تتجه دول الخليج إلى تقليص حجم الإنفاق الحكومي، بعد تحذيرات من تآكل الاحتياطات خصوصاً في ظل مخاوف من تراجع أسعار النفط وهي المحرك الرئيس والممول لهذا الإنفاق والفوائض المالية فيها. ورأت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، أن ذلك «سيؤدي إلى إعادة درس الأولويات في الإنفاق الحكومي، على أن تُستثنى المشاريع المتعلقة بالسكان أو العوامل الديموغرافية من عملية خفض الإنفاق، لتستمر في طليعة المشاريع مثل الصحة والرعاية الصحية والتعليم. ولم يستبعد التقرير، أن «تكون مسألة تحقيق فوائض، موضع مراجعة لاحتساب أسعار النفط الجديدة مع وصولها إلى مستويات متدنية للمرة الأولى منذ أشهر، خصوصاً في حال استمرار السعر الحالي فترة طويلة، إذ بقيت تقديرات نسبة هذه الفوائض تتراوح بين 10 و 20 في المئة من الناتج المحلي للمنطقة ككل في حال بقاء النفط فوق مستوى 100 دولار. ويبلغ حجم الناتج المحلي للكويت 181 بليون دولار، والسعودية 622 بليوناً، والإمارات 358 بليوناً، وسلطنة عمان 77 بليوناً، وقطر 197 بليوناً، والبحرين 26 بليوناً لهذه السنة. وتمتل دول المجلس 40 في المئة من الاحتياطات النفطية المكتشفة، و23 في المئة من احتياطات الغاز العالمية. وبناء على توقعات انخفاض أسعار النفط وتآكل الفوائض المالية، نقل تقرير «المزايا» عن أوساط اقتصادية «توقعها بدء اعتماد الإنفاق الحكيم على البنية التحتية في دول الخليج، بحيث تُعطل أو تُلغى بعض المشاريع غير الضرورية، في مقابل التركيز على المشاريع المتعلقة بالسكان مثل السكن والتعليم والرعاية الصحية». وقدرت تقارير، أن يسجل الإنفاق الحكومي في دول مجلس التعاون «أدنى معدل زيادة هذه السنة عند 6 في المئة». وعلى رغم ذلك، «يعكس بدرجة أكبر معدل النمو القوي للإنفاق المحقق العام الماضي، والبالغ 17 في المئة، مدفوعاً بالإنفاق الاستثنائي بقيمة 27 بليون دولار في المملكة العربية السعودية». وحذر مصرف «ميريل لينش» الاستثماري، من «خروج اليونان من منطقة اليورو، الذي سيؤدي إلى تراجع الطلب على النفط بمعدل الثلث وانخفاض سعر برميل برنت إلى 60 دولاراً للبرميل، في وقت تراجع إلى ما دون 90 دولاراً للمرة الأولى منذ كانون الأول (ديسمبر) عام 2010. وأظهر التقرير أن طبيعة التركيبة السكانية التي يشكل الشباب 60 في المئة منها، تحتم على الحكومات الاستمرار في التركيز على المشاريع المتعلقة بالسكان وتخدم تطلعاتهم، إذ لفت إلى أن قطاع الرعاية الصحية «سيظل في أولويات الموازنات الحكومية». ولاحظ أن السعودية والإمارات «ستبقيان في طليعة الدول في المنطقة التي تنفق على الرعاية الصحية، إذ يُتوقع استمرار نمو الإنفاق عليه في المملكة ليصل حجمه إلى 23.4 بليون دولار نهاية هذه السنة»، استناداً إلى تقرير نشرته شركة «ألبن كابيتال». وفي الإمارات، يواصل قطاع الرعاية الصحية «تحقيق نسب نمو مطردة باعتماده سياسة واضحة المعالم تستهدف استقطاب الاستثمارات الطموحة». وتشير الأرقام إلى أن الاستثمارات في القطاع الصحي «قفزت من 3.2 بليون دولار إلى 11.9 بليون خلال ثلاث سنوات فقط». ولفت تقرير «المزايا القابضة»، إلى أن دول الخليج «استفادت من الطفرة الاقتصادية، مستغلة عائدات النفط المرتفعة في تمويل نهضة حضارية وعقارية». وأظهر تقرير للأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، أن حجم الناتج المحلي الإجمالي الخليجي «يبلغ 1.46 تريليون دولار هذه السنة بزيادة نسبتها 7 في المئة مقارنة بعام 2011، وبنمو حقيقي نسبته 4.6 في المئة هذه السنة»، في حين أصدر الاتحاد التقرير الاقتصادي الفصلي حول أداء اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في الربع الأول من السنة، مرجحاً «استمرار الأداء الإيجابي لهذه الاقتصادات». واعتبر التقرير، أن تطوير قطاع الرعاية الصحية «كفيل بتقدم قطاعات اقتصادية أخرى مثل السياحة»، مشيراً إلى أن إمارة دبي «استطاعت تسويق نفسها مركزاً للسياحة العلاجية مستفيدة من البنية التحتية وملايين السياح، إذ قدّرت أوساط حكومية أن يتجاوز قطاع السياحة العلاجية فيها 6 بلايين درهم، مع إمكانات بنمو كبير خصوصاً أن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي ينفقون نحو 91.8 بليون درهم سنوياً على العلاج في الخارج والدول الأكثر نمواً في مجال السياحة العلاجية، وهي الهند وتايلند وسنغافورة. يُذكر أن مساهمة القطاع الخاص الخليجي في الناتج المحلي تتراوح بين 33 و 35 في المئة، وارتفعت قيمة مساهمة القطاع الخاص الخليجي في الناتج المحلي لدول المجلس من نحو 205.9 بليون دولار عام 2005، إلى 236.6 بليون عام 2006 أي بزيادة 14.9 في المئة، لترتفع مرة أخرى إلى 272 بليون عام 2007 بنسبة 15 في المئة، ثم إلى 320 بليوناً عام 2010. ويتركز معظم مساهمات القطاع الخاص في قطاعات الصناعات التحويلية والتجارة والسياحة والنقل والمواصلات والخدمات المالية والتأمين.