دمشق، بيروت، بغداد، نيويورك - «الحياة»، ا ف ب - شدد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي على أن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب في الدوحة في شأن تنحي الرئيس السوري بشار الأسد «مهم جدا». وقال العربي، في حديث الى «الحياة» بعد اجتماع اللجنة الوزارية والمجلس الوزاري العربي في الدوحة: «لا كلام الآن عن الاصلاح السياسي بل انتقال سلطة»، داعيا المعارضة السورية الى التوحد وتشكيل حكومة انتقالية، ورأى أن «الخروج الآمن « للرئيس وأسرته يمكن الاسترشاد في شأنه بما حدث في اليمن ليشمل آخرين. واكد العربي انه لا بد من وقف العنف والافراج عن المعتقلين، واضاف: الآن لا نتحدث عن اصلاح سياسي، فالمجلس الوزاري يتكلم (حاليا) عن انتقال سلطة وليس اصلاح سياسي. تعدينا مرحلة الاصلاح السياسي بنحو سنة». ورفضت الحكومة العراقية دعوة المجلس الوزاري العربي الرئيس الاسد الى التنحي. وقال وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي ان «هذه الدعوة ليست مناسبة في الوقت الحاضر لانها تعتبر تدخلا في سيادة دولة اخرى». واضاف ان هناك وسائل اخرى لتأمين الانتقال السلمي للسطة. كما ابدت الجزائر تحفظها عن الدعوة. واوردت «وكالة الانباء الجزائرية» ان الحكومة اعتبرت مسألة تنحي الرئيس الأسد من الحكم «قرارا سياديا للشعب السوري الشقيق لا يندرج ضمن صلاحيات مجلس» وزراء الخارجية العرب. وفي نيويورك، أطلقت مجموعة الدول العربية تحركاً تقوده المملكة العربية السعودية لترجمة قرار المجلس الوزاري العربي بالتوجه الى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتبني قرار تحت بند «متحدون من أجل السلام» الذي يتم اللجوء إليه عند فشل مجلس الأمن في الاتفاق على تحرك لمعالجة أزمة تهدد السلم الدولي. وقالت مصادر عربية في نيويورك إن التحرك سيبدأ في اجتماع لسفراء الدول العربية كان مقرراً مساء أمس، «من دون مشاركة البعثة السورية في نيويورك لأنها لم تعد تدعى الى اجتماعات مجموعة الدول العربية». ولم تستبعد مصادر ديبلوماسية أن تطرح المجموعة العربية مشروع قرار في الجمعية العامة «يعيد تعريف مهمة كوفي أنان في ضوء القرار الاخير للمجلس الوزاري العربي». ونص قرار المجلس على أن مهمة أنان «تتطلب تفويضاً جديداً بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الانتقالية لتحقيق الدولة المدنية الديموقراطية التعددية، دولة المساواة في المواطنة والحريات» في سورية. وقال ديبلوماسيون إن التحرك الجديد قد يتضمن «طرح مشروع قرار في الجمعية العامة يقضي بتجميد عضوية سورية في الأممالمتحدة وقطع كل الاتصالات الديبلوماسية مع الحكومة السورية». واتسعت امس ردود الفعل الدولية والمخاوف حيال احتمال استخدام النظام السوري الاسلحة الجرثومية والكيماوية الموجودة لديه، بعد تأكيد الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي امتلاك بلاده هذه الاسلحة. فقد حذر الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية جورج ليتل المسؤولين السوريين من ان عليهم «الا يفكروا حتى ولو لثانية واحدة باستخدام الاسلحة الكيميائية». فيما قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون انه «قلق للغاية من أن تقدم سورية على استخدام أسلحة كيماوية». واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ التهديد باستخدام الاسلحة الكيماوية «غير مقبول». كما دعا وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلله السلطات السورية «الى المساهمة في شكل مسؤول في تأمين سلامة اي مخزون للاسلحة الكيميائية». وكان مقدسي اكد بصورة غير مباشرة وجود هذه الاسلحة في معرض نفيه نية استخدامها في الازمة «مهما كانت التطورات في الداخل السوري». وقال ان «هذه الأسلحة على مختلف انواعها، إن وجدت، فمن الطبيعي أن تكون مخزنة ومؤمنة من قبل القوات المسلحة السورية و بإشرافها المباشر، ولن تستخدم أبداً إلا في حال تعرضت البلاد لعدوان خارجي». وقرر الاتحاد الاوروبي امس فرض حزمة جديدة من العقوبات على النظام السوري ووعد وزراء خارجية الاتحاد خلال اجتماع في بروكسيل بتقديم «مساعدة اضافية بما فيها مالية لمساعدة البلدان المجاورة خصوصا لبنان والاردن على استقبال عدد متزايد من اللاجئين». واعلنت المفوضية الاوروبية انها ضاعفت مساعدتها العاجلة الى اللاجئين، ما يرفع الى 63 مليون يورو مساعدتها الى السكان في داخل سورية او اللاجئين الى بلدان الجوار. ميدانياً، قالت مصادر أمنية أردنية ل «الحياة»، إن 3 قذائف سورية سقطت على مدينة الرمثا الحدودية شمال الاردن مساء أمس، عقب زيارة قام بها رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة لمخيمات اللاجئين السوريين في المدينة. وأضافت المصادر أن القذيفتين الأولى والثانية سقطتا في منطقة صحراوية غير مأهولة بالسكان، فيما سقطت القذيفة الثالثة على ساحة يستخدمها الإعلاميون والصحافيون بالقرب من الحدود مع سورية والحقت أضراراً مادية بالممتلكات العامة القريبة من المكان، لكنها لم تؤد إلى خسائر في الأرواح. وكان رئيس الوزراء الأردني قال أمس إن الأردن في «حالة استنفار حيال تطورات الوضع في سورية». وذكر، أثناء تفقده سكن البشابشة الخاص باللاجئين السوريين في الرمثا، ان حكومته «تعطي الأولوية القصوى للملف السوري، فضلا عن محاولة تأمين اللاجئين السوريين بشكل إنساني لائق في ظل تزايد أعدادهم». واستعاد الجيش السوري امس سيطرته على القسم الاكبر من دمشق بعد الاشتباكات العنيفة التي دارت على مدى اسبوع بين القوات النظامية ومجموعات مقاتلة معارضة. واكد مصدر معارض ان جيش النظام «اعاد السيطرة بشكل كبير على دمشق في حين ما زال عناصر الجيش الحر يتواجدون داخل المدينة بشكل غير ظاهر»، كما تستمر الاشتباكات في حي القدم. وقالت ناشطة في حي المزة الذي اعلنت السلطات «تطهيره من الارهابيين» ان الجيش النظامي منتشر تماما في كل المناطق، لكن من الصعب القول انه يسيطر اذ يعاني من ضربات «الجيش الحر» الذي ينفذ عمليات على طريقة «اضرب واهرب» في كل احياء العاصمة. ووصف شاهد آخر ما حصل في دمشق بانه «حرب كر وفر»، مشيرا الى ان عناصر «الجيش الحر ينسحبون من مكان الى آخر» بين عملية واخرى. واكد مصدر امني سوري ان «الجيش انهى سيطرته» على العاصمة، «الا انه يقوم الآن بحملات دهم، لا سيما في كفرسوسة ومناطق اخرى لا يزال المسلحون المعارضون موجودين فيها». وقالت وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان «القوات المسلحة اعادت الأمن والامان الى حي بساتين الرازي في منطقة المزة وطهرته من فلول المجموعات الارهابية المسلحة»، وكذلك فعلت في برزة. واستمرت الاشتباكات في مدينة حلب بين القوات النظامية والمعارضين وخصوصاً في حي الحميدية كما وقعت مواجهات في احياء صلاح الدين والصاخور والشعار وشوهدت المروحيات تحلق في سماء المدينة». وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان احياء مساكن هنانو والحيدرية والصاخور تشهد حالة نزوح واسعة. إلى ذلك، كشف عضو الرابطة الطبية للاجئين السوريين الدكتور محمد إقبال النعيمي، عن تسجيل رابطته لمئات الإصابات بين لاجئين سوريين بأسلحة محرمة دولياً، لكنه قال: «إن الرابطة لا تعلم ماهية تلك الأسلحة حتى الآن». وذكر أن الأممالمتحدة وثّقت تلك الإصابات التي تُصنف ب«جرائم حرب»، مؤكداً أن النظام استخدم أسلحة كيماوية وجرثومية ضد أسرى وغيرهم، «اكتشف أمرهم خلال لجوئهم في المخيمات عند الكشف الطبي على نوعية إصاباتهم». وأوضح النعيمي في تصريح ل«الحياة»، أن الرابطة شكلت لجنة لتوثيق إصابات اللاجئين بالأسلحة الكيماوية والجرثومية المحرمة دولياً، وأن عدد المصابين بتلك الأسلحة يتجاوز المئات، متوقعاً أن يصل عددهم إلى الآلاف، «لكون الرابطة لم تستطع الوصول إلى بعض المناطق داخل الأراضي السورية، التي أُشيع عن استخدام تلك الأسلحة بها». أعلن عضو الرابطة الطبية للاجئين السوريين الدكتور محمد إقبال النعيمي، أن الرابطة تعمل على إجهاض «مغتصبات جيش النظام السوري»، وقال: «استندنا على الرأي الشرعي المجيز للإجهاض في فترة محددة من الحمل، إضافة إلى قول العلماء بجواز إجهاض المغتصبة». يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه نائب الممثل الإقليمي لمجلس التعاون لدى مفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين نبيل عثمان ل«الحياة»، أن نسبة النساء اللاتي تقدمن لمكاتب المفوضية، يشكون من تبعات الاغتصاب والحمل، نتيجة لذلك بلغت من 2 إلى 3 في المئة، مشيراً إلى أن عددهم الفعلي غير معلن لحساسية الموضوع، فضلاً عن أن العديد من النساء لا يفضلن الإفصاح عما تعرضن له.