يبدأ مجلس الشورى المصري اليوم تلقي طلبات الترشح لرئاسة تحرير الصحف القومية (شبه الرسمية) لتنتقل إلى عصر الانتخاب المباشر بعد أن ظلَّ منصب رئيس التحرير بالتعيين لسنوات طويلة منذ ستينات القرن الماضي، لكن هذا التحول لم يرض أطرافاً انتقدت استمرار تبعية الصحف الحكومية لإشراف المجلس الأعلى للصحافة التابع لمجلس الشورى الذي يهيمن عليه حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين». وكان مجلس الشورى اعتمد أول من أمس المعايير النهائية لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية وكلف لجنة الثقافة والإعلام بالبدء في تلقي الترشيحات من المؤسسات الصحافية. وتضمنت المعايير أن يكون المرشح معروفاً «بكفاءة مهنية وإدارية، وأن تكون لديه القدرة على التطوير والابتكار والإدارة الرشيدة، والقدرة على النهوض بالصحيفة، والانتقال بها إلى مرحلة المكاسب والأرباح والقدرة على المنافسة، وأن يقدم برنامجاً ورؤية واضحين للنهوض بالمؤسسة صحافياً وإدارياً ومالياً واجتماعياً، وأن يتمتع بسمعة طيبة وسيرة حسنة بين زملائه، وأن يكون نظيف اليد، ولم يتورط في وقائع فساد أو سوء إدارة أو إهدار للمال العام أو قضايا مخلة بالشرف، وألا يكون ممن تسري عليهم النصوص القانونية الخاصة بإفساد الحياة السياسية، وألا يكون تعرض لجزاء تأديبي من خلال نقابة الصحافيين، وألا يكون ممن طبع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وألا يكون ممن لهم علاقات مشبوهة مع جهات أجنبية تتآمر على مصر وشعبها، وأن يكون متقناً للغة العربية وملماً بلغة أجنبية، وأن يكون ذا ثقافة واسعة ومستوعباً لمقتضيات العصر، وأن يقدم أرشيفاً صحافياً يحتوي فكره ورؤاه وتصوراته وإبداعاته، وسيرته الذاتية يقدم فيها تعريفاً بخبراته والمهمات التي تولاها خلال سنوات خدمته، وألا يكون قد مارس خلط الإعلان بالتحرير أو العمل كمستشار إعلامي لمسؤول حكومي أو رجل أعمال أو شركة أو مصلحة محلية أو أجنبية». واشترط مجلس الشورى «ألا يزيد عمر المرشح على 60 سنة، وأن يكون ذا خبرة في المجال الصحافي لا تقل عن 15 سنة، وأن يكون أمضى السنوات العشرة الأخيرة متصلة في العمل في المؤسسة ذاتها، وأن يكون القرار محدداً بثلاث سنوات تجدد مرة واحدة فقط، على أن تتم مراجعة أرقام التوزيع والعلاقات المهنية». وأوضح المجلس في بيان أنه «على من يرغب في الترشح لهذا المنصب عليه تقديم ملف يشمل بياناته الشخصية وجانباً من أرشيفه الصحافي وخطة مختصرة حول فكرته لتطوير المطبوعة التي يرغب في رئاسة تحريرها، وتسليمه إلى لجنة الثقافة والإعلام والسياحة في المجلس». ورأى نقيب الصحافيين ممدوح الولي أن «الوسط الصحافي يشهد العديد من التغيرات بعد الثورة»، لافتاً إلى أن «المعايير التي يتم بها اختيار الأعضاء المترشحين لمناصب رؤساء التحرير تم وضعها من قبل أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين». وأشار إلى أن «الفترة التي سيشغلها رئيس التحرير ستكون 3 سنوات وقابلة للتجديد لفترة واحدة فقط شرط أن يحقق رئيس التحرير المنتخب ما تعهد به وقام بتقديمه مع أوراق ترشحه لتطوير الصحيفة الراغب في رئاستها». وقال ل «الحياة»: «أي محرر تحمل سيرته الذاتية ما يؤهله لتطوير الصحيفة ستقبل اللجنة أوراقه»، مشيراً إلى أن تلك الانتخابات «لن تقتصر على الصحف الرئيسة فقط، وإنما ستشتمل أيضاً إصدارات المؤسسات الصحافية التي يبلغ عددها 55». وكان اختيار رئيس التحرير في المؤسسات القومية يتم بالتعيين من خلال رئيس مجلس الشورى الذي يترأس أيضاً المجلس الأعلى للصحافة وبتوصيات من مؤسسة الرئاسة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. لكن الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة صلاح عيسي اعتبر أن المعايير التي تم الاتفاق عليها لانتخاب رؤساء التحرير «أكثرها غير مهني وفيها شروط سياسية مثل إلا يكون ممن ينطبق عليهم قانون إفساد الحياة السياسية ومن روَّج للتطبيع مع إسرائيل، وهي نصوص فضفاضة وتسمح بتغليب الأهواء كما أنها لم تنص على أن يكون المرشح تدرج في مسؤوليات التحرير في الصحيفة». وانتقد تشكيل اللجنة التي ستنتخب ثلاثة مرشحين قبل عرضهم على مجلس الشورى لاختيار أحدهم، مشيراً إلى أنها «يهيمن عليها أعضاء الحرية والعدالة (6 من بين 14) وهم ليست لديهم القدرة على الاختيار، وهناك مخاوف من أن تكون الاختيارات على أساس انتماءات سياسية». ورأى أن «الأجدى أن يقوم مجلس الشورى بتحرير الإعلام من قبضة الدولة ليكون مستقلاً عن كل السلطات والفرقاء السياسيين وأن ينتقل حق الملكية إلى مجلس وطني مستقل». وعلى النهج نفسه، سار وكيل نقابة الصحافيين جمال فهمي الذي وصف المعايير بأنها «مهينة ومضحكة»، معتبراً أن «جماعة الإخوان متوهمة أنها ورثت مخلفات عصر مبارك، وأنها تستطيع تحريكها لمصالحها، فاخترعت نظاماً ليس موجوداً في الدنيا يجعل وسائل الإعلام تدار ككيانات مخصصة لمصلحة الحزب الحاكم عبر إخضاعها لسلطة مجلس الشورى». وأضاف ل «الحياة» أن «محاولات الهيمنة تتم مداراتها بهذه اللجنة التي نعرف أنها ليست بعيدة عن الأهواء السياسية... نعرف أن لديهم قائمة من الأسماء وهذا الإخراج الركيك لتمرير قائمتهم». وشدد على أنه «يجب أن يقنن وضع المؤسسات الصحافية القانوني ككيانات مستقلة». وأعلن اتخاذ جماعات صحافية خطوات تصعيدية بينها الاعتصام ورفع دعاوى قضائية «لوقف المهزلة». غير أن رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس الشورى رئيس لجنة اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية فتحي شهاب الدين دافع في شدة عن معايير الاختيار، نافياً تدخل أي جهة في عمل اللجنة وقال ل «الحياة»: «لا حزب أغلبية ولا إخوان يتدخلون في عملنا».