«توقفوا عن المشي وابدأوا بركوب الدراجات، حان الوقت كي تتحرروا!»... بهذه الكلمات يسعى ممثل عن مصنع الدراجات النارية الهندي «باجاج»، الترويج لنشر الدراجات الرخيصة في مدن الصفيح الجنوب إفريقية. لكن محاولته لن تكون سهلة لأن ثقافة الدراجات غائبة في أوساط السكان. ويقول الهندي كاران باتني المسؤول عن التسويق في افريقيا الجنوبية لدى شركة «باجاج» التي تعتبر من الشركات العالمية الرائدة في هذا القطاع، والتي تصنع أكثر من 3 ملايين دراجة نارية سنوياً، «جنوب إفريقيا هي سوق مميزة جداً». ويشرح أن «السكان السود الذين يعيشون في مدن الصفيح لا يملكون وسائل للنقل. وهم يمشون ليصلوا إلى محطة سيارات الأجرة الجماعية، ويستقلون سيارة أو سيارتين للوصول إلى وجهتهم. وبالتالي، فهم ينفقون كثيراً من الأموال ويضيعون كثيراً من الوقت». توصل كاران إلى «حلّ سحري»، على حد قوله، يتمثل ببيع دراجة نارية قديمة لا تستهلك كثيراً من الوقود مقابل 10500 راند (ألف يورو)، أي أقل بسبع مرات تقريباً من سيارة مستعملة رخيصة الثمن. ويقول: «نحن الأوائل في افريقيا. وكل سنة، نبيع 400 ألف دراجة نارية في نيجيريا و100 ألف في أوغندا و100 ألف في أنغولا!». ويشير إلى أن القدرة الشرائية لدى السكان السود البالغ عددهم 40 مليون نسمة، أعلى من قدرة الأنغوليين البالغ عددهم 20 مليون نسمة. ويشدد كاران على أن «السكان الذين يعيشون في مدن الصفيح لديهم إمكانات هائلة». فأقل من 10 في المئة من السود في جنوب إفريقيا (الذين يمثلون 80 في المئة من السكان) يملكون سيارة، مقابل أكثر من 60 في المئة من البيض. وبغية الاستثمار في هذه السوق الجديدة، افتتحت شركة «باجاج» أربع نقاط بيع في مدن صفيح في جوهانسبورغ، وتسعى إلى افتتاح سبع أو ثماني نقاط إضافية في الأشهر المقبلة. ويقول كوينتون برينسلو المسؤول عن المبيعات لدى الشركة المستورِدة «ساوذرن أفريكان موتورسايكلز»، إن «الدراجات النارية هي وسيلة نقل معتمدة في كل أنحاء افريقيا ويُباع عليها الخبز». لكنه يشرح أن «هذا الأمر لا ينطبق هنا حيث تعتبر الدراجات النارية ألعاباً أو ترفاً ولا ينظر إليها على أنها وسيلة نقل». والدراجات النارية التي تحمل لوحة جنوب إفريقية والبالغ عددها 350 ألفاً هي في الغالب دراجات ترفيهية نراها في عطلة نهاية الأسبوع ويقودها عادة مواطنون بيض. ويقول كاتب الروايات البوليسية ديون ميير الذي يركب الدراجات النارية: «بعض السود لديهم دراجات نارية، في سويتو مثلاً، لكنهم لا يستخدمونها كوسيلة نقل للذهاب إلى العمل!». وفيما يعتبر ميير أن مبادرة «باجاج» هي «فكرة ممتازة»، يشير إلى أنه في «جنوب افريقيا، ينبغي أن تملك سيارة كي تكون مهماً. فالدراجة النارية لم تعتبر يوماً ترفاً، وينظر إلى راكبها على أنه فقير ولا يساوي شيئاً!». ويقول ماتيتا موكونياما المتخصص في وسائل النقل في مجلس الأبحاث العلمية والصناعية، إن نجاح شركة «باجاج» «رهن بالطريقة التي ستبيع فيها الدراجات، إذا كان هدفها تسهيل التنقل وتعزيز الحرية، فقد تنجح». ويبدو أن الشركة الهندية قررت تعزيز مبيعاتها بالتركيز على الأسعار المنخفضة وتقديم دروس في القيادة. ويقول أبو دايا وكيل الشركة في مدينة الصفيح «ألكسندرا»، إن «الدراجة النارية تستهلك قليل من الطاقة وهي وسيلة النقل الأرخص ثمناً». ويشير إلى أنه باع دراجتين في غضون شهرين، مضيفاً: «هذه ليست سوى البداية!».