«تعبَتْ كثيراً قبل أن تصل إلى ما هي عليه اليوم» جملة كثيراً ما تُقال عن الممثلة اللبنانية ندى ابو فرحات، لذلك نبادرها بالسؤال: ما الذي وصلتِ إليه بالضبط؟ تتفاجأ ندى وتضحك قائلة: «ما هذا السؤال الصعب والمحرج منذ البداية؟!» وحين تجد أنّ لا مهرب من الإجابة بعد أن نُغلِق كل طرق الديبلوماسية والإجابات المبهمة تفكّر وتجيب: «أعتقد بأنّ الصدق في الأداء جعلني أعلق في أذهان الناس فأوصل إسمي إلى أبعد من الأدوار التي لعبتها، بما أنّني لم أؤد كثيراً أدوار البطولة الأولى في المسلسلات، وأعتبر بأنّ الممثل حين يلبس دوره بإتقان يقتنع المُشاهد بما يراه وعندها يصبح التواصل بينهما قوياً». ندى بو فرحات التي تطل في مسلسل «زواج عَ المزاج» على شاشة «أو تي في» وتظهر في مسلسل «روبي» يستغرب كثر عدم حضورها الكثيف على الشاشة، فهل هو ابتعاد أو استبعاد؟ «ضجرت من الأدوار العادية ولم أعد أشعر بالحماسة لأداء دور لا يضيف إليّ شيئاً» تقول، مشيرةً إلى أنّه لا يكاد يمرّ أسبوع من دون أن تُعرَض عليها المشاركة في مسلسلٍ ما لكنّها تكرر رفضها بعد أن تشعر بأنّ الدور لا يناسبها. وتفصح ندى أنّ طموحها لا يتماشى والأدوار المكررة معبّرةً عن حزنها لأنّ المنتجين والمخرجين يعرضون عليها أدواراً تليق بممثلة مبتدئة وليس بممثلة جسّدت شخصيات كثيرة مركّبة وصعبة، «فتلك الأدوار إذا أدّيتها لن يكون إحساسي بها صادقاً لأنّها صارت بعيدة عنّي». تؤكّد بو فرحات أنّها في هذه المرحلة من حياتها لا تهتم بأن تبقى على الشاشة ولا تسعى لإثبات موهبتها بل تبحث عن الأدوار التي تدفعها للذهاب أبعد في أدائها وللبحث أكثر في داخلها، وتعلن عن حماستها للمشاركة في مسلسل ضخم جداً يفترض أن يكون جاهزاً في رمضان 2013. إلى أي درجة تنزعج ندى حين تذهب البطولة إلى ممثلة أقل منها موهبةً ويُعرَض عليها أن تكون في الدور المسانِد؟ تسارع إلى إيضاح أنّها لا تهتم بمساحة الدور وبمرتبته، «ولكن في المقابل أهتمّ بمعرفة الممثلة التي ستلعب البطولة لأنّها تعكس صورة العمل ككل، فإذا لم تكن تجيد التمثيل أنزعج وأرفض قطعاً المشاركة في العمل لأنّ ذلك ينعكس عليّ سلباً كما على الجميع». أدوار البطولة وتلفت بو فرحات إلى أنّها تدرك أنّ «البطلة» في الأعمال الدرامية عموماً يجب أن يكون لها وجه ملكة الجمال وجسم عارضة أزياء، أمّا الأداء الصعب فيُرمى على عاتق الأدوار المساندة، لذلك لا تفاجأ إذا لم يُعرَض عليها كثيراً أدوار بطولة أولى. وحين نسأل لماذا لا يرى المنتجون والمخرجون جمال وجهها وتناسق جسمها تقول مبتسمةً: «لأنّ المقاييس يجب أن تكون أكبر!» اللافت والمفاجئ هو أنّ ندى تنظر إلى كل الأمور بموضوعية وتتفهّم أن يسعى المنتجون إلى أسماء «تبيع وتجذب» أكثر من الأسماء التي تجيد التمثيل، بل تذهب إلى أبعد من ذلك قائلةً: «أنا أشجّع هذا الأمر إن كان يفيد الدراما اللبنانية في الاختراق، وحين نخترق في شكل كاف لكل حادث حديث»! تعتبر ندى أنّ المشاهدين ما عادوا يكترثون لموهبة الممثل بمقدار ما يهتمّون لشكله الخارجي ولثيابه، مؤكّدةً أنّهم يَرَون كل الأخطاء في المسلسلات ويدركون نقاط الضعف ولكن من دون أن يؤثّر ذلك على رغبتهم في المشاهدة. إنطلاقاً من ذلك ترى أنّ الذي يريد أن ينجح عليه أن يفهم حاجة الجمهور وأن يستثمرها في الأعمال المقبلة بدل انتقاد مسلسل ما وذوق الجمهور. «إذا تعلّق المُشاهِد بمسلسل ضعيف التنفيذ علينا معرفة سبب هذا التعلّق ثمّ نعيد توظيفه في مسلسل جديد يكون تنفيذه أفضل». من أين أتت ندى بكلّ هذا الهدوء في النظر إلى الأخطاء هي المعروفة بأنّها ثائرة على كل خطأ؟ تجيب: «لم أكن يوماً ثائرة إلاّ لأنني أتوق إلى مستوى أعلى من النجاح في الدراما اللبنانية، وهذا التوق هو الذي يجعلني في أحيان أخرى أكون أكثر هدوءاً، فالمهم عندي هو النتيجة النهائية لذلك أنا لا أثور إن كان الهدوء يفي بالغرض». تمثيل على الهامش ماذا تحتاج الدراما اللبنانية كي تنافس بقوّة عربياً؟ تجيب بسرعة بأنّها كممثلة تنظر أولاً إلى الأداء وتلاحظ كم يلتهي الممثل بمظهره الخارجي على حساب الإحساس الداخلي، «يبقى التمثيل على الهامش تماماً كما يبقى النص والحوار هامشيين فلا يعبّران عن حقيقة واقعنا، أمّا الصورة فصارت مليئة بالألوان وجميلة جداً أكثر من اللازم!» وتنبّه الى أنّ الدراما ليست فيديو كليب، فالصورة يجب أن تخدم القصة وأن تكون واقعية، وكذلك الديكور والثياب والألوان ومواقع التصوير. تعلن ندى بو فرحات أنّها تسير بثبات على الطريق التي خطّطت لها منذ البداية، ولم تحِد مرّة عن «السكّة» التي رسمتها على رغم محاولات بعضهم إيقاف مسيرتها. «لقد وصلني كلام على لسان أشخاص يقولون إنّهم ينوون إنهاء أعمالي والتعتيم علي ومنع المقابلات الصحافية عنّي وما إلى هناك من تعابير مماثلة، لكنّني ردّاً على ذلك أنشغل أكثر بعملي وأركّز على التقدّم أكثر!».