يتعرّض القطاع العام في الشرق الأوسط لضغوط تُعزى إلى المساءلة في ظل التطوّرات الاجتماعية والسياسية الراهنة، وفورة مواقع التواصل الاجتماعي، والتقشّف في الموازنات الحكومية، والتنظيمات التشريعية الجديدة. ورأى خبراء في شركة «ديلويت»، أن تأثير هذه العوامل وما سُمي «الربيع العربي» في المنطقة، «سيؤدي إلى تسارع وتيرة إصلاح حوكمة القطاع العام في الشرق الأوسط، بالتزامن مع تغيرات تنظيمية منتظرة». واعتبر الشريك المسؤول عن خدمات حوكمة الشركات في «ديلويت الشرق الأوسط» رامي وديع، أن «الجميع بات تحت المجهر في شكل لا سابق له، بفعل التشكيك العام والشفافية غير المشهودة سابقاً». ورأى أن المسؤولية الاجتماعية «سريعة الانتشار ما يدعو المسؤولين إلى النظر في حاجات الناس ومطالبهم». وأشار وديع في كلمة نُشرت في مجلة «ميدل إيست بوينت أوف فيو» لربيع 2012 الصادرة عن «ديلويت»، إلى «تركيز مشاريع الحوكمة على القطاعات الحكومية وهي أساسية للاقتصاد، في ضوء أزمة المال العالمية، فضلاً عن خطوات محدودة وبطيئة لمؤسسات القطاع نحو الحوكمة الصحيحة». ولفت إلى أن الدراسات أظهرت أنّ المؤسسات المملوكة من الدولة «تؤمن نحو نصف الإنتاج الاقتصادي في بعض بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبما أن أعمال الدوائر الحكومية والمؤسّسات العامة تؤثر في المواطنين، بات مهماً للمصلحة العامة فهم كيفية التوصل إلى مثل هذه الخيارات والقرارات». وفي هذا السياق، أصدرت منظّمة التعاون والتطوير الاقتصادي تقريراً بعنوان «ترتيبات جديدة لممتلكات الدولة في الشرق الأوسط وأفريقيا»، يسلّط الضوء على أهمية الشفافية والفساد في المنطقة. وساهم شركاء متخصصون من «ديلويت»، في جلسات نقاش حول تعزيز ممارسات الحوكمة في الشرق الأوسط. ولاحظ وديع، أنّ تفعيل الحوكمة في مؤسّسات القطاع العام «بدأت تستقطب مزيداً من الاهتمام في منطقة الشرق الأوسط، وتتجلّى هذه الحال خصوصاً، عندما تسعى الدول إلى الحد من الفساد المتفشي في القطاع العام، أو عندما تعدّ المؤسّسات العامة للتخصيص». وأوضح أن في كل من السيناريوين، تحرص إجراءات حوكمة الشركات السليمة على أن يحظى الجمهور بعائدات عادلة في مقابل أصوله الوطنية». وشدد وديع، على ضرورة «ترسيخ الحوكمة المؤسساتية الصالحة عبر تطوير أنظمة الحوكمة في الوزارات والسلطات الحاكمة، إذ يسعى القطاع العام اليوم إلى التركيز على تحسين نوعية الخدمات العامة المتماشية مع توقعات المواطنين، وتشجيع الالتزام والامتثال بالتزامن مع الشفافية والمرونة المناسبتين».