الانقطاعات المبرمجة على شركات توزيع الكهرباء إخطار المشتركين المتأثرين بالانقطاع قبل حدوثه بيومين على الأقل عبر وسائل الإعلام. وما زال بعض المعوقات يحول دون إتمام مشاريع كهرباء، منها الاستفادة من محطة غرب دمياط بقدرة 500 ميغاوات، بعد قيام أحد المواطنين، الذي تلقى تعويضاً مقابل إنشاء أحد أبراج خط الربط بين محطة غرب دمياط والشبكة الكهربائية العامة، بمَنع الشركات المنفذة من شد الأسلاك، لطلب مزيد من التعويضات. وكان يتوقع الاستفادة من المحطة وربطها بالشبكة في أيار (مايو) الماضي. وعلى رغم المعوقات التي تواجه محطة «أبو قير» البخارية (قدرة 1300 ميغاوات)، تجرى تجارب تشغيل في الوحدة الأولى في المحطة قدرة 650 ميغاوات. ويذكر أن الشركة القابضة لكهرباء مصر أصدرت بياناً حول المعوقات التي تواجهها لتوفير الطاقة الكهربائية، منها تأخر تشغيل محطتي دمياط وأبو قير، بقدرة إجمالية 1800 ميغاوات واستثمارات وصلت إلى 12 بليون جنيه مصري، واللتين كان يتوقع بدء تشغيلهما مطلع أيار، وعدم توافر كميات الغاز المطلوبة لتشغيل المحطات، إضافة إلى السولار والمازوت المستوردين لتشغيل قدرات التوليد المتاحة، وزيادة معدلات سرقة التيار الكهربائي نتيجة الانفلات الأمني، وزيادة معدلات التكييف والاستهلاك التي وصلت إلى 12 في المئة.