وفق دون تابسكوت، مؤلف كتاب «جيل الإنترنت»، هناك ثمانية وجوه تفصل هذا الجيل عن آبائه وأسرته. ويرى أن هذه الوجوه الثمانية تعتبر قواعد محورية لفهم السياق الذي تحدث فيه متغيرات الأزمنة المعاصرة في العمل والأسواق والتعليم والأسرة والمجتمع. ويسعى هذا الكتاب، الذي صدر أخيراً بترجمة من الزميل حسام بيومي محمود عن «دار كلمات عربية» في القاهرة، إلى تلخيص هذه الوجوه الثمانية وفهمها بصورة مبّسطة. وفي مقدمة هذه الوجوه أن أبناء جيل «الإنترنت» يريدون الحرية في كل ما يقومون به، بدءاً من حرية الاختيار ووصولاً إلى حرية التعبير. وتتملّك هذا الجيل رغبة في «تخصيص» (بمعنى جعلها ضمن حيّز ما هو خصوصي) الأشياء، إضافة إلى إسباغ طابع شخصي عليها. وكذلك يوصف أبناء هذا الجيل بأنهم يشكلّون «متفحّصين جُدداً»، على غرار وصف إدارة جورج دبليو بوش بأنهم «المحافظون الجُدد». إذ يتفحص الشباب صراحة الشركات التي يشترون منها أو يعملون بها. ويبدي جيل الإنترنت رغبة جامحة في الترفيه واللعب في حياتهم العملية والتعليمية والاجتماعية. وفي المقابل، يبدي هؤلاء الشباب ميلاً هائلاً للتعاون والتشارك والترابط. كذلك يحتاجون إلى السرعة، التي لا يقتصر أمرها على ألعاب الفيديو. ويصعب عدم ملاحظة ميلهم الضخم إلى الابتكار في مناحي حياتهم كافة. إنهم مُبتكرون بامتياز. إذاً، من المستطاع جمع هذه الوجوه الثمانية على النحو الآتي: الحرية، التخصيص، الشخصنة، التفحّص، اللعب، التعاون، السرعة والابتكار. بداية مليونية تمثّلت نقطة البداية لتأليف هذا الكتاب، بمشروع بحثي حمل عنوان «جيل الإنترنت: دراسة استراتيجية»، رُصِدَت له موازنة لامست ال4 ملايين دولار. وموّلته شركات كبرى. ودعمته شركة «نيو باراديم» Neo Paradigm، (وتعني حرفياً «النموذج المعياري الجديد») التي أسسها تابسكوت، وهو مؤلّف الكتاب. شمل البحث مقابلة 1750 شاباً تراوحت أعمارهم بين 13 و20 عاماً، من قاطني الولاياتالمتحدةوكندا، و5935 ممن اعتبر تابسكوت أنهم يندرجون ضمن تسمية «جيل الإنترنت». وتراوحت أعمار هؤلاء بين ال16 و29 عاماً. وتوزّع هؤلاء على 12 دولة هي الولاياتالمتحدة، كندا، المملكة المتحدة، ألمانيا، فرنسا، إسبانيا، المكسيك، البرازيل، روسيا، الصين، اليابان والهند. وإضافة إلى هذا، جُمعت عينتين استرشاديتين ممن تراوحت أعمارهم بين 30 و41 عاماً (ويُشار إليهم في الغرب باسم «الجيل إكس» X generation) وأخرى ممن هم بين ال42 و 60 عاماً. جرى اختيار العينتين الأخيرتين من الولاياتالمتحدةوكندا، وضمّت كل عينة 400 شخص. وإضافة إلى هذه الأمور كلها، عمد تابسكوت إلى استطلاع آراء ما يزيد على 11 ألف شاب، وربط بحثه مع 30 دراسة اثنولوجية مُتعمقة عن أبناء جيل الإنترنت في محيطاتهم المحلية. ولاحظ تابسكوت أن شباب اليوم ليسوا حفنة من المدللين «المهووسين» بالإنترنت والأجهزة الإلكترونية الحديثة ممن يتسمون بضعف التركيز ويفتقرون إلى المهارات الاجتماعية. وعلى عكس ذلك، تبيّن لتابسكوت أن هؤلاء يمثّلون مُجتمعاً ذكياً على نحو رائع، إضافة إلى توصّلهم إلى طرق جديدة ثورية في التفكير والتفاعل والعمل والمشاركة اجتماعياً. وتوصّل تابسكوت إلى صوغ عدد من الإرشادات إلى جيل الإنترنت، فوضعها على هيئة جمل قصيرة. ومن نماذج هذه الإرشادات «التحق بالجامعة لأنها أكثر تشويقاً من المدرسة الثانوية»، و «التكنولوجيا طريقك إلى النجاح في الاقتصاد القائم على المعرفة»، «كُن صبوراً في العمل، خصوصاً عند مواجهة التكنولوجيا القديمة والأساليب البيروقراطية في تسيير الأمور» و «بدلاً من الاندفاع على الفور، تمهل وكافح من أجل التغيير» و «لا تشترِ منتجات سيئة»، و «اجعل الشركات تعمل بنزاهة» و «استعد عادة الغداء مع الأسرة» وغيرها. كما قدم تابسكوت نصائح للتعرف إلى الكيفية التي تُعالج بها المعلومات في عقول أبناء جيل الإنترنت. وعرض طرقاً لجذب أصحاب المواهب وإدخالهم إلى ميدان العمل. وصاغ إرشادات للعاملين في مجال التعليم لاستغلال قدرات وطاقات أبناء جيل الإنترنت. وعمد تابسكوت إلى تضمين الكتاب إجابات عن بعض أسئلة جيل الإنترنت في الدول ال12 المذكورة آنفاً. وناقش مواضيع تهم هذا الجيل مثل قضاء الوقت مع الأسرة أو الأصدقاء، زيارة مواقع الألعاب الجماعية والعوالم الافتراضية، المدة الزمنية المخصّصة لممارسة ألعاب الفيديو أسبوعياً. وضمّن تابسكوت كتاب «جيل الإنترنت» إجابات من أبناء هذا الجيل عن الأسئلة السابقة. وتبيّن له أن قضاء وقت مع الأسرة هو أمر له أولوية عند معظم أبناء جيل الإنترنت، ما عدا أبناء هذا الجيل في أوروبا الوسطى واليابان، إذ يساوي هؤلاء بين وقت الأسرة وذاك المخصّص للأصدقاء. وفي الهند والصين، فاقت نسبة جيل الإنترنت ممن يزورون مواقع الألعاب الإلكترونية الجماعية والعوالم الافتراضية، نسبتها في الدول الأخرى التي شملتها الدراسة. واتّضح لتابسكوت أن أفراد جيل الإنترنت في الصين والهند يمارسون الألعاب الإلكترونية لقرابة ساعتين يومياً، وهي مدّة تفوق ما يخصصه مجايلوهم في الدول الأخرى، لهذه الألعاب.