طرحت سيدة سعودية فكرة إنشاء مشروع مركز تواصل يخدم الأطفال المصابين ب «التوحد» في مدينة القطيف، تحت مظلة جمعية القطيف الخيرية. ويُعد المركز الأول من نوعه في المحافظة، التي لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد المصابين ب «التوحد» فيها، وإن كان عددهم على مستوى المملكة يقدر بنحو 400 ألف مصاب. وجاءت فكرة إطلاق المشروع إثر «معاناة شخصية» مع أحد أطفالها. وكان السؤال الذي يراود ذهن ناهد الزاير: «ما الذي نستطيع فعله إزاء حال ابننا المصاب بالتوحد؟». وبدأت العائلة الصغيرة مشواراً طويلاً من البحث حول طريقة العلاج ومكانه، وكان لأصوات الأهالي الأثر الكبير في تحويل الفكرة إلى مشروع، اتخذت من خلاله الزاير موقف «المبادرة»، وحصد أولى نجاحاته بنيله جائزة «الملك خالد للإنجاز» أخيراً. ويواجه ذوو المصابين بمرض «التوحد» معاناة في إلحاق أولادهم بمركز متخصص في تأهيل «التوحديين»، فعدد المراكز قليل جداً، وقوائم الانتظار فيها تفوق عدد المقبولين فيها بأضعاف، فضلاً عن ارتفاع رسومها، وقلة المؤهلين المتخصصين في التعامل مع هذه الفئة. وأكدت الزاير، ل «الحياة» أن «المعاناة سبب إطلاق فكرة المشروع»، وأوضحت «تابعت عن كثب مركز الرعاية النهارية في القطيف، كداعمة للأمهات، من خلال تجربة شخصية نتبادل من خلالها الخبرات، وذلك ما أيقظ داخلي الشعور والإحساس بالمسؤولية تجاه إنشاء مركز متخصص يخدم الأطفال المصابين ب «التوحد». ومن هنا انطلقت الفكرة التي تقدمت بها إلى جمعية القطيف الخيرية، بالاستعانة بمختصين وخبراء في المجال ونالت الاستحسان». وقالت ناهد الزاير، التي تعمل في مجال التربية والتعليم: « طموحات كبيرة تتنفسها الكثير من العائلات التي تضم أطفال التوحد، أبرزها الرغبة في تحويل مستقبل هذه الفئة»، مضيفة « أن التجربة الشخصية التي خضتها أشعلت بداخلي الإحساس بالمسؤولية تجاه كل طفل يعاني هذه المعاناة»، مضيفة: «من جملة الصعوبات التي عانيتها إدخال طفلي المدارس العامة، وما كان ليتحقق ذلك لولا حصولي على تقرير من جهة متخصصة يفيد بقدراته وإمكاناته. وبدا التطلع أكثر شمولية ونتساءل حول مصير أطفال التوحد بعد مرحلة الدراسة وإدماجهم مع المجتمع، وكل تلك الجهود بحاجة لجهود مكثفة لبلورتها في الاتجاه الصحيح». وباستثناء كونه الأول في محافظة القطيف، يتميز المركز بكونه «لا يستقبل أي نوع من أنواع الإعاقات الأخرى ويتخصص في التدخل المبكر، ويمنح الأطفال اهتمامات أخرى على المستوى السلوكي والأكاديمي واللغوي والاجتماعي والنفسي، ويؤهل الأسر ويقدم التوعية للمجتمع من جميع النواحي للوصول إلى أفضل النتائج، فالتوحد كمرض بحاجة إلى استمرارية وتفهم من قبل الأسر، ويستمر خلال أعوام العمر بحسب النتيجة التي يصل إليها الطفل، لذلك نحن في حال اهتمام بالمرحلة التي تلي مرحلة الدراسة».وحددت الزاير المشكلات التي تواجه المركز في «عدم استقرار الكوادر الإدارية»، إلا إنها أشارت إلى الجهود التي تبذلها جمعية القطيف الخيرية «لدعم المشروع ومساعدة الأهالي، وبخاصة العائلات التي لا تستطيع تسديد الرسوم». ويتطلع المركز ل «مستقبل أطفال التوحد ودمج المؤهلين في المدارس العامة، وإنشاء مراكز متخصصة لغير المؤهلين، واستقطاب الكوادر المؤهلة، وإنشاء نوادٍ صيفية وأخرى على مدار العام، وتوعية المجتمع ومنحهم الفرصة للتكيف مع المجتمع بالشكل الصحيح». وطالبت عضو المركز ناهد الزاير الأجهزة الحكومية ب»إيلاء هذه الفئة اهتماماً أكبر»، مضيفة أن «نسبة المصابين ب «التوحد» في تضاعف بشكل كبير»، مطالبة ب «مضاعفة عدد المؤسسات الطبية ومراكز العلاج المبكر، لأنهم سبب من أسباب تحسن الكثير من الحالات، ومساعدة الأهالي نظراً إلى كلفة العلاج الباهظة».