وجه أمير منطقة الباحة الأمير مشاري بن سعود بتقصي حقائق مقتل مواطن في محافظة بلجرشي في منطقة الباحة عقب اشتباه بمطاردته من جانب دوريتين تابعتين ل «هيئة الأمر بالمعروف» و«الشرطة» فجر أول من أمس، نتجت منها وفاة المواطن وبتر يد زوجته وإصابة أحد طفليهما بجروح خطرة، فيما استقرت حال طفلتهما الأخرى. وأكد المتحدث الرسمي باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة الباحة ناصر الزهراني ل «الحياة» أن أمير منطقة الباحة، وجه بالتحقيق في الحادثة مع الأطراف كافة، إذ إنه تحت متابعة وإشراف أمير المنطقة شخصياً. وقال: «توجد الآن لجان تحقيق قائمة على هذه القضية لكشف ملابساته، والجميع ينتظر نتائج التحقيقات التي ستعلن عنها اللجنة المشكلة لتقصي الحقائق، وليس لدي أي تفاصيل أخرى عن جوانب هذه القضية، خصوصاً أن شرطة المنطقة ستصدر بياناً توضح فيه ملابسات وفاة المواطن» . من جهته، أوضح المتحدث الإعلامي باسم صحة الباحة ماجد آل الشطي ل «الحياة» أن الزوجة تعاني من إصابة شديدة، إذ تم بتر يدها اليمنى، مضيفاً أنها حامل في الشهر الخامس، ولم يستقر وضع جنينها حتى الآن. وأشار إلى أن الطفل والبالغ من العمر تسعة أعوام يعاني من إصابة بليغة في الرأس، إذ إنه موجود حالياً في العناية المركزة، وحاله الصحية غير مستقرة، واصفاً وضع الطفل بالخطر، وقال: «إن الطفلة الأخرى البالغة من العمر أربعة أعوام لا تزال تتلقى العلاج في مستشفى بلجرشي، وحالها الصحية يبدو أنها مستقرة». من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم شرطة الباحة المقدم سعد الغامدي ل «الحياة» أن الشرطة ستصدر بياناً شاملاً يوضح جميع ملابسات مقتل المواطن، مبيناً وجود لجنة عليا تتولى التحقيق في هذه القضية بتوجيهات من أمير المنطقة. إلى ذلك، أوضح المسؤول الإعلامي في هيئة حقوق الإنسان محمد المعدي ل «الحياة» أن الهيئة في انتظار نتائج التحقيقات، معتبراً ما قامت به هيئة الأمر بالمعروف مأساة لا تندرج تحت ما أمر به الدين من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال: «لاشك أن ما قام به رجال الهيئة من عملية مطاردة هي ممنوعة منذ 77 يوماً، إذ إن رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبداللطيف آل الشيخ أصدر تعميماً إلى جميع فروع الهيئة يمنع فيه المطاردات سواء للمخالفين أو المتهمين لما تنطوي عليه من أخطار وعواقب وخيمة على الأرواح والممتلكات». وأضاف إن هذه المطاردات تعتبر انتهاكاً وتجاوزاً للقوانين والتعاميم الصادرة من جانب إدارة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أنها تجاوز وانتهاك لحقوق الإنسان. وفي الإطار ذاته، أوضح عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والمشرف العام على فرعها في منطقة جازان أحمد البهكلي ل «الحياة» أنه في حال ثبوت تسبب رجال الهيئة في هذه الحادثة فستعمل الجمعية بالمطالبة بإحالة المتسبب في هذه الحادثة إلى القضاء، بوصفها جريمة جنائية ومخالفة إدارية على حد تعبيره. وزاد: «لابد أن يحال المتسببون في هذه القضية المأسوية إلى القضاء ليصدر بحقهم حكم شرعي، كون القضاء هي جهة الفصل في مثل هذه الحوادث». إلى ذلك، أفاد المستشار الإعلامي سلطان البازعي في حديث إلى «الحياة» أن جميع الأحداث التي تكررت ولا زالت تتكرر من جانب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من دون أن يظهر فيها تحقيق واضح ومن دون أن يظهر من هو المذنب هي تسيء لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال: «مثل هذه الضبابية في التحقيقات ونتائجها تجعل الرأي العام يسيء التعامل مع هذه الشعيرة كما يسيء النظر إليها، وأعتقد أن الممارسات الخاطئة التي تقع من بعض رجال الهيئة توجد فيها إساءة واضحة لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن واجب هيئة الأمر بالمعروف الآن أن توضح للرأي العام تفاصيل ما حدث بشكل واضح وفي حال ثبوت خطأ المتهمين في هذه القضية فيجب إصدار عقاب معلن ورادع». وفي الجانب القانوني، أكد عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً المحامي والمستشار القانوني الدكتور إبراهيم الأبادي ل «الحياة» أن المطاردات ممنوعة والنظام لا يسمح بها إلا في حالات محدودة، إذ يجب أخذ الإذن فيها قبل القيام بالمطاردات. وأضاف أن الجهات الأمنية مخولة بالمطاردات، وممنوع نظاماً أن يقوم رجال هيئة الأمر بالمعروف بمثل هذه المطاردات لأسباب عدة تأتي من أبرزها أن للداخلية خططاً أمنية وخبرة في الملاحقة والقبض. وزاد: «إن ارتكاب رجال هيئة الأمر بالمعروف لهذا الفعل يعتبر مخالفة نظامية أدت إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، كما أن هذه المخالفة توجب عقوبتين الأولى عقوبة إدارية من المرجع نفسه، إذ يجب أن يحاسب الأشخاص نظاماً على تجاوزهم للسلطات، والثانية من جانب ديوان المظالم يقيمها المدعي العام لهيئة الرقابة والتحقيق باعتباره الجهة المخولة بالتحقيق الإداري». ولفت في حديثه إلى أنه بعد إحالة رجال الهيئة إلى جهة التحقيق الإداري تقوم الجهات المعنية بالتحقيق في الموضوع، «إذا ثبت ارتكابهم لمخالفة أدت إلى وقوع هذه النتيجة فستكون هنالك عقوبة عامة للمخالفة وهي عقوبة تجاوزهم السلطات والتي تكون عقوبتها السجن الذي قد يصل إلى خمس سنوات، والثانية هي الحق الخاص، إذ يقوم صاحب الحق برفع دعوى على من تسبب في الوفاة ويحكم فيها». وفنّد الأبادي التفاصيل القانونية بالقول: «إن كانت الوفاة عمداً فإن رجال الهيئة يواجهون حكماً بالقتل قصاصاً وإن كانت خطأ فيحكم عليهم بالدية التي تقسم بينهم، وعقوبة قتل الخطأ، أما لو كشفت التحقيقات أن القتل كان شبه عمد فيحكم عليهم بالدية المغلظة، إذ إن له عقوبة مقررة في النظام، كما أن التحقيقات ستبين أدوار رجال الهيئة الذين كانوا موجودين داخل المركبة أثناء القيام بالمطاردة وبناء عليها سيتم تقسيمهم، فقد يكون هنالك محرض وفاعل رئيس وقد تتم مساءلة المجموعة كاملة عن هذا الفعل».