بعد طول انتظار وصبر، عاد مجدداً رئيس الوزراء الإسلامي السابق نجم الدين أربكان الى عالم السياسة في تركيا، زعيماً لحزب «السعادة» خامس حزب يؤسسه خلال مسيرته السياسية. وجاء انتخاب أربكان مفاجئاً، اذ استبعد كثيرون ترشحه لزعامة الحزب، وهو في الرابعة والثمانين من العمر، وغير قادر على المشي إلا بمساعدة أعوانه، لكن يبدو أن عزيمة أربكان وتعلّقه بالعمل السياسي والزعامة الحزبية، دفعاه الى هذه الخطوة، خصوصاً أنه يعرف جيداً أن أحداً في الحزب لا يجرؤ على الترشح بوصفه منافساً له. وجاءت هذه الخطوة بعد شهر تقريباً من رحيل الرئيس السابق للحزب نعمان كورطولمش، بضغوط من أربكان، بعدما عصا أوامره وتجرأ واختار لنفسه معاونين آخرين غير الذين عينهم أربكان الى جواره. وظهر أربكان على كرسيه امام أنصاره، وألقى خطبة مليئة بالتحدي لكلّ القيادات السياسية في تركيا، وفي مقدمها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، قائلاً: «مصيدة الأعداء اختطفت منا أبناءنا، فانشق عنا تورغوت أوزال ثم انشق عنا أردوغان، لكن حان الوقت كي يعرف الجميع الفرق بين الأصل والتقليد، إذ شتان بين الدمية والأصل، وسيرى الجميع كيف يكون العمل السياسي الصحيح». وكان كورطولمش نجح في رفع شعبية الحزب من واحد الى خمسة في المئة، وعلى رغم أن اربكان وعد ناخبيه في أول خطبة له، بالوصول الى الحكم والانفراد به، فإنه يعلم جيداً أنه لن يتمكن من الترشح للانتخابات بشخصه، اذ انه ممنوع من العمل السياسي مدى الحياة، بسبب حكم عليه بتبديد أموال حزب الرفاه الإسلامي وتزوير فواتير. ويعتقد مراقبون أن حزب السعادة سيخسر جزءاً من أصواته، بسبب عودة أربكان وإصراره على أن يدير بنفسه كلّ شؤون الحزب. وكانت المحكمة الدستورية امرت بحلّ حزب الرفاه الذي تزعمه أربكان ووصل من خلاله الى رئاسة الوزراء عام 1998، بحجة سعيه الى هدم النظام العلماني الجمهوري. ومنعت المحكمة أربكان وقياديين في الحزب آنذاك، من ممارسة العمل السياسي، فأسس أربكان حزبي الفضيلة الذي حُظر أيضاً بعد ذلك، وحزب السعادة وبقي يدير شؤونهما من بعيد.