يتوجه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي اليوم الثلثاء إلى فرنسا في زيارة تستمر ثلاثة أيام وتهدف إلى طي صفحة التوتر الذي شاب العلاقات بين البلدين بسبب موقف فرنسا من الثورة في العام 2011. وفي إشارة إلى رغبة فرنسا في تصحيح العلاقة بين البلدين، سيكون المرزوقي أول مسؤول أجنبي رفيع المستوى يلقي كلمة أمام الجمعية الوطنية منذ كلمة رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو في كانون الثاني (يناير) 2006. وأعرب المرزوقي عن أمله في طي صفحة الخلاف بين البلدين بسبب تعاطي السلطات الفرنسية خلال حكم نيكولا ساركوزي ببرودة شديدة مع الانتفاضة الشعبية في تونس قبل فرار الرئيس زين العابدين بن علي في كانون الثاني (يناير) 2011. وصرح المرزوقي في مقابلة مع «فرانس برس» بأن «الشعب التونسي لم يرق له موقف بعض الحكومات الفرنسية السابقة التي اعطت دعما للديكتاتورية»، في إشارة إلى العلاقات الوثيقة التي كانت قائمة بين فرنسا ونظام بن علي. وكانت فرنسا حافظت خلال حكم جاك شيراك وساركوزي على علاقات مميزة مع الرئيس التونسي المخلوع. وفيما كانت التظاهرات في أوجها في كانون الثاني (يناير) 2011، أثارت وزيرة الخارجية آنذاك ميشال اليو ماري الجدل باقتراحها التعاون الأمني مع تونس. كما أنها أبقت على دعمها له حتى بعد بدء التظاهرات بفترة طويلة. وتفاقمت الفضيحة عندما كُشف أنها أمضت عطلتها قبل ذلك مباشرة في تونس وأن أهلها حصلوا على حصص في شركة عقارية في تلك المناسبة. وقال المرزوقي: «أنتم تتذكرون هفوات بعض الوزراء الفرنسيين أثناء الثورة. هذه الهفوات تركت آثاراً في تونس وأنا أريد إزالة هذه الآثار». وأكد المرزوقي: «سنحل هذه المشاكل سريعاً، لأن الجانبين لديهما الاهداف والمبادئ نفسها، والحكومة الحالية تفهمنا بشكل أفضل». كما أن تونس عيّنت في 5 تموز (يوليو) سفيرها الجديد في فرنسا عادل الفقيه بعد أن ظل المنصب شاغراً منذ آذار (مارس) 2011، أي بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الثورة. وسيلتقي المرزوقي في زيارته الرسمية الأولى إلى فرنسا نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند. كما يفترض أن يجري محادثات مع رئيس الوزراء جان مارك ايرولت ورئيس بلدية باريس برتران ديلانوي الذي ولد في تونس خلال حقبة الحماية الفرنسية. وسيزور المرزوقي مرسيليا الخميس في اليوم الأخير من زيارته. وأشاد المرزوقي بأهمية «العلاقة الاستراتيجية» بين تونسوفرنسا التي كانت الشريك الاقتصادي الأول لتونس كما يقيم قرابة 600 ألف تونسي في فرنسا. ولدى قرابة 1200 شركة فرنسية فروع في تونس. وبحسب وزارة الاقتصاد الفرنسية فإن المبادلات التجارية بلغت 7.6 بليون يورو في العام 2011 الذي جرت فيه الثورة وشهد انكماشاً اقتصادياً، في مقابل 6.9 بليون دولار قبل عام. وأمضى الرئيس التونسي المعارض التاريخي للنظام السابق، ثلث حياته في فرنسا بين دراسة الطب وسنوات المنفى. ويرى محللون أن المرزوقي، الزعيم السابق لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية (يسار الوسط)، بات موقفه ضعيفاً على صعيد السياسة الداخلية بعد أن بات حزب النهضة الإسلامي الذي يتحالف معه يقود الائتلاف الحاكم. وتأتي زيارة المرزوقي بعد زيارة لرئيس الوزراء التونسي الإسلامي حمادي الجبالي إلى باريس في أواخر حزيران (يونيو).