رفضت دمشق عرض جامعة الدول العربية تنحي الرئيس السوري بشار الاسد مقابل تأمين خروج آمن له ولعائلته، معتبرة ان هذا القرار يعود الى الشعب السوري، على ما اكد الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي. وقال مقدسي في مؤتمر صحافي أمس إن «بيان الجامعة العربية الذي يدعو إلى التنحي وما إلى ذلك وسلطة انتقالية هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة ودولة مؤسسة للجامعة العربية». وأضاف: «نأسف لانحدار الجامعة العربية إلى هذا المستوى اللاأخلاقي في التعاطي تجاه سورية عوضاً عن مساعدتها، انهم يؤزمون الموقف»، مضيفاً: «بالنسبة الى التنحي نقول للجميع، الشعب السوري سيد قرار نفسه وهو من يقرر مصير حكوماته ورؤسائه». وأكد ان «الشعب هو من يجتمع في طاولة حوار وطني وما يصدر عن طاولة الحوار نلتزم بمقرراته». ورأى ان كل «هذا الحرص الذي يدعونه (العرب) عار عن الصحة وهو دليل نفاق». وقال مقدسي: «تغيير مهمة (المبعوث الدولي الى سورية كوفي) انان امر ليس بيد الوزراء العرب. هي امنيات يطرحونها في اجتماعات كهذه عنوانها الكبير نفاق سياسي». كما أكد مقدسي ان السلطات السورية ستستعيد قريباً السيطرة على المعابر الحدودية التي استولى عليها مقاتلون معارضون خلال الايام الماضية. وتابع: «هناك معبران خرجا عن السيطرة وهما من المعابر المعزولة والمتروكة وغير المستخدمة منذ حزيران (يونيو)». وأضاف: «من السهل ارسال بعض المسلحين للسيطرة على حواجز. دخولها امر ممكن لكنهم لن يستمروا في الوجود فيها»، مؤكداً ان هذا الامر سيتغير «خلال ايام». وكانت مصادر عراقية وتركية افادت عن سيطرة مقاتلين معارضين خلال الايام الماضية على ثلاثة معابر حدودية من اصل سبعة مع تركيا وواحد من اصل ثلاثة مع العراق. وأكد مقدسي ان «الوضع في دمشق افضل بكثير»، مؤكداً ان كل شيء سيعود الى طبيعته في غضون يومين. وقال رداً على سؤال حول المعارك التي اندلعت في دمشق في 15 تموز (يوليو) وتراجعت حدتها اول من امس بعد ان اعلنت السلطات استعادة السيطرة على معظم الأحياء التي دخلها الجيش السوري الحر: «الجيش السوري حالياً في حالة دفاع عن المواطنين والسوريين. نحن في حالة دفاع عن النفس». وأضاف: «قد يحصل اشتباك في شوارع معينة وأحياء معينة، لكن الامر حالياً افضل بكثير... نطمئن الجميع». وتابع ان «كل من يحمل السلاح ضد الدولة لا يمكن الرد عليه إلا بالطريقة نفسها وكل من يدعو الى الحوار ويتبنى الحوار السياسي الابواب مفتوحة له». وأكد مقدسي ان الوضع في دمشق «طارئ ولن يطول اكثر من يومين وستعود الامور الى طبيعتها». وعن المخاوف حول مصير ترسانة الاسلحة الكيماوية في سورية واحتمال استخدامها داخلياً، قال مقدسي إن «اي سلاح كيماوي او جرثويمي لم ولن يتم استخدامه» خلال الازمة في البلاد، لافتاً إلى ان هذه الاسلحة «ان وجدت، من الطبيعي ان تكون مخزنة ومؤمنة» وانها «لن تستخدم الا في حال تعرضت البلاد لعدوان خارجي». وجاء في بيان اصدرته الخارجية السورية امس انها تابعت «مجريات الحملة الإعلامية والسياسية الموجهة ضد الجمهورية العربية السورية، التي تهدف إلى تبرير وتحضير الرأي العام الدولي لأي تدخل عسكري محتمل تحت ستار أكذوبة أسلحة الدمار الشامل»، مشيراً الى ان الوزارة «تود إعادة التأكيد على موقف الجمهورية العربية السورية المتمثل بأن أي سلاح كيماوي أو جرثومي لم ولن يتم استخدامه أبداً خلال الأزمة في سورية مهما كانت التطورات في الداخل السوري، وأن هذه الأسلحة على مختلف انواعها - إن وجدت - فمن الطبيعي أن تكون مخزنة ومؤمنة من قبل القوات المسلحة السورية وبإشرافها المباشر، ولن تستخدم أبداً إلا في حال تعرضت البلاد لعدوان خارجي». وتابع البيان ان الوزارة «سبق وأن أبلغت ذات مضمون وتفاصيل هذا الموقف إلى دول عبرت عن قلقها من موضوع وصول أسلحة غير تقليدية لأيدي طرف ثالث، وقد حذرت الوزارة بذات الوقت من موضوع آخر مثير للقلق وهو إمكانية وخشية تسليح الجماعات الإرهابية من الخارج - بضوء الإفلاس المتزايد لضرب النظام السياسي في سورية – بقنابل تكتيكية أو ألغام تحتوي مواد جرثومية تنفجر في إحدى القرى ثم يتم اتهام القوات السورية بذلك». وأصدر مقدسي لاحقاً بياناً صحافياً آخر جاء فيه انه «تعقيباً على تعاطي بعض وسائل الإعلام السلبي مع مضمون بيان وزارة الخارجية والمغتربين وإخراجه المتعمد عن سياقه عبر تصويره على انه إعلان أمتلاك لأسلحة غير تقليدية من قبل الجمهورية العربية السورية، وتجنباً لأي سوء فهم مقصود،... الهدف من البيان الصحافي والمؤتمر الصحافي لم يكن للإعلان، بل كان للرد على حملة إعلامية مبرمجة تستهدف سورية لتحضير الرأي العام الدولي لإمكانية تدخل عسكري تحت شعار أكذوبة أسلحة الدمار الشامل واحتمال استخدامها في الداخل السوري ضد الجماعات الإرهابية المسلحة أو المدنيين أو احتمال نقلها لطرف ثالث». وتابع أن هذه الإدعاءات «باطلة جملة وتفصيلاً إلا أننا لا نتجاهل خطورتها لأن الجهات التي تبرمج هذه الحملة في الصحافة العالمية هي ذات الجهات التي تتولى التجييش ضد سورية في الإعلام والمحافل الدولية وهي ذات الجهات التي فبكرت أكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية التي تبين زيفها لاحقاً». وجاءت توضيحات المقدسي بعد اعلان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ امس إن تهديد سورية باستخدام السلاح الكيماوي ضد التدخل الأجنبي «غير مقبول». الشيخ حمد: تنحي الأسد خطوة شجاعة وليست هروباً وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري رئيس اللجنة العربية المعنية بالملف السوري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني قال عقب اختتام الاجتماع الوزاري العربي الطارئ في الدوحة إن «هناك الآن توافقاً عربياً لدعوة الرئيس السوري للتنحي سريعاً عن السلطة مقابل الخروج الآمن». وقال الشيخ حمد: «هذه المرة الاولى تكون دعوة الرئيس الأسد للتنحي بشكل واضح وصريح من مجلس الجامعة العربية، إضافة إلى دعوة المعارضة والجيش السوري الحر لتشكيل حكومة انتقالية». ووصف القرار بأنه «جيد لكنه يحتاج أن يكون متقدماً أكثر»، وسئل عما اذا كانت دولة عربية اعترضت على تنحي بشار، فأوضح أن «هناك دولة ربما ستعترض وفق معلوماتي» من دون ان يسميها. واعتبر تنحي بشار «خطوة شجاعة وليست هروباً، ولا داعي لأن يحترق بلد من أجل شخص أو أشخاص». وتابع: «أنا متأكد من أن لدى الرئيس الأسد حساً وطنياً بأن يتخذ قراراً شجاعاً». وقال إنه «آن الأوان للرئيس الأسد أن يتخذ خطوة شجاعة لإنقاذ بلده وشعبه ووقف نزيف الدم في شكل منظم لتجنب حدوث فوضى بسبب التشبث بسلطة زائلة». وكشف الشيخ حمد أنه سيتوجه بصفته رئيس اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سورية إلى بكين وموسكو للتحدث مع مسؤولي البلدين «لأن الموقف يتطلب من البلدين الوقوف مع الشعوب العربية، ولأن الحل الوحيد هو وقف حمام الدم الذي يتطلب قراراً شجاعاً من القيادة السورية بالتنحي». وعن السيناريوات المتوقعة في حال رفض الرئيس السوري التنحي، أجاب: «السيناريو سيكون محكوماً بإرادة الشعب السوري، وإرادة الشعب السوري واضحة». وقال: «سورية دولة عربية محورية ولا نريد ان نفقدها أو ان نفقد مقدراتها وقوتها». وحول هل تنجح المعارضة في تشكيل حكومة انتقالية، أجاب الشيخ حمد «هذا القرار يخص المعارضة، وعليها ان تتوحد في الداخل والخارج لتشكيل حكومة انتقالية». وأكد «أن الحكومة الانتقالية لن تبقى الى الأبد ويجب أن تتفق المعارضة في ما بينها على الخطوة المقبلة». وشدد على ضرورة «تطوير مهمة كوفي أنان لتكون في كيفية ترتيب الانتقال السلمي للسلطة». وتابع: «مبادرة أنان لم تطبق ببنودها الستة ونحن نرى الطائرات والدبابات والصواريخ تقصف»، معلناً ان الاجتماع أقر مبلغ مئة مليون دولار لمصلحة اللاجئين السوريين عبر الجامعة العربية. إلى ذلك، رحب وزراء الخارجية بمقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز البدء فوراً بعملية وطنية لجمع التبرعات لنصرة الاشقاء في سورية. وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري العربي الشيخ صباح الخالد الصباح في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي عقداه في الساعات الأولى من صباح أمس إن قرار اللجنة العربية المعنية بالملف السوري الذي اعتمده وزراء الخارجية «يدين بشدة الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها والتي كان آخرها جريمة التريمسة» ورأى أنها «ترقى الى الجرائم ضد الإنسانية وتقديم المسؤولين عنها للعدالة الجنائية الدولية». وأشار إلى أن القرار يطالب الحكومة السورية بالالتزام الفوري بتعهداتها وقف كل أشكال العنف. ووفقاً للمسؤول الكويتي، يتضمن القرار تكليف المجموعة العربية في نيويورك بالدعوة الى عقد اجتماع طارئ للجمعية العامة للامم المتحدة تحت قرار الاتحاد من أجل السلام لإصدار توصيات بإجراءات جماعية لمواجهة الوضع المتدهور في سورية والذي يهدد استقرار سورية والمنطقة من حولها والسلم والأمن الدوليين. وأضاف الشيخ صباح الخالد أن من بين الإجراءات المطلوب من الجمعية العامة للامم المتحدة اتخاذها انشاء مناطق آمنة في سورية لتوفير الحماية للمواطنين وتمكين منظمات الاغاثة الانسانية العربية والدولية من أداء اعمالها الى جانب قطع كل اشكال العلاقات الديبلوماسية والاتصالات مع النظام السوري. وقال إن قرار وزراء الخارجية «يدعو فوراً الى تشكيل حكومة انتقالية سورية بالتوافق تتمتع بكل الصلاحيات وتضم قوى المعارضة داخل وخارج سورية والجيش الحر وسلطة الأمر الواقع الوطنية وذلك لتيسير الانتقال السلمي للسلطة». ونوّه قرار المجلس الوزاري العربي بدول الجوار السوري لاستضافتها اللاجئين السوريين وإنشاء صندوق خاص للاغاثة الانسانية داخل سورية وفي دول الجوار بمبلغ 100 مليون دولار اميركي.