يزداد دخول ملكات الجمال وعارضات الأزياء عالم الشاشة الصغيرة في لبنان... وهن لم يكتفين بأن يكنّ مقدّمات برامج أو مذيعات «ربط» كما يقال، يعلنّ للجمهور ما سيشاهد بين برنامج وآخر، بل رحن يخضن عالم «الدراما» والمسلسلات ليس كممثلات فقط بل كنجمات سقطت للتوّ من الفضاء... ملكة الجمال أو عارضة الأزياء الجميلة لا توافق على أن تؤدّي دوراً ثانياً أو ثالثاً. انها «البطلة» دوماً. وهذا أصلاً ما عوّدها عليه المخرجون «العباقرة» الذين يجدون في هذه الوجوه الجميلة «وسيلة» للإيقاع بالجمهور وجذبه الى أعمالهم، ناهيك عن أنّ حضور هؤلاء الجميلات ينقذ الأعمال من السقوط ويخفي ركاكتها وضعفها... جميلات، أجل، بل ساحرات وفاتنات بوجوههنّ المشرقة وقاماتهنّ الهيفاء وغنجهنّ ودلالهنّ وحركاتهنّ التي يصطنعنها ليجذبن الأنظار اليهن... جميلات، لكنهنّ لسن ممثلات. ليست كلّ جميلة قادرة أن تكون ممثلة. وفن التمثيل لا يفترض أن تكون الممثلة جميلة في المفهوم الخارجي أو السطحي للجمال. جمال الممثلة هو داخلي، جمال ممزوج بالذكاء والفطنة. جمال قادر على التفاعل مع الوجوه التي ترتديها الممثلة لتؤدّي الأدوار الملقاة على عاتقها. الجمال الخارجي سرعان ما ينتهي أو يفرغ، خصوصاً إذا كانت «الجميلة» لا تلمّ بفنّ التمثيل. انها تستنفد نفسها بسرعة، تصبح الشخصية التي تؤدّيها أقوى منها فتسقط أمامها. وهذا ما حصل فعلاً في مسلسل «روبي» عندما بدت شخصية «روبي» أقوى كثيراً من الممثلة سيرين عبدالنور، الجميلة الآتية من عالم عرض الأزياء الى التمثيل، من دون تخصص أو تجربة. والخطأ لا يقع عليها وحدها بل على المخرج الذي لا يدفعها الى الاختصاص والتدرّب والتمرّن على التمثيل... قبل أيام فازت ملكة جمال بجائزة «موركس دور» عن دور أدّته في مسلسل لبناني ولم تكن بارعة في أدائه، لكنّ جمالها سرق أنظار الجمهور والمحكّمين فمنحوها الجائزة التي كان يجب أن تذهب الى الممثلة القديرة ديامان أبو عبّود عن دورها في مسلسل «باب ادريس» الذي أدّته ببراعة وحذاقة، هي المتخرجة في كلّية الفنون والحاصلة على شهادة جامعية في الفن الدرامي... اليوم يزداد «هجوم» ملكات الجمال وعارضات الأزياء على المسلسلات اللبنانية. انهنّ يشكّلن مادة رابحة في نظر المخرجين والمنتجين، هؤلاء الذين يغرون بهنّ الجمهور ويخفون عيوبهن وراء وجوههن الجميلة. انها حيلة ذكية تساعدهم أيضاً على جذب المعلنين الذين تعنيهم كثيراً ملكات الجمال وعارضات الازياء. لعلّ أغبى سؤال يطرحه بعض صحافيي المنوّعات على ملكة الجمال عندما يحاورونها بعد فوزها هو: «هل ستخوضين عالم التمثيل؟» وهذا ما يدل حقاً على الخفة التي يتعامل بها هذا النوع المسطّح من الصحافة مع فنّ التمثيل، الذي يُعدّ من أصعب الفنون وأرقاها.