تسجل الدول الخليجية نشاطاًً صناعياً لافتاً، يتمثل في تطوير المدن الصناعية والمرافق والبنية التحتية اللازمة لتنشيط قطاع الصناعة الخليجية ورفع مساهمتها في الناتج المحلي وتعزيزها في سبيل تطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية. ويندرج ذلك ضمن خططها الاستراتيجية لتنويع مصادر الدخل وإيجاد فرص استثمارية واقتصادية في قطاعات غير النفط والغاز. ولاحظ تقرير لشركة «المزايا القابضة»، أن الاستثمارات الصناعية «تأتي في طليعة الاهتمامات التي تضعها الحكومات الخليجية والعربية في استراتيجيات الإنفاق، إذ توقعت دراسات أعدتها مؤسسات أبحاث، أن «تتجاوز الصناعات الخليجية تريليون دولار هذه السنة، خصوصاً أن القطاع الصناعي يساهم في نحو 10 في المئة من الناتج المحلي في دول الخليج، وتحديداً الصناعات البتروكيماية والمعادن والصناعات التحويلية والأغذية». وأشار إلى تقرير للأمانة العامة لاتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي توقع أن «يبلغ حجم الناتج المحلي الخليجي 1.46 تريليون دولار هذه السنة بزيادة نسبتها 7 في المئة، مقارنة بعام 2011، وبنسبة نمو حقيقي 4.6 في المئة، هذه السنة». الإنفاق على مشاريع نفط وغاز ولم يستبعد تقرير اتحاد الغرف للربع الأول من السنة، «استمرار الأداء الإيجابي لاقتصادات دول الخليج، مع بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة وتعافي النشاط غير النفطي». وتتصدر الإمارات والسعودية طليعة دول المنطقة، بحيث تخططان لإنفاق 60 بليون دولار على مشاريع لإنتاج النفط وتكريره في السنوات الخمس المقبلة. تليهما الكويت وقطر بإنفاق 14 و13 بليوناً لكل منهما. ورجّح أن «يبلغ الفائض في الحساب الجاري 265 بليون دولار مقارنة ب 279 بليوناً عام 2011. ويعكس الانخفاض الطفيف، التراجع النسبي في حجم الإنتاج النفطي الذي زاد عام 2011 لتعويض النفط الليبي». ويُقدّر أن «يبلغ الفائض في الحساب الجاري 124 بليون دولار في السعودية و29 بليوناً في الإمارات و62 في الكويت و41 في قطر و8 بلايين في عمان وبليونين في البحرين. ويُرجح أن تبلغ صادرات دول مجلس التعاون الخليجي من السلع والخدمات 850 بليون دولار هذه السنة مقارنة ب 930 بليوناً عام 2011، والواردات 578 بليون دولار مقارنة ب 483 بليوناً». وأوضح تقرير «المزايا»، أن الاستثمار الكثيف في المشاريع الصناعية يهدف إلى تجاوز تحدي الفوائض النفطية المتراكمة، إذ يتوجب على دول الخليج أن تقرر كيفية استثمار هذه الفوائض بأمان في ضوء المستقبل غير الواضح للاقتصاد العالمي». ولم يغفل وجود «تحديات متعلقة بقطاع الصناعة، لذا تحتاج الدول الخليجية إلى تجاوزها وهي ضعف العائدات الاستثمارية مقارنة بقطاعات أخرى، فضلاً عن الحاجة إلى رؤوس أموال ضخمة، ومهل أطول لإنشاء المصانع وتسويق الإنتاج، إضافة إلى نقص الكفاءات والخبرات العلمية، ما يضغط على مخرجات العملية التعليمية في المدارس والجامعات». وقدرت تقارير أن «يسجل الإنفاق الحكومي لدول مجلس التعاون الخليجي أدنى معدل زيادة هذه السنة لم تشهده منذ سنوات ويصل إلى 6 في المئة، ما يعكس بدرجة أكبر معدل النمو القوي للإنفاق عام 2011 والبالغ 17 في المئة، مدفوعاً بالإنفاق الاستثنائي بقيمة 270 بليون دولار في المملكة العربية السعودية». التكامل مع القطاعات الأخرى إلى ذلك، دعا خبراء دول الخليج إلى «زيادة معدلات النمو في القطاع الصناعي، والتركيز على زيادة نسبة المكون المحلي في منتجاته، إضافة الى تعزيز التكامل بين الصناعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى خصوصاً النفط والغاز، في ظل تطورات الأسواق العالمية الناتجة من أزمة المال». وأشار تقرير إلى أن مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج القومي لدول مجلس التعاون الخليجي «تخطت 10 في المئة في الكثير منها، ما يعكس النمو المتواصل للقطاع الصناعي وحجم الاستثمارات الحكومية والخاصة المتجهة نحو المشاريع الصناعية». ويُذكر أن مساهمة القطاع الخاص الخليجي في الناتج المحلي تتراوح بين 33 و 35 في المئة، كما بلغ متوسط معدلات النمو السنوي للقطاع الخاص الخليجي نحو 15 في المئة سنوياً. فيما ارتفعت قيمة مساهمة القطاع الخاص الخليجي في ناتج هذه الدول من نحو 205.9 بليون دولار عام 2005 إلى 236.6 بليون عام 2006 أي بزيادة 14.9 في المئة، لترتفع مرة أخرى إلى 272.0 بليون دولار عام 2007 بنسبة 15 في المئة، ثم إلى 320 بليوناً عام 2010. وقدرت مصادر رسمية ارتفاع قيمة الاستثمارات الصناعية في الإمارات بنسبة 12.8 في المئة لتصل إلى 114 بليون درهم ( 30 بليون دولار) العام الماضي مقارنة بعام 2010، إذ تسعى الحكومة إلى رفع هذه النسبة إلى 25 في المئة بحلول عام 2025. ولاحظ تقرير «المزايا» أن الإمارات «تستمر في الصناعات الغذائية في شكل لافت، إذ قدرت وزارة الاقتصاد حجم الاستثمار في هذه الصناعة بنحو 44 بليون درهم. وتعمل الوزارة على دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما الغذائية لرفع مساهمة هذه المشاريع في الناتج المحلي من 60 في المئة إلى ما بين 90 و 97 في المئة مستقبلاً». البنية التحتية في أبو ظبي وأعلنت «المزايا»، أن إمارة ابو ظبي «تسعى إلى تنمية قدراتها الصناعية في كل المجالات من خلال الاستثمار في البنية التحتية اللازمة، وتعمل على التوسع لتطوير 8 مناطق صناعية خلال هذا العقد، لتصل مساحتها الإجمالية إلى 100 كيلومتر مربع». ولفتت إلى أن أبو ظبي «تراهن على تطوير المناطق الصناعية المتخصصة، بما يدعم النمو المتوقع لاقتصاد الإمارة في السنوات المقبلة، ضمن خطط واستراتيجيات تطوير القطاع الصناعي للمساهمة بفاعلية في الناتج، في إطار خطط الحكومة الرامية إلى تنويع مصادر الدخل عبر تنفيذ التوجهات المعلنة في «رؤية أبو ظبي 2030». في حين تسعى إلى رفع الناتج المحلي لقطاع الصناعة في أبو ظبي ب 92 بليون درهم بحلول عام 2020 وتأمين نحو 170 ألف فرصة عمل». وفي السعودية، كشفت مصادر رسمية أن حجم الاستثمارات في مدينة رأس الخير التعدينية، بلغ نحو 115 بليون ريال، لتتحول من منطقة صناعية إلى مدينة صناعية كبرى، تضاهي كبرى المدن الصناعية. إلى ذلك، دشن في الدمام شرق السعودية المصنع الأول لإنتاج توربينات الغاز وضواغط الهواء في السعودية، بشراكة سعودية - ألمانية قادتها مجموعة «سيمنز» بكلفة 800 مليون دولار، ويشكل المصنع الجديد إضافة رئيسة لإنتاج الطاقة وتوفير المعدات اللازمة، مع ازدياد الطلب بقوة على الكهرباء.