منذ كان في الثامنة عشرة من عمره، يقيم الفرنسي اوريليان بروليه (33 سنة)، وسط الأدغال بين قردة الغيبون لإنقاذها من الاندثار، فيقف وحيداً في وجه الشركات العالمية والمسؤولين الفاسدين، مخاطراً بحياته. في سن السادسة عشرة أصدر المراهق موسوعة صغيرة حول هذا النوع من الرئيسات المهددة جداً والمعروفة بوجهها المحاط بحلقة بيضاء. وتحدث في وسائل الإعلام عن حلمه «بالذهاب إلى آسيا لإنقاذ قردة الغيبون». وذات يوم قرأت الممثلة الكوميدية الفرنسية مورييل روبان أحد هذه المقالات، فاتصلت بأوريليان الذي يخبر: «ضحكت كثيراً عندما سمعت: معك مورييل روبان... لكنها قالت لي: أنت ذاهب إلى آسيا لإنقاذ القردة». في سن الثامنة عشرة طار اوريليان إلى جزيرة بورنيو. وطوال ثلاثة أشهر جال في الأدغال للوصول إلى أراضي قبيلة داياك التي رأى أفرادها «أول إنسان أبيض في حياتهم عام 1990»، كما يقول. وفي هذه الغابات الاستوائية التي تشكل مملكة الغيبون، قرر أوريليان أن ينشئ ملجأ، لكنه ضاع في متاهات الإدارة الإندونيسية. وفي نهاية المطاف، استقبله أحد المسؤولين، وسأله: «ماذا تحمل من شهادات؟»، وعندما أجاب اوريليان «لا شيء»، رمى المسؤول الملف أرضاً وقال له: «عُد بعد إكمال الدراسة». إلا أن المراهق اللجوج لم يستسلم، وانتزع الموافقة في أيلول (سبتمبر) 1999. في وسط الغابة، قطع شجرتين وبنى كوخاً علق عليه لافتة كتب عليها بفخر «كالاويت» (غيبون في لغة أداياك)، وهو اسم أطلقه على جمعيته الجديدة. وأصبحت كالاويت «أكبر برنامج لإعادة الغيبون إلى موطنها الطبيعي»، مع 252 نوعاً مختلفاً ونحو 50 موظفاً وإذاعة، وموازنة سنوية قدرها 400 ألف يورو تعتمد على هبات. لكن اورليليان الذي بات يعرف باسم «شاني»، يقول: «البرنامج فاشل»، إذ أن حلم الفتى بتحرير هذه القردة من أقفاصها وإعادتها إلى الطبيعة «كان مجرد وهم». ويقول مشيراً إلى أم وصغيرها على بطنها: «هما مستعدان للعودة إلى الغابة لكن لا غابة لاستقبالهما». فكل عائلة من هذه القردة بحاجة إلى 15 هكتاراً في الأدغال. وهذا الحيوان الغيور على مساحته الخاصة يقضي على أي قرد من نوعه إن اقترب كثيراً من مكان إقامته. إلا أن الأدغال مكتظة بسبب قطع أشجار الغابات. ويقول شاني بغضب: «تختفي مساحات أشجار توازي ستة ملاعب كرة قدم، كل دقيقة في إندونيسيا، لتحل مكانها أشجار النخيل التي يستخرج منها الزيت». هكذا، وسّع شاني حملته لتشمل مكافحة قطع أشجار الغابات. وفي عام 2003 اشترت «كالاويت» مئة هكتار من الأدغال لتحويلها إلى محمية. وفي آب (أغسطس) المقبل ستتسلم الجمعية طائرة شراعية بمحرك ستسمح لها بالتقاط صور لقطع الأشجار، المستمر في الغابات «المحمية» بطريقة غير شرعية، و«يمكننا عندها أن نحدد مواقع تحركنا وأن ندين الفساد». إلا أن مواجهة الشركات العملاقة لإنتاج زيت النخيل دونها أخطار. لكن شاني شجاع. ويكفي للاقتناع بذلك أن تراه يقفز على دب فرّ من ملجأ «كالاويت»، الذي يستقبل كل حيوان يعاني أزمة، وأعاد الدب إلى المحمية. وفي 2009 هاجم حطابون شاني وزوجته برادا، وانهالوا عليه ضرباً قائلين: «ارحل أيها الأبيض!».